خيارات مصر لرفض تهجير الفلسطينيين محدودة لكنها ليست معدومة

إحياء فكرة نقل النازحين إلى صحراء النقب قد يكون مقترحا مصريا بديلا.
الجمعة 2025/02/07
مأزق مصري

تحتفظ مصر بأوراق ضغط، رغم محدوديتها، من أجل مواجهة خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة. ومن ضمن هذه الأوراق، وفق مراقبين، تعزيز سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة، وتسريع جهود إعادة الإعمار، وربما نشر قوة حفظ سلام دولية أو عربية لفصل غزة عن المستوطنات الإسرائيلية.

القاهرة - يستبعد محللون أن تغامر مصر بالدخول في صدام مباشر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن خطته لتهجير الفلسطينيين في غزة، وهو ما يطرح تساؤلات بشأن خيارات القاهرة.

ويرى المحللون أن خيارات القاهرة في التعامل مع إصرار ترامب على تنفيذ خطته و”ثقته” في القدرة على تنفيذها، محدودة لكنها ليست معدومة.

ومن المعروف عن ترامب أنه رجل يحب الصفقات في وقت تعاني القاهرة من أزمة اقتصادية قد يستغلها الرئيس الأميركي لعرض مجموعة من الحوافز قبل تفعيل حزمة من الضغوط الاقتصادية.

وقد يلجأ ترامب إلى دعوة نظيره المصري عبدالفتاح السيسي إلى البيت الأبيض، وعرض حزمة من المساعدات المالية، وصفقات اقتصادية وعسكرية، وإلغاء محتمل لجزء من الدين الخارجي لمصر (الذي يبلغ 153 مليار دولار). وقد تعمل هذه الحوافز على تليين موقف القاهرة.

وقد عرض بالفعل على مصر حوافز بإعفائها، إلى جانب إسرائيل، من تجميد المساعدات الأميركية للدول في جميع أنحاء العالم.

وكان خطاب ترامب بشأن خطة التهجير بثقة هائلة وتهديد ضمني. فقد قال الخميس الماضي “نحن نفعل الكثير من أجلهم (مصر والأردن)، وسيفعلون ذلك.” وأضاف الرئيس الأميركي أن إعادة بناء غزة ستستغرق 15 عاما.

وأكد ترامب تصريحه الجمعة بالقول “الأردن ومصر سيقبلان الناس من غزة. سمعت شخصا يقول إنهما لن يقبلا، لكنني أعتقد أنهما سيقبلان. أنا واثق من أنهما سيفعلان ذلك.”

مأزق

شخصيات من المعارضة المصرية تحذر من إمكانية وجود مفاوضات غير معلنة جارية بين المصريين والأميركيين

من غير المرجح أن تصعّد مصر التوترات أو تواجه الإدارة الأميركية بشكل مباشر، خاصة في ضوء الدعم القوي الذي تقدمه الولايات المتحدة للقاهرة.

ومع ذلك، يمكن لمصر المناورة للخروج من الضغوط الأميركية من خلال الاستفادة من دورها كوسيط في التفاوض على اتفاق وقف إطلاق النار وتأمين صفقة تبادل الرهائن بين إسرائيل وحماس. كما أن الأهمية الإستراتيجية للقاهرة بالنسبة لإسرائيل، والتي يعترف بها المسؤولون الإسرائيليون علنا، توفر لها أيضا بعض النفوذ الدبلوماسي.

ويرى الكاتب محمود حسن في تقرير نشره موقع مونيتور الشرق الأوسط أن هذا من شأنه أن يعزز المعارضة العربية والإسلامية لخطة التهجير. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الرفض الشعبي للتهجير، سواء داخل مصر أو بين الفلسطينيين، يمكن أن يستخدم للضغط على واشنطن لإعادة النظر في نهجها.

ومن بين الأوراق المهمة بشكل خاص التي يمكن أن تلعبها مصر الانهيار المحتمل لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إذا استمر التهجير إلى سيناء. وقد يؤدي مثل هذا السيناريو إلى إثارة هجمات فلسطينية من الأراضي المصرية على أهداف إسرائيلية، مما يؤدي إلى تصعيد التوترات بشكل كبير. وهذه نتيجة ترغب واشنطن بالتأكيد في تجنبها.

