خلافات بحزب المرزوقي قبل أشهر من الانتخابات المحلية

تونس - أظهرت وثيقة مسربة تكشف استقالة 12 عضوا من الهيئة السياسية لحراك تونس الإرادة، حجم الخلافات داخل الحزب الذي يقوده الرئيس السابق المنصف المرزوقي.
ومن المتوقع أن تؤثر موجة الاستقالات بشكل كبير على تحضيرات الحزب لخوض غمار الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في 17 ديسمبر المقبل.
وانتقد الموقعون على الوثيقة ما وصفوه بـ”مجموعة مضيقة” داخل الحزب تعمل على “الانفراد بالقرار وتوجيهه” وعزلها لمؤسسات الحزب وهياكله ومنخرطيه رغم الأخطاء المتتالية والفشل الواضح في إدارة مراحل سابقة والدفع نحو منهجية الفوضى والارتجال.
وأكد المستقيلون اعتماد بعض قيادات الحزب آليات عمل ممنهج لإقصاء كفاءاته وغلق المجال أمام كفاءات جديدة في محاولة لتحويل وجهة المشروع خدمة لمصالح شخصية.
وتضم المجموعة المستقيلة من الهيئة السياسية للحزب، كلا من زهير إسماعيل ومبروك الحريزي وإبراهيم بن سعيد وصبري دخيل وغسان المرزوقي وربيع العابدي وعياض اللومي وياسين أمية وزياد سلطان وسامي إيلاهي وليلى السبري وكريم الهمامي.
وسيطرت حالة من التحفظ والتكتم مع هذه الاستقالات إذ قالت لمياء الخميري الناطقة الرسمية باسم حراك تونس الإرادة لـ”العرب” إن الحزب لم يتلق أي وثيقة تؤكد استقالة هذه المجموعة.
وأعلن المرزوقي في ديسمبر 2015 عن تأسيس الحزب، ودمجه مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي شهد موجة من الاستقالات، لنفس الأسباب التي دفعت الهيئة السياسية لحراك تونس الإرادة للاستقالة.
وعقد الحزب في أبريل الماضي مؤتمره الأول وسط خلافات حادة. وقالت تقارير إعلامية حينئذ، إن حالة من التململ الداخلي شهدها الحراك كنتيجة لإصرار رئيس الحزب المنصف المرزوقي على تعيين كل من عدنان منصر وعماد الدايمي ضمن الهيئة السياسية التي تم تشكيلها خلال المؤتمر الأخير.
|
وعمل المرزوقي على تمرير بند ضمن النظام الداخلي يسمح له بتعيين نسبة من أعضاء الهيئة السياسية بشكل مباشر تحت مسمى النسبة التعديلية، وهو ما مكنه من فرض كل من الدايمي ومنصر، القياديين السابقين بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية.
وقوبل التعيين بتحفظات واسعة ورفض من جانب قواعد الحزب وأعضاء الهيئة السياسية والمكتب التنفيذي، نتيجة إصرار المرزوقي على فرض الدايمي ومنصر ضمن الدائرة القيادية العليا للحركة، وهو ما رأى فيه البعض عملية سيطرة وهيمنة من عناصر مفروضة من خارج الحزب على حساب شرعية المؤتمر.
وقال متابعون للشأن السياسي التونسي حينئذ إن ما قام به المرزوقي ينم عن عدم نضج سياسي ويؤكد أن الرجل لم يتعلم من أخطائه التي ارتكبها عندما كان رئيسا لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية.
وقال عماد الدايمي الخميس إن الحزب “يمر بفترة تقلبات” إلى جانب وجود “اختلافات في تقدير المواقف وإشكال تنظيمي يعمل الحزب على تطويقه” مؤكدا على غياب معالجة التجاذبات الكبرى بين قيادات حراك تونس الإرادة.
وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية أن الحزب يدفع ضريبة عقده لمؤتمره الأول بعد فترة وجيزة من الإعلان الرسمي عن تكوينه، عكس بقية الأحزاب التي “أنضجت مشاريعها قبل عقد مؤتمرها الأول”.
لكن المحلل السياسي المنذر ثابت يرى أن ما يعيشه الحزب من تصدعات، أمر متوقع في سياق طبقة سياسية لم تكن تطالب بالديمقراطية إلا لنفسها.
وأوضح ثابت لـ”العرب” أن الحراك حزب وجد لخدمة أجندة شخصية لشخص المنصف المرزوقي المثير للجدل وهو مدار وأصل وجود هذا الحزب.
ويرى ثابت أن “تمدد الحزب واتساع رقعة تمثيله لا يشكلان أولوية لقيادته بل على العكس، فكل منافسة لقيادته تعتبر خروجا عن النهج الثوري التي تميز أيديولوجيا هذا الشكل من التنظيمات”.
وبحسب ثابت فإن ما يعيشه حزب حراك تونس الإرادة ليس أمرا شاذا بل تعاني منه أغلب الأحزاب التونسية، إذ يرى أن المشكلة تتعلق بثورة ثقافية تنهي أسطورة الزعامة لإرساء مفهوم جديد للسياسة الجماعية وهو أمر ترفضه جل مكونات المشهد السياسي في تونس. ويضيف “وعليه فإن هذه الأحزاب لن تكون قادرة على كسب رهانات الحكم المحلي أو التأسيس لتنظيم سياسي متكامل المواصفات”.