خطط رؤية 2030 قد لا تنجز في موعدها

السعودية تحتاج إلى سعر لا يقل عن 80 دولارا لبرميل النفط من أجل تمويل مشاريعها الضخمة.
الثلاثاء 2023/12/19
رؤية طموحة قد تعيق تقلبات أسعار النفط تنفيذها في موعدها

السعودية حققت تقدما في مجالات تتراوح من السياحة والتصنيع إلى الرقمنة وإدماج المرأة في سوق العمل ضمن رؤية 2030، لكن التكاليف تتزايد بالنسبة إلى الاقتصاد الذي لا يزال يعتمد على الطاقة لتوفير الجزء الأكبر من الإيرادات المالية.

الرياض- تتزايد التكهنات حول التقدم المحرز في رؤية 2030، وهي خطة المملكة العربية السعودية الطموحة لتحديث اقتصادها وتنويعه، كلما تراجعت أسعار النفط، في وقت تحتاج فيه عائداته أكثر من أي وقت مضى.

وفي مقال نشرته وكالة بلومبرغ بتاريخ 7 ديسمبر تحت عنوان “المملكة العربية السعودية تقول للمرة الأولى إن بعض مشاريع 2030 قد تأخرت”، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان للصحافيين إن “التأخير أو بالأحرى تمديد بعض المشاريع سيخدم الاقتصاد”.

وفي وصفه لكيفية مراجعة جميع الخطط على أساس العوائد الاقتصادية والاجتماعية والتوظيف ونوعية الحياة من بين عوامل أخرى، أشار الجدعان إلى أن بعض المشاريع “يتم تسريعها وبعضها – إلى حد كبير مشاريع قيد التنفيذ لم يتم الإعلان عنها بعد – نظرا لإطار زمني تنفيذي أطول”.

المملكة العربية السعودية تقول للمرة الأولى إن بعض مشاريع رؤية 2030 قد تأخرت، لكن ذلك يخدم الاقتصاد الوطني

ويقول سايمون هندرسون وهو زميل بيكر ومدير برنامج برنشتاين حول الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن إنه رغم أن الجدعان لم يذكر أسعار النفط، إلا أن هذه الأرقام حاسمة بالنسبة إلى كل القضايا التي ناقشها.

ويُعتقد أن المملكة تحتاج إلى سعر خام لا يقل عن 80 دولارًا للبرميل من أجل تمويل رؤية 2030، ويمكن القول إنه أعلى من ذلك الآن بعد أن خفضت الإنتاج في محاولة للحفاظ على ارتفاع الأسعار.

وفي أكتوبر، قدر صندوق النقد الدولي أن الرياض ستحتاج إلى 86 دولارًا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها. وفي 13 ديسمبر أغلق السعر الفوري لخام برنت المتداول على نطاق واسع تحت 75 دولارًا للبرميل، في حين كان تداول خام غرب تكساس الوسيط المنتج في الولايات المتحدة أقل من السعر المهم نفسيًا البالغ 70 دولارًا. وانتعشت الأسعار في اليوم التالي حيث استوعبت السوق الأخبار المتعلقة بأسعار الفائدة.

ويتعزز اعتماد المملكة العربية السعودية على الأسعار من خلال الندرة النسبية للاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يبدو أن العديد من الشركاء الاقتصاديين المحتملين ينتظرون تحسين البنية التحتية لرؤية 2030 قبل تخصيص الأموال لمشاريع جديدة في المملكة.

وكما قال الجدعان “هناك إستراتيجيات تم تأجيلها وهناك إستراتيجيات سيتم تمويلها بعد عام 2030″، مشيراً إلى حقيقة اعترف بها المستثمرون الأجانب على نطاق واسع.

وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، هدف 2030 في الأصل في عام 2016، واعتبر هدف 2030 مفرطا في الطموح منذ البداية، حيث توقع العديد من المراقبين أن الرياض ستحتاج إلى عام 2035 أو عام 2040 قبل أن تتمكن حقا من تنويع اقتصادها المعتمد على النفط.

ولم يعلق ولي العهد السعودي علنًا بعد على إعادة الجدولة، على الرغم من أن الجدعان أخبر بلومبرغ أن الأمير محمد بن سلمان يرأس اللجنة المسؤولة عن مراجعة الجداول الزمنية للمشروع.