ويقترح المراقبون أيضا تعزيز سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة، وتسريع جهود إعادة الإعمار، وربما نشر قوة حفظ سلام دولية أو عربية لفصل غزة عن المستوطنات الإسرائيلية.

وفي نهاية المطاف، من المرجح أن تشكل السياسة الواقعية المفاوضات المقبلة بين مصر والولايات المتحدة. فكل من ترامب والسيسي يشتركان في مصلحة إبعاد حماس عن السلطة.

ومع ذلك، لكي توافق مصر على خطة التهجير، فإن الأمر يتطلب تنازلات هائلة قد لا يكون السيسي راغبا أو قادرا على تقديمها بسبب المخاطر السياسية والأمنية والإستراتيجية الكبيرة التي تنطوي عليها.

ومع المشاركات الدبلوماسية المقبلة، بما في ذلك زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى واشنطن الأسبوع المقبل، والمفاوضات الجارية خلف الكواليس بين المسؤولين المصريين والأميركيين، ستحمل الأيام المقبلة تطورات جديدة. لكن النتيجة ستعتمد على مدى استعداد ترامب لدفع نهجه القائم على العصا والجزرة.

صفقة محتملة

عملية تهجير غير معلنة قد تحدث. فقد تقبل مصر بهدوء عددا معينا من النازحين من غزة باعتبارهم لاجئين
عملية تهجير غير معلنة قد تحدث. فقد تقبل مصر بهدوء عددا معينا من النازحين من غزة باعتبارهم لاجئين

يثير إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أن تقبل مصر والأردن الفلسطينيين النازحين من قطاع غزة مخاوف كبيرة بشأن صفقة محتملة يجري التفاوض عليها خلف الأبواب المغلقة.

وقد لا تكون التفاصيل النهائية لمثل هذه الصفقة قد تشكلت بالكامل بعد، خاصة في ضوء الرفض الرسمي من قبل الاجتماع العربي السداسي في القاهرة مؤخرا.

واختتمت مصر والأردن وفلسطين والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة اجتماعها بدعوة الإدارة الأميركية إلى متابعة حل الدولتين.

وتحذر شخصيات من المعارضة المصرية من إمكانية وجود مفاوضات غير معلنة جارية.

وأعلن السيسي شخصيا رفض مصر لتهجير الفلسطينيين خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الكيني وليام روتو في القاهرة. ووصف هذا التهجير بأنه ظلم لا يمكن لمصر أن تشارك فيه، مؤكدا أن الحل يكمن في إقامة دولة فلسطينية ذات حقوق تاريخية على حدود ما قبل يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وعلى الرغم من هذا الموقف العلني، جامل السيسي ترامب مرة أخرى، حيث صرح بأن قيادة الرئيس الأميركي يمكن أن تبشر بـ”العصر الذهبي للسلام” في الشرق الأوسط. ووفقا لبيان من الرئاسة المصرية، أكد السيسي أن المجتمع الدولي يعول على قدرة ترامب على التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي ودائم من شأنه أن يحل الصراع طويل الأمد في المنطقة.

وحث آدم بوهلر، المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الرهائن، مصر والأردن على تقديم حلول بديلة إذا رفضتا خطة التهجير. وأشار إلى أن ترامب اقترح ما يعتبره خيارا مناسبا لكلا البلدين لكنه لا يزال منفتحا على بدائل أخرى.

ومن بين الاحتمالات إحياء فكرة نقل النازحين الفلسطينيين إلى صحراء النقب (12500 كيلومتر مربع)، التي تحتلها إسرائيل وتحد شبه جزيرة سيناء المصرية.

وحذر محلل سياسي طلب عدم الكشف عن هويته من أن عملية تهجير غير معلنة قد تحدث. فقد تقبل مصر بهدوء عددا معينا من النازحين من غزة باعتبارهم “لاجئين”، وتدمجهم بطريقة مماثلة لتلك التي يتم بها دمج اللاجئين السوريين والسودانيين الموجودين بالفعل في البلاد.

وقد يتضمن سيناريو آخر استقبال الفلسطينيين الجرحى ومرافقيهم تحت ذرائع إنسانية، دون ضمان عودتهم إلى غزة. وبالإضافة إلى ذلك، قد تتم إعادة توطين الأسر من غزة بشكل غير رسمي في رفح والعريش داخل مصر.

 

اقرأ أيضاً:

6