خبراء ينصحون الممارسين لرياضة الركض بضرورة الحصول على فترات راحة

الراحة تتيح للأربطة والمفاصل استعادة نشاطها وتعويض مخزون الكربوهيدرات داخل العضلات.
الأحد 2024/06/02
الإسراف في الركض يؤذي القلب

حذر خبراء اللياقة البدنية من خطورة الإفراط في ممارسة رياضة الجري، ذلك أن الركض دون راحة يضعف الجهاز المناعي ويرفع احتمالات الإصابة بأمراض التنفس ويقلل إفراز الأدرينالين والتيستوستيرون. كما أن خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، واضطرابات الأكل والدورة الشهرية، وهشاشة العظام، يرتفع لدى النساء نتيجة الإسراف في الركض. ودعا الخبراء إلى الاعتدال في ممارسة رياضة الجري.

سان فرانسيسكو( الولايات المتحدة) - تنطوي رياضة الركض على الكثير من الفوائد الصحية، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن من يمارسون هذه الرياضة لمدة ساعة على الأقل أسبوعيا يعيشون أطول بواقع ثلاث سنوات وتتراجع احتمالات إصابتهم بالأمراض المزمنة مقارنة بمن لا يمارسون الرياضة.

ولكن البعض يفرطون في ممارسة الركض حيث يحرصون على التريض بشكل يومي، على مدار سلسلة أيام متتالية طويلة.

وذكر الموقع الإلكتروني “ميديكال إكسبريس” المتخصص في الأبحاث الطبية أن هؤلاء الأشخاص المتمرسين في رياضة الركض يحققون فوائد صحية كبيرة مثل تحسن معدلات استهلاك الأكسجين في الجسم بنسب تتراوح ما بين 5 و10 في المئة وتراجع سرعة نبضات القلب أثناء الركض وتتعزز لديهم القدرة على استهلاك دهون الجسم كمصدر للطاقة.

ولكن الخبراء ينصحون بضرورة الحصول على فترات من الراحة بين سلاسل الركض لأيام طويلة لأن ذلك يتيح للأربطة والمفاصل استعادة نشاطها وتعويض مخزون الكربوهيدرات داخل العضلات، ويؤكد الخبراء أيضا أنه في بعض الحالات المتطرفة قد يلحق الركض لفترات طويلة في إطار رياضات التحمل أضرارا بالقلب.

ويقول “ميديكال إكسبريس” إن الركض دون راحة يضعف الجهاز المناعي ويرفع احتمالات الإصابة بأمراض التنفس ويلحق تغيرات كبيرة ببعض الهرمونات حيث يقلل إفراز الأدرينالين والتيستوستيرون بنسبة قد تصل إلى 40 في المئة، مما يضعف القدرة على التعافي بين جولات الركض ويؤدي إلى بعض الأعراض مثل التقلبات المزاجية وتلف العضلات.

وينصح الخبراء بضرورة مراعاة معايير الأحمال التدريبية أثناء ممارسة الرياضة، ويقصد بها حجم الجرعة التدريبية وعددها وكثافتها، ويؤكدون أن ممارسة الرياضة بشكل معتدل تساعد الفرد في الحفاظ على لياقته وتقلل احتمالات الإصابة والأمراض.

الركض دون راحة يضعف الجهاز المناعي ويرفع احتمالات الإصابة بأمراض التنفس ويلحق تغيرات كبيرة ببعض الهرمونات

وممارسة الرياضة أكثر من اللازم والإفراط في الإجهاد قد تكون لهما عواقب وخيمة على الجسم والعقل، “وقد يؤدي إلى حدوث إصابات مثل الكسور والتهابات الأوتار والأربطة”، وفقا لموقع “بزنس إنسايدر”، الذي ذكر أن الأبحاث أظهرت أن “تجاوز الحد في التمرين لا يزيد من الفوائد الصحية”، ففي حين أن التمارين المعتدلة يمكن أن تحسن نظام المناعة، إلا أن التمارين المفرطة يمكن أن تثبطه بالفعل خلال مدة التعافي التي قد تصل إلى 72 ساعة بعد ممارسة التمارين المكثفة، مما قد يزيد من احتمالات غزو الجسم بالفايروسات والبكتيريا وإصابته بالتهابات الجهاز التنفسي العلوي.

أيضا بالنسبة إلى النساء، فأظهرت دراسة أن خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، واضطرابات الأكل والدورة الشهرية، وهشاشة العظام، ارتفع لدى النساء اللاتي مارسن التمارين الرياضية بكثافة كل يوم. أما الرجال، فقد أشارت دراسة إلى أن التعب الجسدي وانخفاض هرمون التيستوستيرون الناتج عن التمارين المكثفة، قد يقلل من مستوى الرغبة الجنسية لديهم.