وكجزء من تركيزه العام على الحفاظ على أسعار النفط المرتفعة، يبدو أن ولي العهد السعودي جعل هذه القضية على رأس جدول الأعمال خلال اجتماعه في 6 ديسمبر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الرياض، وهذا ليس مفاجئاً بالنظر إلى أن روسيا والمملكة العربية السعودية هما أكبر منتجين في كارتل أوبك+.

وعلى الرغم من التأخير، يبدو أن الرياض متمسكة بمطلبها بأن تقوم الشركات الأجنبية بنقل مقرّاتها الإقليمية إلى المملكة العربية السعودية بحلول الأول من يناير إذا أرادت تقديم عطاءات على العقود الحكومية.

المرأة السعودية شريك استرلتيجي في رؤية المملكة

وتتخذ العديد من الشركات العاملة في المملكة مقرات لها منذ فترة طويلة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أصبحت دبي وجهة مفضلة للمديرين التنفيذيين المغتربين الذين يتنقلون من الوجهات السعودية وإليها أسبوعياً.

وأعلنت السعودية، مؤخرا، أنها ستمنح إعفاءات ضريبية لمدة 30 سنة لكل شركة متعددة الجنسيات تقيم مقرها الإقليمي في السعودية، وذلك في إطار برنامج أطلقته المملكة بهدف تنويع اقتصاد أكبر مصدر للنفط في العالم ، يبدو حسب محللين، أنه لم يستهو الكثير.

ويتضمن البرنامج سلسلة مزايا وحوافز من بينها إمكانية حصول الشركة على عدد غير محدود من تأشيرات العمل وإعفائها لمدة 10 سنوات من الشرط المفروض على سائر الشركات لتخصيص نسبة محددة (كوتا) من وظائفها لمواطنين سعوديين.

ويقول محللون إن جرعة الإغراءات والحوافز السعودية التي تأتي قبل شهر من انتهاء مهلة افتتاح المقرات الرسمية للشركات الأجنبية في الرياض مع بداية يناير القادم، تعكس تلكؤا من قبل أصحاب الشركات.

ويُنظر إلى برنامج “جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية” الذي أطلقته السعودية في فبراير 2021 على أنّه محاولة من المملكة لمنافسة جارتها الإمارات، وتحديدا إمارة دبي التي أصبحت المركز المفضل للمقرات الإقليمية للشركات العالمية ورائدة في استقطاب المستثمرين الأجانب والشركات والمؤسسات العالمية لإنشاء مركز اقتصادي في المنطقة.

على الرغم من التأخير، يبدو أن الرياض متمسكة بمطلبها بأن تقوم الشركات الأجنبية بنقل مقرّاتها الإقليمية إلى المملكة العربية السعودية بحلول الأول من يناير

وتُعرّف الرياض المقر الإقليمي لشركة مّا بأنه مكتب يقدّم “الدعم والإدارة والتوجيه الإستراتيجي لفروعها والشركات التابعة لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، بحسب وزارة الاستثمار.

وتضم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقرات إقليمية لحوالي 346 شركة عالمية، لا يتجاوز نصيب السعودية منها 7 في المئة.

ويتضمن البرنامج سلسلة مزايا وحوافز من بينها إمكانية حصول الشركة على عدد غير محدود من تأشيرات العمل وإعفائها لمدة 10 سنوات من الشرط المفروض على سائر الشركات لتخصيص نسبة محددة (كوتا) من وظائفها لمواطنين سعوديين.

لكن محللين يتساءلون عمّا إذا كان تهافت الشركات العالمية على نقل مقراتها الإقليمية إلى السعودية سببه رغبة هذه الشركات في الاستفادة فعلا من مزايا تفاضلية تقدمها الرياض أم مجرد محاولة منها لتلبية شرط مفروض عليها للحصول على عقود حكومية في المملكة.

وجاء مؤشر آخر على التفكير الاقتصادي للرياض مع الميزانية التي أعلنتها في وقت سابق من هذا الشهر، والتي توقعت عجزًا متواضعًا نسبيًا قدره 21 مليار دولار.

وأظهر الرقم المتوقع للإيرادات الحكومية انخفاضًا طفيفًا فقط على الرغم من تخفيضات إنتاج النفط وانخفاض الأسعار، مما يشير إلى أن الثقة البيروقراطية السعودية تتعرض للتحدي بالفعل.

7