خوري تكشف مهام اللجنة الاستشارية لإنهاء الانسداد السياسي في ليبيا

نائبة رئيس البعثة الأممية ترد على المشككين في جدوى اللجنة، وتؤكد أنها أولى خطوات الخروج بخيارات لحل القضايا الخلافية العالقة الخاصة بالانتخابات.
الأحد 2025/02/09
اللجنة الاستشارية الليبية تعقد أول اجتماعاتها بحضور ستيفاني خوري

طرابلس - أكدت نائبة الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا ستيفاني خوري، اليوم الأحد، أن اللجنة الاستشارية هي "أولى الخطوات في المسعى نحو الخروج بخيارات تساعد في تيسير حل القضايا السياسية الخلافية العالقة الخاصة بالانتخابات"، مشددة على أهمية "دعم المؤسسات الليبية في إجراء انتخابات وطنية شاملة وذات مصداقية في إطار زمني واقعي، مع الحفاظ على الاستقرار الهش في البلاد"، وذلك ردا على المشككين في جدوى اللجنة في مقدمتهم مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني.

وقالت خوري خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال اللجنة في جنزور غرب طرابلس، "وكلنا هذه اللجنة لتضع مقترحات سليمة من الناحية الفنية وقابلة للتطبيق سياسيا، لحل القضايا الخلافية العالقة في الإطار الانتخابي بغية تمكين إجراء الانتخابات".

وعبرت خوري عن توقعها أن "تكون نتائج مداولات اللجنة مفيدة للمراحل اللاحقة من العملية السياسية، وأن تدعم صنّاع القرار والمؤسسات الليبية، لتجاوز الانسداد السياسي الحالي، وهو ما دعت إليه الفقرة 5 من قرار مجلس الأمن 2755 لسنة 2024"، معتبرة أن "الهياكل الانتقالية في ليبيا تنهار تحت وطأة الاستقطاب السياسي، والافتقار إلى مشروع واضح لنظام حكم دائم، بينما الشرعية الديمقراطية التي اكتُسبت بعد الثورة تتلاشى بشكل سريع".

وأعادت المسؤولة الأممية تأكيد أن "اللجنة الاستشارية ليست هيئة لاتخاذ القرارات، ولا تحل محل أي من المؤسسات القائمة، وهدفنا هو أن تُنهي اللجنة عملها في أقصر وقت ممكن"، مشيرة إلى أن هذه اللجنة "ستُبنى على الأطر والقوانين الليبية القائمة، بما في ذلك الاتفاق السياسي الليبي، وخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي، والقوانين الانتخابية للجنة (6+6)".

وفي حين تحدثت نائبة رئيس البعثة الأممية في كلمتها عن "مهنية وخبرة أعضاء في القضايا القانونية والدستورية و/أو الانتخابية، وقدرتهم على التوصل إلى حلول وسط، وفهمهم التحديات السياسية التي تواجه ليبيا"، أشارت إلى ضرورة "النظر في التجارب السابقة واستخلاص الدروس، لتحديد الطريق إلى الأمام".

ونوهت خوري إلى أن "القضايا ليست معقدة فحسب، بل إنها أيضًا عرضة للاستغلال السياسي في سياق شديد الاستقطاب مثل واقع ليبيا اليوم"، لافتة إلى "المسؤولية الجماعية في الحفاظ على نزاهة هذه اللجنة من خلال التركيز على المهمة الموكلة إليها، ووضع المصلحة الوطنية أولاً، والارتقاء فوق المصالح الحزبية".

وتقع اللجنة الاستشارية ضمن مبادرة متعددة المسارات أعلنتها خوري، منتصف ديسمبر الماضي، مكونة من مرحلتين، الأولى تشكيل لجنة استشارية لتقديم مقترحات "ملائمة فنياً وقابلة للتطبيق سياسيا، لحل القضايا الخلافية العالقة من أجل تمكين إجراء الانتخابات"، وهي التي أعلنت تشكيلها الثلاثاء الماضي، والثانية إطلاق حوار ليبي واسع النطاق لتحديد مسببات النزاع القائمة منذ أمد طويل وتصور الحلول له.

وتضم قائمة اللجنة 20 شخصية ليبية جرى اختيارهم بناء على خبراتهم وقدراتهم في القضايا القانونية والدستورية والانتخابية، بالإضافة إلى قدرتهم على تحقيق التوافق وفهم التحديات السياسية التي تواجه ليبيا، كما أشار البيان إلى اعتبارها العوامل الثقافية وتمثيل المرأة والتوازن الجغرافي أثناء الاختيار.

وبينما لقي تشكيل اللجنة ترحيبا دوليا واسعا، أعلنته سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وبعثة الاتحاد الأوروبي، اختلفت مواقف الداخل الليبي بين الصمت والتحفظ والتشكيك ما زاد من حجم الغموض حول مصير أعمال هذه اللجنة ومستقبلها.

واتفق محمد تكالة وخالد المشري، المتنازعين على رئاسة المجلس الأعلى للدولة، على التحفظ على طريقة تشكيل اللجنة، إذ اعتبر المشري أنها "غير متوازنة بكل المعايير" وعليه "يصعب أن تقترح حلولا متوازنة ومقبولة".

