خريجو جامعات من غزة عمال هامشيون في إسرائيل

إسرائيل سمحت لسكان غزة بالعمل فيها شرط أن تتجاوز أعمار العاملين 26 عاما وأن يكونوا متزوجين ومستوفين للمعايير الأمنية.
الخميس 2022/03/24
الحاجة تبرّر الخيار وإن كان مرّا

غزة (الأراضي الفلسطينية) - حين حصل حسين على تصريح للعمل داخل إسرائيل، لم يتردّد لحظة بتعليق حلمه الوشيك بالحصول على درجة الماجستير في العلاقات الدولية التي كان سيحصل عليها من إحدى جامعات غزة، آملا في تحقيق حياة كريمة لعائلته.

ويقول الشاب حسين (38 عاما) الذي اكتفى بذكر اسمه الأول "شعرت أن باب الجنة فتح أمامي. اخترت العمل وتركت الدراسة". ويروي حسين حكايته قائلا "إن الحظ لم يحالفني بالحصول على فرصة عمل في قطاع غزة بعد تخرجي من الجامعة وحصولي على شهادة البكالوريوس في العلاقات العامة، ما دفعني للالتحاق بالجامعة مجددا للحصول على درجة الماجستير لأزيد من فرص الحصول على وظيفة حكومية أو في مؤسسة خاصة".

ويشرح حسين الذي يعيل زوجة وثلاثة أطفال "كنت عاطلا عن العمل لسنوات، وكنت على وشك مناقشة رسالة الماجستير للتخرّج، لكنني كنت بحاجة لمبلغ 3500 دولار أميركي لتسديد ديون متراكمة للجامعة حتى تتسنى لي مناقشة الرسالة".

وخرج حسين من قطاع غزة المحاصر منذ العام 2007، وبدأ منذ شهرين بالعمل مساعدا لتاجر في توزيع مواد تموينية بالجملة في مدينة يافا بالقرب من تل أبيب، يقول "هذه فرصة لتحسين دخلي وتحقيق حلم إكمال الماجستير والدكتوراه لاحقا".

معظم العمال القادمين من غزة يعملون في الزراعة والبناء والسياحة ويتلقون أجورا تتراوح بين 70 و250 دولارا في اليوم

ويعيش في القطاع 2.3 مليون فلسطيني، وتتجاوز نسبة البطالة فيه 50 في المئة، ويبلغ معدل الفقر حوالي 60 في المئة. ويقول محمود (40 عاما) الذي يحمل شهادة في الخدمة الاجتماعية، إنه حصل على تصريح مؤخرا للعمل داخل إسرائيل، فبدأ العمل في مطعم في مدينة هرتسيليا شمال تل أبيب. وكان عمل لسنوات في منظمات دولية في غزة، قبل أن يصبح عاطلا عن العمل.

ومحمود أب لثلاثة أطفال يقول "أحصل على أجرة يومية في هرتسيليا تصل إلى 550 شيكلا (نحو 170 دولارا) مع الساعات الإضافية". ويعمل معظم العمال القادمين من غزة داخل إسرائيل في قطاعات الزراعة والبناء والسياحة، ويتلقون أجورا تتراوح بين 70 دولارا و250 دولارا في اليوم، بحسب كفاءاتهم والساعات الإضافية، أي ما يعادل خمسة أضعاف ما يتلقاه العامل في قطاع غزة.

إجراءات روتينية للتدقيق في الأوراق الثبوتية قبل دخول إسرائيل
إجراءات مشددة للتدقيق في الأوراق الثبوتية قبل دخول إسرائيل 

وقبل سيطرة حركة حماس على السلطة في عام 2007 والحصار الإسرائيلي، كان حوالي 120 ألف فلسطيني من غزة يعملون في إسرائيل. لكن بعد تفرّد حماس بالسيطرة على غزة "لم تعد هناك فرص عمل"، وفق محمود.

وفي عام 2019 سمحت إسرائيل مرة أخرى لسكان غزة بالعمل فيها شرط أن تتجاوز أعمار الرجال العاملين 26 عاما وأن يكونوا متزوجين ومستوفين للمعايير الأمنية (على الأرجح غير مشتبه بارتباطهم بعمليات أو هجمات ضد إسرائيل).

ويسعى عشرات الآلاف من الفلسطينيين في القطاع للعمل داخل إسرائيل، لكن الأمر مرهون بالموافقة الإسرائيلية. وإثر تفشي وباء كورونا أغلقت إسرائيل معبر بيت حانون (ايريز) أمام العمال لنحو عام ونصف عام لاحتواء الوباء.

منظمة "خط العامل" (كاف لعوفيد) الإسرائيلية تشير إلى أن التصاريح الممنوحة لسكان غزة تحمل اسم "ظروف اقتصادية" أو "تاجر"

وخلال الأشهر الأخيرة أعطت السلطات الإسرائيلية 120 ألف تصريح جديد، معظمها لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد. وكل يوم وقبل بزوغ الشمس، تكتظ صالة الانتظار في المعبر الحدودي بين القطاع وإسرائيل بالمئات من العمال الفلسطينيين.

ويقف عبدالسلام علوان (58 عاما) ذو الشعر الأبيض في إحدى زوايا الصالة، ويقول "نعمل من أجل لقمة العيش. أريد أن أكون قادرا على دفع ثمن تفاحة أو موزة لابني أو حفيدي عندما يطلبان".

وفي الجانب الفلسطيني من المعبر ينتظر كمال حمادة (65 عاما) الحافلة التي ستقله مع آخرين إلى إسرائيل بعد حصوله قبل شهرين على إذن مدته ستة شهور. ويقول "اضطررت للعمل في قطاع البناء رغم أنني أعاني من مرضي السكري والقلب". ويحمل الأب المسؤول عن 15 فردا في العائلة، أدويته معه.

وتشير منظمة "خط العامل" (كاف لعوفيد) الإسرائيلية إلى أن التصاريح الممنوحة لسكان غزة تحمل اسم "ظروف اقتصادية" أو "تاجر" ولا تحمل صفة العامل، مبينة أنه في هذه الحالة، لا يكون العامل مؤمنا من الحوادث، إلا إذا اتخذ صاحب العمل بالخطوات اللازمة لذلك، و"هو أمر نادرا ما يحدث".

ودعا نقيب العمل سامي العمصي إسرائيل إلى استخدام صفة عامل في التصاريح التي تمنحها للعمل. وقال إن عاملا من غزة "توفي قبل عدة أسابيع على إثر حادثة دهس تعرض لها خلال عمله في مدينة تل أبيب، ولم تحصل عائلته على أي تعويض".

ورغم ذلك، يقول أدهم (35 عاما) الذي يحمل ثلاث شهادات في الصحة العامة والمعلوماتية، إنه مستعد للعمل في أي مجال “في مطعم أو سوبرماركت أو مصنع”. ومن بين المتقدمين للعمل داخل إسرائيل، مصوّر صحافي فضّل التعريف عن نفسه بلقب أبوعدي (38 عاما)، يقول "أعمل بالقطعة منذ 15 عاما، لكنني لا أحصل على دخل جيد إلا أثناء العمل في الحرب".

تلويح بالوداع مرغمين لا عن طواعية
تلويح بوداع القطاع مرغمين لا عن طواعية

18