خطوة مهمة نحو تطوير علاج جيني لمتلازمة آشر

صمم فريق بقيادة باحثين في كلية الطب بجامعة هارفارد جينا مصغرا يحل محل الجين المتحور في متلازمة آشر من النوع "أف 1"، وذلك في خطوة مهمة نحو اكتشاف علاج جيني لهذا المرض الذي يصيب السمع والبصر معا. وتعد متلازمة آشر من الحالات الأكثر انتشارا ويعرّفها الأطباء بأنها مرض أو اضطراب له أكثر من عرَض.
بوسطن (الولايات المتحدة) - تعد متلازمة آشر من نوع "أف 1" مرضا وراثيا نادرا ولكنه شديد الوطء إذ يسبب الصمم وعدم التوازن والعمى التدريجي. وقد تمكن فريق بقيادة باحثين، في كلية الطب بجامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للعين والأذن وجامعة ولاية أوهايو، مؤخرا من تحقيق خطوة أولى مهمة نحو تطوير علاج جيني لهذا المرض.
وتم وصف الدراسة التي أُجريت على الفئران في 26 أبريل في "نيتشر كومينيكيشن"؛ فقد صمم العلماء جينا مصغرا (نسخة مختصرة من الجين) ليحل محل الجين المتحور في متلازمة آشر من نوع "أف 1". وتجعل الطفرة خلايا الشعر داخل الأذن الداخلية غير قادرة على إنتاج بروتين رئيسي يشارك في نقل الصوت. وفي الفئران زاد الجين المصغر من إنتاج البروتين المفقود، ما مكن خلايا الشعر من استعادة السمع.
ولأن فقدان البصر في متلازمة آشر من نوع “أف 1” ينطوي على شكل مختلف قليلا من نفس البروتين، يقول الباحثون إن نفس النهج قد يكون مفيدا للوقاية من العمى. وقال المؤلف أرتور إندجيكوليان، الأستاذ المساعد لطب الأنف والأذن والحنجرة في كلية الطب بجامعة هارفارد، “يولد المرضى المصابون بمتلازمة آشر من نوع ‘أف 1’ وهم يعانون من ضعف شديد في السمع وفقدان تدريجي للبصر، وحتى الآن تمكنا من تقديم عدد قليل جدا من الحلول لهذه الحالة".
◙ الجين المصغر زاد من إنتاج البروتين المفقود، ما مكن خلايا الشعر داخل الأذن من استشعار الصوت واستعادة السمع
ويخطط الباحثون لمواصلة اختبار الجين المصغر في نماذج حيوانية أخرى، وفي النهاية يأملون في اختباره على البشر. وقال المؤلف المشارك ديفيد كوراي، أستاذ العلوم الطبية الانتقالية في معهد بلافاتنيك في كلية الطب بجامعة هارفارد، "إنه لأمر مدمر تماما أن تولد مصابا بالصمم ثم تفقد بصرك، لذلك نأمل أن يتحول هذا الجين المصغر في النهاية إلى علاج لهذا المرض".
وعادة ما يولد الأطفال المصابون بمتلازمة آشر صما تماما أو يعانون من ضعف شديد في السمع ويفتقرون إلى التوازن ويفقدون الرؤية بمرور الوقت مع تدهور شبكية العين. ويحدث العمى عادة عند البلوغ. وتنشأ هذه المشاكل بسبب طفرة تتداخل مع إنتاج بروتين يسمى "بروتوكذرين – 15"، والذي له أشكال مختلفة قليلا في الأذن والعين وهو ضروري لخلايا الجهاز السمعي والبصري لتعمل بشكل صحيح.
ولطالما كان الباحثون في مختبر كوراي مهتمين بدور "بروتوكذرين – 15" في الأذن الداخلية. وعلى وجه التحديد أرادوا معرفة كيف يساعد البروتين المستقبلات الحسية المسماة خلايا الشعر في الأذن على تحويل الاهتزازات من البيئة إلى إشارات كهربائية، والتي يفسرها الدماغ على أنها صوت.
