خلافات إيمانويل ماكرون وبوريس جونسون تخرج إلى العلن

الرئيس الفرنسي يهدد بإغلاق الحدود مع بريطانيا توقيا من تفشي وباء كورونا.
الاثنين 2020/03/23
ماكرون لجونسون: مستعد للمواجهة؟

أبرزت تداعيات وباء كورونا على الصحة والاقتصاد والحياة العامة في أوروبا تلاسنا خفيا بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، حيث كشفت مصادر أن ماكرون هدد جونسون بغلق الحدود الفرنسية مع المملكة المتحدة توقيا من تفشي وباء كورونا.

باريس – أدخل وباء كورونا العالم في متاهات أزمة صحية عميقة، ولكن الأمر لم يقتصر على الصحة فقط، حيث تعدّى ذلك ليعمّق أزمات دبلوماسية بين دول وأخرى، ويُخرج خلافات إلى العلن بين بعض الزعماء على غرار ما يحدث بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

والأحد بات جليّا أن ما يفرّق الزعيمين الأوروبيين أكثر مما يجمعهما الآن حيث كشفت صحيفة ليبراسيون الفرنسية أن ساكن الإليزيه قد هدد بإغلاق حدود فرنسا مع المملكة المتحدة الجمعة الماضي إذا لم يتخذ رئيس الوزراء البريطاني إجراءات أكثر صرامة لاحتواء تفشي وباء كورونا.

وكان جونسون قد أمر مساء الجمعة بإغلاق الحانات والمطاعم والمسارح ودور السينما وصالات التمرينات الرياضية لإبطاء الانتشار المتسارع للمرض، وذلك بعد أيام من فرض دول أوروبية أخرى قيودا صارمة على حركة مواطنيها بهدف كبح جماح كوفيد-19.

وذكرت الصحيفة الفرنسية، نقلا عن مصادر في مكتب ماكرون، أن قرار جونسون جاء بعد أن وجّه له الزعيم الفرنسي إنذارا صباح الجمعة مهددا بفرض حظر على دخول أي مسافر قادم من بريطانيا إذا لم تتخذ إجراءات جديدة.

ونقل التقرير عن مسؤول في الإليزيه قوله “اضطررنا لتهديده بشكل واضح لجعله يتحرك في نهاية الأمر”.

وامتنع مكتب ماكرون عن التعليق لكنّ مصدرا مقرّبا من ماكرون أكد حدوث اتصال هاتفي بين الزعيمين الجمعة.

الحكومة البريطانية قالت إنها تتحرك بناء على إرشادات مستشاريها العلميين مع تعزيز جهودها للحد من تفشي وباء كورونا

وقال المصدر “الطريقة التي صوّرت بها قاسية قليلا لكننا كنّا بالفعل نستعد لإغلاق الحدود”.

وردّا على سؤال عن التقرير قالت متحدثة باسم داوننغ ستريت “كما قال رئيس الوزراء الجمعة، هذه الإجراءات الجديدة اتخذت بناء على نصيحة علمية وتماشيا مع خطة عمل الحكومة الموضوعة قبل أسبوعين”.

وقالت الحكومة البريطانية إنها تتحرك بناء على إرشادات مستشاريها العلميين مع تعزيز جهودها للحدّ من تفشّي وباء كورونا.

وأمر ماكرون بفرض قيود صارمة على تنقل الناس في فرنسا الاثنين.

وأغلقت المطاعم والحانات والمدارس في شتى أنحاء فرنسا، وأمرت الحكومة الناس بأن يلزموا بيوتهم وألّا يخرجوا إلا لشراء مستلزماتهم من السلع أو الذهاب للعمل أو التدريب أو للرعاية الطبية.

كما حثّ ماكرون الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على إغلاق حدودها الخارجية الأسبوع الماضي.

كورونا تحبس الفرنسيين في منازلهم
كورونا تحبس الفرنسيين في منازلهم

ويأتي هذا الخلاف بعد أشهر على خروج المملكة المتحدة من التكتل الأوروبي، حيث تحاول لندن عدم الانصياع لإملاءات بروكسل وحتى إتمام الخروج دون اتفاق تجاري، وهو ما يعني أنها ستصبح منافسا مباشرا لأعضاء التكتل وهو أمر يصعب تقبّله. وهناك علاقات تجارية وثيقة بين المملكة المتحدة، العضو السابق بالتكتل، والدول الأعضاء.

كما أن هناك مصالح تتعلق بصيد الأسماك وغيرها من المملكة المتحدة، حيث يطالب الاتحاد الأوروبي بتمكين المملكة للدول الأعضاء من النفاذ إلى مياهها من أجل الصيد، وهو ما تحاول لندن تجنّبه.

وتأثر الاتحاد الأوروبي كثيرا بمغادرة المملكة المتحدة، حيث أن حصتها من الميزانية سيتقاسمها باقي الأعضاء، وهو ما يعني عبئا إضافيّا عليهم.

وبالإضافة إلى ذلك يحاول ماكرون فرض نفسه زعيما للأوروبيين وذلك منذ تمكّنه من الوصول إلى دفّة الحكم في العام 2017.

ويبدو أن غضب ماكرون أذكاه القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ بداية تفشي وباء كوفيد-19 في أوروبا، حيث قرر منع دخول مسافرين أوروبيين واستثنى البريطانيين من هذا الإجراء.

ويؤكد هذا الإجراء مغازلة إدارة ترامب لجونسون لإبرام صفقة تجارية بين لندن وواشنطن وتجاهل بذلك مشروع الصفقة مع الاتحاد الأوروبي. وبالرغم من تهديد ماكرون لجونسون فإنّ مراقبين يرون أن باريس لن تقوى على اتخاذ إجراءات عملية جديدة، خاصة بعد دعوة ساكن الإليزيه الاتحاد الأوروبي إلى إغلاق حدوده الخارجية.

وبعد تناقل الأنباء بشأن التهديد الفرنسي لبريطانيا اتخذت حكومة جونسون إجراءات أخرى في محاولة للحدّ من انتشار الوباء.

والأحد طلبت الحكومة البريطانيّة من 1.5 مليون شخص يعيشون في البلاد ويُعتبرون الأكثر ضعفاً حيال كورونا، أن يُلازموا منازلهم لمدّة ثلاثة أشهر. وقالت الحكومة في بيان إنّ “ما يصل إلى 1.5 مليون شخص في إنجلترا حدَّدتهم خدمة الصحّة العامّة على أنّهم معرّضون بشدّة لأمراض خطيرة إذا أصيبوا بفايروس كورونا المستجدّ، سيتعيّن عليهم البقاء في المنزل لحماية أنفسهم”. وسيتمّ تخصيص خطّ هاتفي لمساعدة من هم في حاجة إليه، كما سيكون ممكناً توصيل أدوية إلى منازل الأشخاص المعزولين.

وقال وزير المجتمعات المحلية روبرت جنريك “سيكون وقتا مقلقا، خصوصا بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون مشاكل صحية خطيرة، وهذا هو السبب في أننا نأخذ إجراءات عاجلة لضمان اتخاذ الأشخاص الضعفاء للغاية خطوات إضافية لحماية أنفسهم”.

5