خصومة قديمة قد تطيح بلاغارد من رئاسة صندوق النقد

على عكس ما يحصل في أغلب البلدان العربية، فإنه لا يوجد أحد فوق القانون في الغرب، فكريستين لاغارد وزيرة المالية الفرنسية السابقة قد تلقى نفس مصير مواطنها دومينيك ستراوس الذي أطاحت به قضية أخلاقية حينما كان على رأس صندوق النقد الدولي.
الخميس 2016/12/15
تحت الأضواء دائما

باريس- تعد كريستين لاغارد الوزيرة الفرنسية السابقة أول امرأة تدير صندوق النقد الدولي، وقد أعيد اختيارها هذا العام لولاية ثانية من خمس سنوات، لكن يرجح البعض من المتابعين أن يكون مصيرها مشابها لمصير سلفها دومينيك ستراوس قبل سنوات رغم اختلاف حجم القضيتين. ومثلت هذه السياسية الستينية، الإثنين الماضي، أمام محكمة العدل الجمهورية، وهي محكمة مختصة في قضايا تتعلق بالوزراء والحكومة في باريس، بتهمة تجاهل ما يسمح للحكومة الفرنسية بإعطاء رجل الأعمال برنار تابي دفعة إعانة تقدر بنحو 400 مليون يورو.

وتواجه لاغارد حكما بالسجن لمدة عام أو غرامة بنحو 15 ألف يورو أو الاثنين معا، بسبب التهمة الموجهة إليها والتي تعود إلى 2008 عندما كانت وزيرة للمالية في الحكومة الفرنسية في عهد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. وتدور أحداث القضية حول دفع تعويضات لرجل أعمال فرنسي بسبب صفقة بيع فاشلة من الملابس الرياضية مع شركة “أديداس” الألمانية في 1990.

ووافقت لجنة التحكيم على قيمة تعويضات كان قد قدمها بنك “كريدي ليوني” الفرنسي، وأكدت عليها لاغارد آنذاك، وهو الأمر الذي تسبب في سخط الفرنسيين بعد الكشف عن هذه القضية المثيرة للجدل. وحاولت لاغارد تبرير ما قامت به وقالت بدبلوماسية أمام القضاة في أولى جلسات محاكمتها “أود أن أكشف أنني لست متهمة على الإطلاق بالإهمال، ولكنني تصرفت بحسن نية آخذة في الاعتبار المصلحة العامة، فهل أنا مقصرة؟ لا وسوف أعمل جاهدة على إقناع الادعاء”.

القضية تدور حول دفع تعويض لرجل أعمال فرنسي بقيمة 400 مليون يورو بسبب صفقة بيع فاشلة في 1990

ويشتبه المحققون في أن تكون لاغارد كانت قد زوّرت العملية لصالح رجل الأعمال والمالك السابق لفريق كرة القدم أولمبيك مارسيليا، والذي له صلات وثيقة مع الأوساط السياسية بما فيها ساركوزي. وتواجه لاغارد، الحاصلة على درجة الماجستير في العلوم السياسية من مدينة إكس أون بروفونس الفرنسية، تهمة “الإهمال الخطير” حيث توجد مزاعم بأنها سمحت لأناس آخرين في هذه القضية، بما يشتبه في أنها عملية اختلاس كبرى للأموال العامة.

ويقول قضاة التحقيق إن لاغارد ارتكبت سلسلة من الأخطاء الخطيرة، عندما قامت بخيار التحكيم، ورفضت الاعتراض على الصفقة، وهو الأمر الذي يشير إلى أنها قد تكون تأثرت بالعلاقات السياسية بين تابي وساركوزي، وذلك وفقا للوثائق التي أعلنتها المحكمة. وكتب قضاة التحقيق في نهاية تحقيقاتهم “لا يتميز سلوك السيدة لاغارد باللامبالاة والإهمال فحسب، بل بتعدد العيوب والتي ازدادت من ناحية العدد والخطورة بطبيعة الحال، بما يتجاوز مستوى الإهمال”.

وتعتبر محاكمة لاغارد الخامسة من نوعها التي تعقد بمحكمة العدل الجمهورية، وهي المحكمة التي أنشئت خصيصا لمحاكمة الوزراء وأعضاء مجلس الوزراء في العام 1993. وستقوم لجنة مكونة من 15 فردا من بينهم 12 مشرّعا من البرلمان بالاستماع إلى القضية والتي من المقرر لها أن تستمر حتى، الثلاثاء المقبل. ويتوقع أن تركز المحاكمة على المراسلات التي تمت بين لاغارد والموظفين التابعين لها والحكومة التي تدير شركات الدولة.

وسيكون لوقع هذه القضية تأثير كبير على لاغارد التي تعتبر أول امرأة تصبح وزيرة للمال في الدول الصناعية الثماني الكبرى. والقضية قد تزيد من اهتزاز مصداقية المؤسسة الدولية التي تتخذ من واشنطن مقرا لها بعد أن اضطر مواطنها ستراوس لتقديم استقالته عام 2011، وسط مزاعم بالاعتداء الجنسي على خادمة في فندق بنيويورك. وكانت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية قد صنّفت لاغارد كأفضل وزيرة للمالية في منطقة اليورو في العام 2009. وفي العام نفسه، احتلت الوزيرة الفرنسية السابقة المرتبة الـ17 في قائمة المرأة الأكثر نفوذا في العالم من قبل مجلة “فوربس” الأميركية.

12