خبراء اللياقة يشجعون على ممارسة الرياضة صيفا، لكن بشروط

يتعلل الكثير من الناس بارتفاع درجات الحرارة للعزوف عن ممارسة الرياضة في هذا الفصل الحار، بدعوى أنها تتسبب في حالة إعياء شديد للجسد، إلا أن خبراء اللياقة يرون أن عامل الطقس وتقلباته يمكن أن تصبح حافزا إضافيا لممارسة التمارين الرياضية بدل التذرع بها، وللمساعدة على أخذ جملة من الاحتياطات اللازمة أثناء ممارسة الرياضة صيفا يقدم أحد المشرفين على النوادي الرياضية بعض النصائح والخطوات الهامة.
لندن – تصيب ممارسة الرياضة في الحر المرء بالإحباط وتراجع مستوى الطاقة، ناهيك عن التعرّق الشديد.
لكن قضاء الصيف دون تدريبات يفوت على العضلات وسائر الأعضاء وقتا ثمينا قد تصعب معه عملية استرجاع نسق اللياقة مجددا في ما بعد.
ويستلزم الحفاظ على نسق معتدل ومتوازن للياقة، ممارسة التمارين بشكل منتظم ومتواصل دون انقطاع، حتى لا يفقد الجسم مرونته وقوته.
وأوردت مجلة “إل” العالمية أنه ينبغي مراعاة بعض النقاط المهمة عند الرغبة في ممارسة الرياضة خلال فصل الصيف، تجنبا لأي متاعب صحية.
ووفقا لـ“إل” قدم جان كريستوف بلين المشرف على التدريب في نوادي لوزين الرياضية مجموعة من النصائح للمساعدة على أخذ جملة من الاحتياطات اللازمة أثناء ممارسة الرياضة.
ويرى بلين أنه ليس من السهل مع ارتفاع درجات الحرارة الحفاظ على النشاط البدني دون معرفة بكيفية حماية المرء نفسه من الإرهاق وتعريض جسده لأي متاعب أخرى.
ويؤكد خبراء اللياقة البدنية أن ممارسة التمارين الرياضية أثناء درجات الحرارة المرتفعة مع الرطوبة، يمكن أن تؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم الأساسية، مشيرين إلى أن ممارسة الرياضة في الطقس الحار تضع ضغطا إضافيا على الجسم.
وينصح بلين محبي الرياضة بالتوجه إلى إحدى الصالات الرياضية المكيفة إذا كان في مقدورهم ذلك، قائلا “إذا كان بإمكانكم الوصول إلى صالة رياضية مكيفة، فلا تترددوا في الذهاب إلى هناك لممارسة التمارين”.
ويلفت إلى أن الأمر يختلف مع الراغبين في ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، حيث يجب عليهم تطبيق العديد من القواعد الذهبية، معتبرا أن الأماكن المفتوحة تصبح فيها الأمور صعبة.
وحذر بلين من الرياضات الجماعية أو التنافسية مثل رياضة التنس، موضحا أن هذه الألعاب تقوي الروح التنافسية، وتدفع إلى بذل المزيد من الجهد، مما قد ينجر عنه التعرض للجفاف والتعب الشديد.
احتياطات ينبغي مراعاتها
ويوصي بممارسة الرياضة في الصباح الباكر عندما يكون الهواء نقيا، حتى لا يعود النشاط البدني بنتائج عكسية على الجسد والقلب، قائلا “أثناء موجات الحر، عليك أن تحاول الحد من أدائك وأن تكون عقلانيا”، موضحا أن التدريب الخفيف مع كثافة أقل ومدة أقصر يكون جيدا.
ويتعرض الجسم خلال التدريب البدني في الجو الحار لبعض التغيرات الفسيولوجية منها ما هو مرتبط باستهلاك الأوكسجين وكفاءة الجهاز الدوري وسوائل الجسم وفقدان الوزن.