وغالبا ما تظهر العلامة الأولى على وقف التمرين “عندما يتراجع التقدم أو تضعف النتائج” وفقا للدكتور ليو، الذي يقول “إذا وجدت أن عضلاتك تؤلمك باستمرار، وتواجه صعوبة في النوم، أو عدم القدرة على القيام بتمارين كانت سهلة بالنسبة إليك من قبل، فمن المحتمل أن يكون هناك خطأ ما، يستدعي الراحة وطلب المشورة الطبية”. كما تشمل إشارات التحذير علامات أخرى منها “الموت المفاجئ أثناء التمرين”، لذا يُشدد الدكتور جوناثان دريزنر، اختصاصي الطب الرياضي بجامعة واشنطن، والمهتم بالوقاية من الموت القلبي المفاجئ لدى الرياضيين الشباب، على ضرورة فحص قلب الشباب قبل ممارسة الرياضة.

ويقول “بغض النظر عن عمر الشخص، لا بد من مراجعة طبيبه والتأكد من أنه بصحة جيدة بما فيه الكفاية، قبل أن يبدأ في اتباع برنامج لممارسة الرياضة بانتظام”، فقد يكون معرضا لخطر الإصابة بأمراض القلب، ويحتاج إلى إرشادات محددة في ما يتعلق بمعدل ضربات القلب أثناء أداء التمارين، حتى يتمكن من ممارسة الرياضة بأمان.

بدوره أكد الطبيب الألماني توماس فيسينغهاغه أن ممارسة الجري بشكل خاطئ أو مبالغ فيه لها عواقب صحية وخيمة، محذرا من إمكانية أن يؤدي ذلك – في حالات التحميل الشديدة على الجسم – إلى الإصابة بأزمة قلبية أو بمتلازمة الموت المفاجئ مثلما يحدث في الكثير من سباقات الماراثون.

Thumbnail

كما ذكر الطبيب عواقب أخرى ناجمة عن الممارسة الخاطئة لهذه الرياضة، منها مثلا حدوث أضرار طويلة المدى بالجهاز الحركي مما يؤدي إلى الإصابة بآلام الظهر، موضحا أن التحميل الشديد على الجسم أثناء ممارسة الجري تكون له أعراض باطنية أو عصبية، كالإصابة باضطرابات التوجه والتوازن أو الإصابة بالصداع أو بهبوط حاد في الدورة الدموية.

وأوصى فيسينغهاغه الذي يشغل منصب مدير عيادات إعادة التأهيل والعلاج الطبيعي بمدينة باد فيس زيه الألمانية، ممارسي رياضة الجري، سواء المبتدئين أو الرياضيين المتمرسين، بضرورة الإنصات جيدا للإشارات الصادرة من أجسادهم في الوقت المناسب؛ حيث دائماً ما يرسل الجسم إشارات بأنه قد تعرض للإجهاد أو أنه لا يزال قادرا على التحميل عليه بعض الشيء.

ونصح الطبيب هواة رياضة الجري بـ”البدء بممارسة هذه الرياضة بمعدل مريح للجسم، وبمراقبة الإشارات الصادرة من أجسادهم”، محذرا من تجاهل الشعور بالتعب ومحاولة مواصلة الجري، لأن الأمر قد يُعرض الجسم والحياة كلها للخطر.

من جهته أكد الطبيب الرياضي الألماني كريستيان على ضرورة استشارة طبيب رياضي مختص قبل البدء في ممارسة رياضة الجري أو غيرها من الرياضات بالنسبة إلى الأشخاص البالغين 35 عاماً فأكثر، أو الذين يستأنفون ممارستها بعد انقطاع لمدة عامين أو أكثر.

وشدد على أهمية استيضاح التاريخ المرضي الشامل للرياضي بما فيه إصابته بمتاعب سابقة أو تاريخ الإصابات في عائلته، موضحا أن الرياضة تعد دواء للجسم، لكن من المهم أن يحرص المبتدئون في ممارسة رياضة الجري وغيرها من الرياضات ألا يُفرطوا في ممارستها وألا يقطعوا مسافات كبيرة في البداية وألا يبالغوا في سرعة الجري.

وممارسة رياضة الجري لها فوائد جمة على صحة الإنسان، حيث تساهم في تدريب عدد كبير من عضلات الجسم في نفس الوقت. بيد أن الإسراف والمبالغة في ممارستها على المدى الطويل يمكن أن يؤديا إلى الإضرار بالجهاز القلبي الوعائي. وتوصلت دراسة دنماركية إلى أنه تمكن الوقاية من التعرض لهذا الخطر من خلال ممارسة الرياضة “باعتدال”، كما حذر الباحثون الذين أجروا الدراسة من الركض السريع للغاية. وأكد الباحثون أنه لا تمكن الاستفادة من فوائد رياضة الجري إلا عند ممارستها على هذا النحو.

14