خطة مغربية لتعزيز جاذبية مختلف الجهات للاستثمارات

يسعى المغرب لتوسيع مظلة طموحاته المستقبلية في مجال الاستثمار عبر خطة واعدة لتعزيز جاذبية الجهات الأقل استقطابا لرؤوس الأموال، والتي تندرج ضمن ميثاق الاستثمار الذي تعول عليه الحكومة لجعل القطاع الخاص مشاركا مهما في التنمية.
الرباط - تركز الحكومة المغربية على إحلال التوازن بمناطق البلاد في استقطاب الاستثمار وتعزيز التكامل في ما بينها من أجل تحقيق رؤية التنمية الجهوية بإنشاء مشاريع ذات تأثيرات مهمة.
وكشف محسن الجزولي الوزير المكلف بالاستثمار مؤخرا عن خطة عمل الحكومة الهادفة إلى تشجيع الاستثمار بجهات البلاد الأقل استقطابا للمستثمرين في سياق تنفيذ ميثاق الاستثمار الجديد وميثاق اللامركزية الإدارية.
وأكد الجزولي في جلسة أمام البرلمان الأسبوع الماضي أن تنمية كل جهات البلاد وتعزيز جاذبيتها للاستثمار أولوية بالنسبة إلى الحكومة، تنفيذا لتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وقال إن السلطات “تعكف في الوقت الحاضر على وضع إستراتيجية لتنمية الاستثمارات الخاصة، ذات البعد الجهوي والقطاعي، في إطار تنزيل الميثاق الجديد للاستثمار، باعتباره آلية مهمة للتنمية في المجالات الترابية”.
وبفضل الميثاق الجديد، ستستفيد الجهات المغربية من الفرص الاستثمارية من خلال المنحة التي يضعها نظام الدعم الأساسي للحد من الفوارق بين الأقاليم (المحافظات) والعمالة التي تستقطبها من حيث جلب الاستثمارات.
وأوضح الجزولي أنه تم تحديد فئتين من الأقاليم والعمالة المؤهلة للدعم، باقتراح من وزارة الداخلية وبتأشير من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بناء على معايير موضوعية.
ومن المتوقع أن تستفيد الفئة الأولى من مشاريع الاستثمار من 10 في المئة من المبلغ الإجمالي للاستثمار القابل للدعم، في حين ستستفيد الفئة الثانية من 15 في المئة من المبلغ الإجمالي للاستثمار القابل للدعم.
أما في ما يتعلق بالمنح المخصصة لكل جهة فتستهدف 60 في المئة من أصل 75 في المئة من الأقاليم والعمالة التي تم التركيز عليها.
واعتبر إدريس الفينة رئيس مركز المستقبل للتحليلات الإستراتيجية أن الأولوية يجب أن تعطى للمناطق الصناعية داخل الأقاليم بالعدد الكافي كونها تجلب الاستثمار وتوفر فرص العمل الدائمة وتسمح بتطوير الإنتاج والتصدير.
وأوضح لـ”العرب” أن الميزانيات توجه دائما للبنية التحتية التي تكون عادة مردوديتها محدودة، فالعقارات المتاحة وخصوصا العمومية عادة تخصص لتشييد المشاريع السكنية أو مرافق أخرى، كما أن العديد من تراخيص الاستثناء تمنح لتشييد المشاريع السكنية.
وفي أواخر مايو الماضي أعلنت الرباط عن مشاريع بقيمة تقدر بنحو 131 مليار درهم (13 مليار دولار)، في إطار قانون الاستثمار الجديد الهادف إلى زيادة حصة مشاركة القطاع الخاص إلى الثلثين بحلول عام 2035 مقابل الثلث حاليا.
وتعمل وزارة الاستثمار منذ فترة على العديد من الملفات على رأسها تفعيل الإستراتيجية الوطنية لتنمية الاستثمارات الخاصة، جهويا وقطاعيا، من خلال عقد اجتماعات عمل مع كل الفاعلين في القطاعين العام والخاص لتعبئتهم حول أهداف مشتركة.
كما أنها تدرس إنشاء مرصد الاستثمار، والذي سيشكل آلية فعالة لتتبع هذه الإستراتيجية، حيث من المفترض أن يوفر مؤشرات حقيقية وأساسية لتقييم نتائج إستراتيجية الاستثمار بشكل موضوعي.
