خطط النظام الإيراني لحل معضلة المياه تواجه رفضا شعبيا

تواجه الخطط التي وضعها النظام الإيراني لحل مشكلة المياه التي تؤرق الإيرانيين رفضا، حيث تسعى الحكومة لنقل المياه من جنوب غرب البلاد إلى مناطق أخرى مجاورة وهو ما يرفضه الإيرانيون بشدة.
طهران - عكست الاحتجاجات التي شهدها جنوب غرب إيران مساء الأحد للمطالبة بإيجاد حلول أخرى لمشاكل المياه رفضا للخطط التي وضعها النظام الإيراني لحلحلة هذه المعضلة.
وشارك أكثر من ألف شخص في مسيرة نحو مبنى محافظة تشهار محال وبختياري جنوب غرب البلاد للمطالبة بإيجاد حلّ لمشكلة شحّ المياه التي من أسبابها الجفاف الذي يضرب البلاد.
وتعاني إيران من جفاف مزمن منذ سنوات، لكن التلفزيون الرسمي أفاد بأن المتظاهرين احتجوا أيضا على “مشاريع نقل المياه من المحافظة إلى مناطق مجاورة”.
وأظهرت صور المئات من المتظاهرين في شوارع عاصمة الإقليم شهركرد، وردد المحتجون هتافات من بينها “لا لنقل المياه من تشهار محال”.
ووفق التلفزيون الرسمي تذمر السكان من جفاف معظم العيون والآبار والقنوات المائية والأنهار الموسمية في المحافظة وانحسار نهر زاينده رود، الممر المائي الرئيسي في المنطقة.
ويعاني نهر زاينده رود جفافا منذ عام 2000 باستثناء فترات وجيزة في مراحل مختلفة حين يتم فتح بوابات سد نكو آباد. ورغم أن القحط أحد أسباب ذلك، إلا أن تحويل السلطات لوجهة النهر لتزويد محافظة يزد المجاورة فاقم الظاهرة.
وتقع محافظة تشهار محال وبختياري غرب أصفهان حيث احتج السكان أيضا الأسبوع الماضي على جفاف زاينده رود.
أكثر من ألف شخص تظاهروا في محافظة تشهار محال وبختياري احتجاجا على مشاريع نقل المياه لمناطق مجاورة
ووعد الرئيس إبراهيم رئيسي في الحادي عشر من نوفمبر بحل مشكلة المياه في محافظات وسط إيران، أصفهان ويزد وسمنان.
ووصف المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الأربعاء الموضوع بأنه “مسألة وطنية”، دون أن يشير إلى الاحتجاجات.
والاحتجاجات لإرغام السلطات على إيجاد حل لشح المياه الذي تعاني منه البلاد ليست وليدة اللحظة، حيث تنتظم باستمرار احتجاجات لطالما واجهها النظام بحلول أمنية لم تنه الأزمة.
وشهدت أصفهان الأسبوع الماضي احتجاجات واسعة النطاق بعد جفاف النهر الرئيسي في المحافظة ما يذكر بالاحتجاجات التي شهدتها البلاد في محافظة خوزستان جنوبي غرب إيران في وقت سابق.
وكان النهر يعد نقطة استقطاب في أصفهان، خصوصا لعبوره أسفل “سي وسه بُل” (جسر الثلاثة والثلاثين) التراثي.
إلا أن مياه النهر انقطعت منذ نحو عقدين من الزمن، باستثناء فترات وجيزة في مراحل مختلفة حين يتم فتح بوابات سد نكو آباد. ومنذ أعوام يشكو سكان أصفهان من تحويل مياه النهر أيضا إلى محافظة يزد المجاورة.
ووعد مسؤولون بالعمل على حل المشاكل التي تثير احتجاجات أهل المحافظة.
وقال نائب الرئيس محمد مخبر للتلفزيون الرسمي الجمعة “طلبت من وزارتي الطاقة والزراعة اتخاذ إجراءات فورية لإدارة المسألة”، مشددا على أن الحكومة “تبحث جديا عن حل للمشكلة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة”.
وأصفهان هي ثالث أكبر مدن إيران، ويقطنها نحو مليوني نسمة، وتتضمن ساحة “نقش جهان” (رسم العالم) المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.
وسبق لمسؤولين إيرانيين أن اشتكوا خلال أشهر الصيف من معاناة البلاد من جفاف حاد يعود بشكل أساسي إلى شح التساقطات.
وكانت محافظة خوزستان (جنوب غرب) الغنية بالنفط والحدودية مع العراق، شهدت في يوليو احتجاجات واسعة على خلفية الشح في المياه.
ولجأ النظام الإيراني وقتها إلى نفس الآليات التي ينهي بها في كل مرة الاحتجاجات وهي القمع، حيث أفادت وسائل إعلام رسمية أن تلك الاحتجاجات قُتل على هامشها أربعة أشخاص على الأقل واعتقل ما لا يقل عن 102 آخرين.
وخلال العقد الماضي شهدت إيران موجات جفاف متكررة، خصوصا في الجنوب حيث تسجّل درجات حرارة مرتفعة نسبيا. وعلى مدى الأعوام الماضية أدت موجات حر شديد وعواصف رملية موسمية إلى جفاف في سهول خوزستان التي كانت تعرف بالخصوبة، فيما يحمّل الإيرانيون السلطات مسؤولية أزمة شح المياه.
ويقول هؤلاء إن ضعف البنية التحتية للموارد المائية وسوء الإدارة جعلا البلاد غير قادرة على الاستفادة من الأمطار وتحولت هذه الفرصة إلى تحد وتهديد.
وأدى تجاهل النظام الإيراني لمعضلة المياه، حيث لم يتخذ إجراءات قادرة على حلحلتها، إلى وجود ما لا يقل عن 5000 قرية دون موارد مائية في الوقت الراهن، علاوة على 7000 قرية أخرى يتم إمدادها بالمياه بواسطة الصهاريج حسب عضو جمعية المخاطر البيئية والتنمية المستدامة حميد رضا محبوب فر.
واعتبر المرشد الأعلى في حينه أنه “الآن وقد أعرب الناس عن انزعاجهم لا يمكن لَومهم”، معتبرا أن “مشكلة المياه ليست صغيرة خاصة في ذلك المناخ القاسي لخوزستان”، داعيا السكان في الوقت نفسه إلى عدم توفير “ذريعة” لأعداء إيران.