أما تكالة فاعتبر أنها تشكلت "دون أي معايير"، واتهم البعثة بتشكيلها "دون التشاور مع الأجسام الشرعية المنوطة بهذه المهام دستورياً وفق الاتفاق السياسي وهما: مجلسا النواب والدولة، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدي "إلى إضافة طرف جديد في الأزمة الليبية بدلًا من حلها"، خاصة أن أسماء اللجنة "لا تعكس أي توازن سياسي أو توافق" على حسب تعبيره.

أما المجلس الرئاسي فقد استبق إعلان البعثة تشكيلةَ اللجنة وطالبها بالتوازن والاستقلال في تشكيلها، وفي إشارة لعدم الإلزامية بنتائج أعمالها دعا إلى ضرورة تقييم توصياتها و"الاستئناس" بها للاحتكام إلى الشعب عبر استفتاء حول النقاط الخلافية المتبقية في القوانين الانتخابية.

ولم يصدر عن قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ومجلس النواب أي موقف حتى الآن، بالإضافة إلى الحكومتين، حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي.

ووصف مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني، إعلان البعثة الأممية تشكيل لجنة استشارية دون توضيح معايير اختيار أعضائها، بالعبث.

وقال إن ما يصدر عن البعثة الأممية من كلام ما هو إلا حلقة مفرغة من كلامها السابق، وزيادة في تعميق الأزمة واستمرارها في ليبيا.

وزعم الغرياني أن البعثة لا تملك من أمرها شيئا، وأن المجتمع الدولي من خلال الدول الغربية هم المهيمنون عليها، وهم يساوون بين الضحية والجلاد.

وأرجع الغرياني سبب سيطرة المجتمع الدولي على ليبيا من خلال البعثة الأممية، إلى تقاعس من يحملون السلاح في ليبيا وتركهم واجبهم.

واستنكر سعي البعثة الأممية لتشكيل حكومة بدل حكومة الوحدة الوطنية، دون أن تتكلم عن البرلمان وحكومة حماد.

وجدد تأكيده على أن استقرار ليبيا لا يكون إلا بإجراء انتخابات واستفتاء على الدستور، داعيا البعثة إلى إلزام كافة الأطراف بالاستفتاء إن أرادت مساعدة الليبيين حقاً.

وحذر من الاستجابة لما وصفه بالعبث الذي تفرضه البعثة الأممية، داعياً كل من لديه مبدأ بعدم الوقوف في صفهم، معتبراً أن البعثة لا تأتي إلا بالشر.

ويبدي محللون تفاؤلا بفرص نجاح هذه اللجنة بالنظر إلى الأسماء التي جرى اختيارها، من بينهم الباحث السياسي في الدراسات الاستراتيجية محمد امطيريد، الذي اعتبر أن "الأسماء التي جرى اختيارها مقبولة، وليست لها توجهات سياسية"، متوقعًا في تصريح لقناة "الوسط" المحلية أن تتوصل إلى "إجراء انتخابات البرلمانية في ظل خلاف مستمر بشأن ترشيح مزدوجي الجنسية.

بينما أشار الأكاديمي والباحث السياسي الليبي د. يوسف الفارسي في مقابلة مع قناة "الوسط" إلى ما يعتقد أنها "عيوب شابت اختيارات الأمم المتحدة أسماء اللجنة الاستشارية، إذ إن بعض الشخصيات ليست محل توافق". وذهب إلى أن "البعثة تجاوزت مجلسي النواب والأعلى للدولة بحجة انقسام الأخير بين رئاستين متنازعتين".

وكانت خوري قد أعلنت في منتصف ديسمبر الماضي عن مبادرة تتألف من خطوتين، يتم في الأولى تشكيل لجنة فنية مكونة من خبراء ليبيين لوضع خيارات تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية "في أقصر وقت ممكن".

وحددت خوري مهام هذه اللجنة التي وصفتها بـ"الاستشارية" في وضع خيارات لإطار واضح لحكومة موحدة وتحديد محطاتها الرئيسية وأولوياتها قبل التوافق على تشكيلها.

وفي المرحلة الثانية، قالت خوري إنها ستعمل مع جميع الأطياف الليبية لتسيير حوار واسع النطاق للتوافق حول مسببات النزاع القائمة منذ أمد طويل، مشيرة إلى أن هذه المرحلة ستشارك فيها جميع الشرائح الليبية، كالأحزاب السياسية والشباب والنساء والقيادات المجتمعية، بالتوازي مع عمل البعثة على تشجيع الإصلاحات الاقتصادية والمساعدة في تعزيز توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية ودعم جهود المصالحة الوطنية.

وتعاني ليبيا انقسامات سياسية ووضعا أمنيا هشا، إذ تدير شؤون البلاد حكومتان: الأولى في طرابلس برئاسة الدبيبة، والثانية في شرق البلاد يترأسها أسامة حمّاد، وتحظى بدعم البرلمان.