وزارة الاستثمار تعكف على تنفيذ خارطة طريق بدأتها هذا العام وتستمر حتى العام 2026 لتستجيب لأولويات تحسين مناخ الأعمال
ويرى الجزولي أن جهات البلاد كافة يمكنها الجمع بين نظام الدعم الأساسي وأنظمة دعم الاستثمارات التي تضعها الجهات.
وبالإضافة إلى ذلك استفادتها من حوكمة موحدة ولامركزية تمكن لأول مرة من الإعداد والموافقة والتوقيع على اتفاقيات مشاريع استثمار تصل إلى 250 مليون درهم (25 مليون دولار) من المبلغ الإجمالي للاستثمار على المستوى الجهوي.
وبحسب الحكومة تمثل هذه المشاريع الجزء الأكبر من المشاريع الاستثمارية في المغرب، مما يؤكد انخراطها في إنجاح كل الملتقيات الجهوية المتقدمة وتعزيز دور الفاعلين في مجال الاستثمار.
وتفعيلا للميثاق الجديد للاستثمار، صادقت اللجنة الوطنية للاستثمار المنعقدة في مايو الماضي على مشاريع استثمارية مهمة في 8 جهات مختلفة و80 في المئة من المنح خارج المحور طنجة – الجديدة.
وقامت المؤسسات المغربية بإصلاحات هيكلية مرتبطة بملفات الاستثمار، حيث تم تبسيط الإجراءات الإدارية من بينها المصادقة على ميثاق اللامركزية الإدارية وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وإحداث لجان جهوية الموحدة للاستثمار والرقمنة.
وتهدف الحكومة من خلال تطبيق مقتضيات ميثاق الاستثمار إلى تحقيق النقاط التي حددها الملك محمد السادس والمتمثلة في تعبئة 550 مليار درهم (56 مليار دولار) من الاستثمارات، وتوفير نصف مليون فرصة عمل جديدة حتى العام 2026.
وقامت الرباط بتفعيل نظام الدعم الأساسي، ونظام الدعم الخاص المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الإستراتيجي، وتم وضع حوكمة موحدة ولامركزية، إذ تم تعويض لجنة الاستثمارات، باللجنة الوطنية للاستثمار التي تتمتع بصلاحيات موسعة.
ولأجل تطور الاستثمار الخاص والعام، أكد الفينة أن المغرب يحتاج اليوم إلى “مخطط مارشال” لتهيئة وتجهيز ثلاثة آلاف هكتار من المناطق الصناعية سنويا إن أراد توفير توازن على مستوى سوق الشغل وإن أراد تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وقال إن “هذه المناطق الصناعية التي تحتاج إلى قانون تعمير خاص بها عوضا عن قانون التعمير الخاص بالتجزئات السكنية”.
وشدد على أنه يجب إدارتها من قبل وكالة خاصة ويجب أن تمنح للمستثمرين بأثمان رمزية على أساس دفتر تحملات يحدد حجم الاستثمار ومدة الإنجاز لتجنب كل أشكال المضاربات والاحتكار التي تعرفها هذه المناطق اليوم.
وتعكف وزارة الاستثمار على تنفيذ خارطة طريق بدأتها هذا العام وتستمر حتى العام 2026 لتستجيب لأولويات تحسين مناخ الأعمال.
وتتركز تلك الأولويات على ثلاث دعائم أساسية تتمثل في تحسين الظروف الهيكلية لعملية الاستثمار وريادة الأعمال، وثانيا دعم التنافسية المحلية من خلال التمويل والوصول إلى العقارات والطاقات المتجددة، وثالثا تطوير بيئة مواتية لريادة الأعمال وللابتكار.
وحقق المغرب خلال العقدين الأخيرين مجموعة من الإنجازات في مجال تحسين مناخ الأعمال، وقد ساهمت في جعله وجهة استثمارية معترف بها عالميا في العديد من القطاعات أبرزها تصنيع السيارات.
وقامت الحكومة باعتماد سياسة مندمجة وأكثر كفاءة بهدف تطوير مناخ الأعمال وتحفيز الشركات على النشاط بشكل أكبر حتى تصبح أكثر إنتاجية وتتمكن من توفير فرص عمل جديدة للمواطنين وتكون أكثر استجابة للمستثمرين المحليين والدوليين.