واكتشف فريق كوراي سابقا كيف يتعاون “بروتوكذرين – 15” مع بروتين آخر، يسمى “كذرين 23”، في خلايا الشعر لتكوين خيوط تسحب فعليا القنوات الأيونية المفتوحة أثناء اهتزاز الحزم الأذينية البطينية، ما يسمح للتيار الكهربائي بدخول الخلايا.
وفي حالة عدم وجود هذا البروتين لا يمكن للتيار الكهربائي أن يدخل خلايا الشعر، ولا يحدث التحويل من الاهتزاز إلى الكهرباء، ولا يمكن للدماغ أن يكتشف الصوت. ومن خلال هذا العمل أصبح كوراي مهتما بتصميم العلاج الجيني لمتلازمة آشر من نوع “أف 1”. وسيقدم العلاج الحمض النووي الذي يرمز إلى - 15 في الخلية، ما يمكّن الخلية من الشروع في صنع البروتين.
ونظرا إلى أن "بروتوكذرين – 15" كبير جدا، فإن الحمض النووي الخاص به كبير جدا أيضا بالنسبة إلى الكبسولة الفايروسية النموذجية المستخدمة لنقل المادة الوراثية إلى الخلية. لذلك قرر الباحثون استكشاف خيار آخر، وهو تقصير الحمض النووي لإنشاء جين صغير مازال يرمز إلى البروتين الوظيفي ولكنه صغير بما يكفي ليلائم الكبسولة الفايروسية.
◙ الباحثون يخططون لمواصلة اختبار الجين المصغر في نماذج حيوانية أخرى وفي النهاية يأملون في اختباره على البشر
وتعد متلازمة آشر من الحالات الأكثر انتشاراً التي تصيب السمع والبصر معا، ويعرّفها الأطباء بأنها مرض أو اضطراب يمتاز بأكثر من عرَض. وتشمل الأعراض الرئيسية لهذه المتلازمة فقدان المصاب للسمع وحدوث اضطراب في العين، والذي يطلق عليه اسم “التهاب الشبكية الصباغي".
ويسبب تطور التهاب الشبكية الصباغي فقدان الرؤية المحيطية، وكذلك العمى الليلي، وذلك نتيجة التدهور التدريجي في شبكية العين، والتي تكون في الجزء الخلفي، وهي نسيج حساس تجاه الضوء، وتعتبر مهمة في عملية الرؤية. ويضيق مجال رؤية المصاب في ما يعرف برؤية النفق أو الرؤية النفقية، حيث تصبح الرؤية مركزية فقط، أي إنه يرى أمامه مباشرة، كما أن العديد من المصابين بالمتلازمة يعانون كثيرا من مشكلة فقدان التوازن التي تكون عادة مشكلة حادة.
وتوجد ثلاثة أنواع سريرية من متلازمة آشر، مع ملاحظة أن النوعين الأول والثاني هما الأكثر انتشارا، وتمثل نسبة الإصابات بهذين النوعين حوالي 95 في المئة من جميع حالات المصابين بهذه المتلازمة. ويعاني المصابون بالنوع الأول من الصمم منذ الولادة، وكذلك من مشاكل توازن حادة، وعادة ما تبدأ مشاكل الرؤية بالظهور في سن العاشرة، وتؤدي إلى العمى.
ويظهر على المصابين بالنوع الثاني ضعف في السمع، ولا يعانون من مشاكل فقدان التوازن، وتظهر مشاكل الرؤية في سن المراهقة المبكرة، وتزداد بشكل بطيء مقارنةً بالمصابين بالنوع الأول من الصمم. ويتمتع المصابون بالنوع الثالث بسمع طبيعي، ويكون التوازن لديهم شبه طبيعي، وتكمن المشكلة لديهم في الرؤية، وبمرور الوقت تبدأ مشاكل فقدان السمع بالظهور شيئا فشيئا.