خطة رئاسة "كوب 28" تعتمد على أربع ركائز رئيسية

أمام التغييرات المناخية التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، تسعى الإمارات من خلال رئاستها لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ “كوب 28” لإيجاد أرضية مشتركة لحل الخلافات المتعلقة بمستقبل الوقود الأحفوري وفتح أبواب المؤتمر للقطاع الخاص، وتحديث النظام المالي لجعل تمويل المناخ أكثر توفرا وسهولة ويسرا للجنوب العالمي.
دبي - دعا سلطان الجابر رئيس مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ “كوب 28” الاثنين دول العالم إلى إيجاد “أرضية مشتركة” لحل خلافاتها المتعلقة بمستقبل الوقود الأحفوري قبيل قمة المناخ، كما أكد على ضرورة أن يفتح المؤتمر أبوابه أمام القطاع الخاص من أجل النجاح في التحول في مجال الطاقة وجمع المليارات من الدولارات التي تشتد الحاجة إليها.
وأكد على أنه “يجب تحديث النظام المالي الدولي بأكمله لجعل تمويل المناخ أكثر توفرا وسهولة ويسرا للجنوب العالمي”.
وأشار الجابر إلى أن رئاسة “كوب 28” وضعت خطة عملها اعتمادا على أربع ركائز رئيسية: التتبع السريع لانتقال عادل ومنظم للطاقة، وتحديد تمويل المناخ، والتركيز على الناس والطبيعة والحياة وسبل العيش، ودعم كل شيء بالشمولية الكاملة.
وقال “نعتقد أنه يجب الاستماع إلى جميع أصحاب المصلحة للتوصل إلى توافق في الآراء”، مضيفا “نريد من كل من يأتي إلى ‘كوب 28’ أن يأتي بعقلية تسودها الإيجابية والأمل والعمل والتضامن لترجمة اتفاقية باريس إلى خطة عملية وخارطة طريق واقعية يمكن للعالم بأسره اتباعها”.
ضرورة الحد من انبعاثات منظومة الطاقة الحالية، وزيادة القدرة والكفاءة الإنتاجية العالمية للطاقة المتجددة ثلاث مرات
وتستضيف الإمارات قمة “كوب 28” في الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر القادمين. وتسعى القمة للتوصل إلى اتفاق على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، لكن لا تزال الدول منقسمة بين من تطالب باتفاق للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري المسبب لغازات الاحتباس الحراري، وهو السبب الرئيسي لتغير المناخ، وأخرى تصر على الحفاظ على دور لهذا النوع من الوقود.
وقال الجابر خلال قمة تمهيدية لمؤتمر “كوب 28” عقدت في أبوظبي بحضور نحو 70 وزيرا و100 مندوب “أعلم أن هناك آراء قوية حول فكرة إدراج صيغة تتعلق بالوقود الأحفوري والطاقة المتجددة في النص قيد التفاوض”.
وأضاف “أريد منكم التعاون من أجل التوصل إلى حلول يمكنها أن تحقق الاتساق والأرضية المشتركة والتوافق بين كل الأطراف”.
وتريد الدول الأوروبية والدول المعرضة لآثار تغير المناخ أن تتوصل قمة “كوب 28” إلى حزمة من إجراءات التخفيف من حدة تغير المناخ تفضي إلى خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بشكل أسرع، ومنها التعهد بزيادة قدرة الطاقة المتجددة العالمية ثلاثة أمثال بحلول عام 2030، والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري المسبب لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وقالت وزيرة الطاقة الإسبانية تيريزا ريبيرا رودريغيث أمام القمة التمهيدية الاثنين “لن يكتب لـ’كوب 28” النجاح دون قرار طموح بالتخفيف”.
وأثار اختيار سلطان الجابر لرئاسة “كوب 28” انتقادات من بعض المشرعين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لأنه رئيس شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وهي شركة النفط الحكومية الإماراتية، كما أنه مبعوث الدولة للمناخ.
ودعا الجابر إلى أن تجمع القمة كل الأطراف المعنية بما يشمل قطاع الوقود الأحفوري، وقال إن الاستغناء التدريجي عنه أمر حتمي.
وقبل شهر من المؤتمر، حاول الجابر مجددا طمأنة أولئك الذين يخشون أن يعرقل المفاوضات الوجود الكبير لممثلي القطاعات الصناعية الملوثة في المعرض الاقتصادي الضخم الذي ينظم على هامش القمة.
وقال سلطان الجابر في كلمته في افتتاح الاجتماعات الوزارية التمهيدية لمؤتمر الأطراف التي تعقد في أبوظبي الاثنين والثلاثاء “الشمولية هي مبدأ ‘كوب 28’. وهذا يشمل الانفتاح على القطاع الخاص بشكل غير مسبوق”.
وأضاف “في مؤتمر ‘كوب 28’ صناع القرار من القطاع المالي سيكونون معنا.. شخصيات من القطاع التكنولوجي سيكونون معنا.. مسؤولون من كل القطاعات الصناعية المهمة في الاقتصاد العالمي”.
وأعاد الجابر تذكير البلدان الغنية، الملوثة تاريخيا، بالتزامها بتمويل التكيف والتحول البيئي في البلدان النامية.
وأوضح ضرورة مضاعفة تمويل “التكيف بما يشمل تقديم تعهدات للصندوق المخصص لهذا الهدف، وكذلك أهمية تحقيق نقلة نوعية في مؤسسات التمويل الدولية، وبناء وتعزيز أسواق الكربون، وحشد وتحفيز استثمارات القطاع الخاص ليرتفع التمويل المناخي من المليارات إلى التريليونات”.
وأكد الجابر “ضرورة الحد من انبعاثات منظومة الطاقة الحالية، وزيادة القدرة الإنتاجية العالمية للطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة الطاقة”، مشيرا إلى “التزام 85 في المئة من اقتصادات العالم بزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030”، داعيا الدول إلى إعلان التزاماتها “بما يوافق ظروفها الوطنية”.
واستعرض كذلك مستجدات السياسات والآليات والمبادرات التي اقترحتها رئاسة “كوب 28” وسلط الضوء “على استجابة أكثر من 20 شركة للنفط والغاز للدعوة إلى خفض انبعاثات غاز الميثان إلى صافٍ صفري بحلول العام 2030”.
وأوضح “رغم الانقسام العالمي الحالي الذي تتعدد أسبابه، فإن هناك حاجة ملحّة إلى تضافر وتوحيد الجهود حول موضوع العمل المناخي، وإظهار قدرة المجتمع الدولي على الإنجاز وتوجيه رسالة واضحة تدعم الأمل والتكاتف والاستقرار والرفاه، وتؤكد ضرورة المحافظة على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية”.
ويشير الخفض التدريجي للوقود الأحفوري إلى أنه ينبغي على الدول تقليل استخدامه، لكن ليس حظره تماما. وتريد الدول الأوروبية والدول المعرضة لآثار تغير المناخ أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بإبرام اتفاق للتخلص التدريجي في نهاية المطاف من كل أنواع الوقود الأحفوري التي ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون.
وبعد الأحوال الجوية القاسية على مدى العام الماضي، تعد قمة “كوب 28” فرصة للحكومات لتسريع إجراءاتها الرامية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وقال الجابر “نسير في الاتجاه الصحيح لكن ليس بسرعة كافية على الإطلاق”.