خبراء يتوقعون أن يتخذ فايروس كورونا مسار الأنفلونزا ويتحوّل إلى مرض مزمن

يتوقع الخبراء أن يتحول فايروس كورونا إلى مرض مزمن يمكن التعامل معه متخذا مسار فايروس الأنفلونزا. كما يشيرون إلى أن المتحوّرة أوميكرون من المحتمل أن تتسبب في حالات عدوى أقل حدة، بسبب جمعها الفريد للطفرات في الوقت الذي يتم فيه تعزيز المناعة في أنحاء العالم. وقال الخبراء إن كوفيد ـ 19 سيتحوّل إلى مرض موسمي في الدول ذات المناخ المعتدل، وذلك بعد بلوغ مرحلة مناعة القطيع.
نيويورك- يؤكد الخبراء أنه من المعروف تاريخيا أن معظم الأوبئة تستمر ما بين عامين ونصف العام وثلاثة أعوام ونصف العام. ومع مرور الوقت تتحوّر فايروسات الأوبئة وتتحول إلى مرض مزمن ينتشر على مستويات أقل ويمكن التعامل معه.
وهذا ما حدث مع سلالة الأنفلونزا بعد وباء عام 1918، ويأمل بعض المتخصصين في علم الفايروسات أن يحدث ذلك مع الفايروس المسبب لمرض كوفيد – 19.
وفي ما يتعلق بمتحوّرة أوميكرون، تشير تقارير مبكرة أنها من المحتمل أن تتسبب في حالات عدوى أقل حدة، ربما بسبب جمعها الفريد للطفرات في الوقت الذي يتم فيه تعزيز المناعة في أنحاء العالم.
وما زال من المبكر أن نعرف بشكل مؤكد كيف سينتهي الحال بمرض كوفيد – 19. ورغم أن الخبراء يعتقدون عموما أن الفايروسات تتحور غالبا لتصبح أقل خطورة، فلا يمكن أن نضمن 100 في المئة أن هذا ما يحدث حاليا بالنسبة لفايروس كورونا.

حسن زاراكت: كوفيد – 19 لا يزال موجودا، وسيتسبب في موجات أخرى على مدار العام حتى نصل إلى مناعة القطيع
وعلاوة على ذلك، فإن عام 2021 لا يشبه على الإطلاق عام 1918، وسوف يكون للقاحات، والسفر العالمي، والبيانات، والمعالجات التي في متناولنا الآن تأثير ملحوظ على مسار جائحة كورونا.
ونقل موقع “هيلث لاين” عن الدكتور رودني رود، وهو عالم فايروسات وأستاذ لعلم المختبرات السريرية بجامعة ولاية تكساس، قوله إنه “نظرا لأن حالات عدوى كوفيد – 19 لها عدد كبير من وسائل نقلها التي لا تحمل أعراضا، فإننا قد لا نفهم بشكل كامل كيف سيستطيع الفايروس التطور في ظل الضغوط المجتمعية والبيئية التي يواجهها مثل الكمامات والتباعد الاجتماعي والتواصل عن بعد”.
وأضاف الدكتور رود أن “فايروس الأنفلونزا عام 1918 تحور في نهاية المطاف إلى حدّ أنه لم يتسبب في وفيات كثيرة، وفي الحقيقة تم ذلك بعد أكثر من ثلاثة أعوام أو نحو ذلك. وربما نشهد هذه العملية أيضا مع المتحورات الحالية لفايروس كورونا”، ولكن رود أوضح أنه ليس هناك قدر كبير من اليقين لمعرفة ما إذا كان هذا سيحدث فعلا.
وتشير دراسة نشرتها دورية “فرونتيرز إن بابليك هيلث”، بتاريخ الخامس عشر من سبتمبر 2020، إلى أن مرض كوفيد – 19 الناتج عن فايروس سارس-كوف-2 سيتحول إلى مرض موسمي في الدول ذات المناخ المعتدل، وذلك بعد بلوغ مرحلة مناعة القطيع.
وحتى ذلك الحين، فإن كوفيد – 19 سينتشر عبر الفصول المختلفة من العام، وهو ما يؤكد ضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية للحفاظ على الصحة العامة، من أجل السيطرة على انتشار الفايروس.
و يحذر حسن زاراكت الأستاذ المساعد في قسم علم الفايروسات بالجامعة الأميركية ببيروت والمشرف على الدراسة، من أن “كوفيد – 19 لا يزال موجودا، وسيتسبب في موجات أخرى على مدار العام حتى نصل إلى مناعة القطيع”.

هادي ياسين: بقاء الفايروس في الهواء يختلف عبر المواسم بسبب تغيُّر درجات الحرارة
وقال زاراكت “يجب أن يتعلم الناس كيفية التعايش مع المرض من خلال ممارسة أفضل الإجراءات الاحترازية الممكنة، المتضمنة ارتداء أقنعة الوجه والتباعد الجسدي ونظافة اليدين وتفادي التجمعات”.
وعمل الباحثون على دراسة فايروسات الأنفلونزا والأنواع الأخرى من فايروس كورونا التي تسبب نزلات البرد وتبلغ ذروتها في الشتاء في المناطق معتدلة المناخ وتستمر على مدار العام في المناطق الاستوائية.
وعملوا كذلك على فحص العوامل الفايروسية والعوامل المضيفة التي تتحكم في موسمية تلك الفايروسات، وكذلك أحدث المعلومات عن استقرار سارس-كوف-2 وانتقاله.
وقال هادي ياسين الأستاذ المساعد بقسم الأمراض المُعدية بجامعة قطر، والباحث المشارك في الدراسة، في البيان الصحافي المُصاحب للدراسة “بقاء الفايروس في الهواء وعلى الأسطح واحتمال تعرُّض الأشخاص للعدوى وسلوكيات البشر مثل التزاحم في الأماكن المغلقة، يختلف عبر المواسم بسبب تغيُّر درجات الحرارة ومعدلات الرطوبة. وهذه العوامل تؤثر في انتقال فايروسات الجهاز التنفسي في أوقات مختلفة من العام”.
ولكن مقارنة بفايروسات الجهاز التنفسي الأخرى كالأنفلونزا، يتسم كوفيد – 19 بمعدل مرتفع في الانتشار، على الأقل عند سريانه داخل المجتمعات دون اكتساب مناعة القطيع.
وقال زاراكت “معنى ذلك أن العوامل التي تتحكم في موسمية الفايروسات ليس بإمكانها حتى الآن وقف انتشار كوفيد – 19 في أشهر الصيف، بخلاف ما يحدث بالنسبة إلى الأنفلونزا وفايروسات الجهاز التنفسي الأخرى. وبمجرد تحقُّق مناعة القطيع من خلال العدوى الطبيعية والتطعيمات، يُفترض أن ينخفض بشدة معدل انتقال المرض ليصبح متأثرا بالعوامل الموسمية.
وقد سبق لبعض فايروسات كورونا التي ظهرت حديثا مثل فايروس كورونا البشري المعروف بـ(NL63)، وفايروس كورونا البشري المعروف بـ(HKU1)، أن أصبحت موسمية مثل الأنفلونزا”. توضح الدراسة أنه “بالرغم من الكم الهائل من الأبحاث التي أُجريت حول كوفيد – 19، إلا أن هناك جوانب غامضة تحيط به، وسيتبين في المستقبل صدق توقعات الدراسة من عدمه بأن يتحول إلى فايروس موسمي مثل فايروسات كورونا الأخرى”.
فايروس الأنفلونزا تحوّر إلى حدّ أنه لم يتسبب في وفيات كثيرة، وربما تتم هذه العملية مع المتحوّرات الحالية لكورونا
وقال ياسين “إن أعلى معدلات الإصابة بكوفيد – 19 للفرد على مستوى العالم تم تسجيلها في دول الخليج، بصرف النظر عن موسم الصيف الساخن. ورغم أن ذلك يرجع -إلى حدّ كبير- إلى سرعة تكاثر الفايروس في الأماكن المغلقة، إلا أنه يؤكد الحاجة إلى تدابير رقابية صارمة حتى تتحقق مناعة القطيع”. وأظهرت بيانات مجمعة أن إجمالي عدد الإصابات بفايروس كورونا في أنحاء العالم يقترب من 270.8 مليون إصابة، بينما تجاوز عدد جرعات اللقاحات التي جرى إعطاؤها 8.47 مليار جرعة.
وأظهرت أحدث البيانات المتوفرة على موقع جامعة جونز هوبكنز الأميركية، أن إجمالي الإصابات وصل إلى 270 مليونا و778 ألف حالة. وارتفع إجمالي الوفيات إلى خمسة ملايين و312 ألف حالة وفاة.
تجدر الإشارة إلى أن هناك عددا من الجهات التي توفر بيانات مجمعة بشأن كورونا حول العالم، وقد تكون بينها بعض الاختلافات.