إذ تجعل ممارسة الرياضة في الجو الحار الرياضي يتعرض لجزء كبير من أشعة الشمس ولفترات طويلة. ولتفادي هذه الأخطار يؤكد بلين أن الماء يعد مهما للغاية، مشيرا إلى أنه “إذا كان من المستحسن في الأوقات العادية شرب 1.5 لتر من الماء يوميا، فإن هذا الأمر يصبح ضروريا خلال موجة الحر”، بالإضافة إلى ذلك، عندما نمارس الرياضة نتعرق وبالتالي نفقد الماء لذلك “من المهم تزويد الجسم بالماء”، قائلا “يجب أن تحاول الشرب كل عشر دقائق ولكن رشفتين فقط حتى لا يُثقل السائل المعدة.. وبمجرد انتهاء الحصة الرياضية يجب على الرياضي الاستمرار في ترطيب جسده طوال اليوم، ودون أن ينتظر الشعور بالعطش للشرب”.
وينصح خبراء اللياقة البدنية بشرب الكثير من السوائل حتى يبقى الجسم رطبا وأفضل شيء هو شرب الماء، حيث يقوم الرياضي بتروية الجسم في الجو الحار قبل بدء التمرين بـ15 إلى 20 دقيقة وكل 15 دقيقة خلال أداء التمرين. ومن المستحسن شرب المياه المعدنية لتعويض الجسم عن المعادن، التي يفقدها أثناء التدريب كالصوديوم.
ويفقد الرياضي أثناء التمرين أيضا الكثير من الأملاح المعدنية، وخاصة الصوديوم الذي يعطي العرق طعما مالحا، إلا أن الكهارل (تساهم في تنظيم الوظائف القلبية والعصبية، وتوازن السوائل، ونقل الأكسجين..) تساعد في الحفاظ على مستوى جيد من الماء في الجسم وتحديد كمية الماء التي تحتفظ بها الخلايا أو تفرغها على وجه الخصوص.
ويوصي بلين لمواجهة اختلال التوازن المحتمل، باختيار المشروبات الغنية بالبوتاسيوم والصوديوم، كما يحذر مع ذلك من شرب المشروبات شديدة البرودة التي قد تؤدي إلى تهيج المعدة.
الطقس يمكن أن يصبح حافزا إضافيا لممارسة الرياضة، فلكل فصل مميزات يمكن استغلالها لابتداع رياضات ممتعة
وقال أندرياس ماتزراكيس الخبير لدى هيئة الأرصاد الجوية الألمانية إن الجسم يفقد الأملاح بفعل التعرق، مما يؤدي إلى الشعور بالتعب، وهو ما يمكن مواجهته من خلال شرب المياه المعدنية الغنية بالصوديوم، وكذلك حساء اللحم أو حساء الخضروات.
وتعمل درجة الحرارة العالية على خفض شهية الفرد للطعام، لذا يجب أن يأكل الرياضي بانتظام ويحاول أن يتناول وجبات صغيرة بين 5 و6 مرات في اليوم بحيث تشمل الكثير من الفواكه والخضروات.
كما ينصح الرياضي بعدم محاولة تخفيف الوزن عن طريق زيادة إفراز العرق لأن هذه العملية ببساطة ما هي إلا خسارة للماء بالجسم وليس تخفيضا للوزن.
ويتابع بلين أن هناك جانبا مهما لا يجب إغفاله عند ممارسة الرياضة في الطقس الحار، وهو ارتداء الملابس المناسبة، موضحا أنه “من المهم ارتداء قبعة رياضية، ويفضل أن يكون لونها أسود لأنه سيرفض الأشعة فوق البنفسجية”. ففي حال ممارسة الرياضة تحت أشعة الشمس الساطعة، ينبغي تغطية الرأس والأكتاف.
أما بالنسبة إلى البنطلونات والسراويل القصيرة وحمالات الصدر، فيقول بلين “نحن نختار الأقمشة التي تسمح للجلد بالتنفس وتساعد على التخلص من العرق. لماذا؟ أولا وقبل كل شيء لتجنب مخاطر تهيج الجلد ومشاكل الجلد المتعلقة بالعرق، ولكن أيضا لأن تبخر العرق مهم جدا لتبريد الجسم”.
ويحذر بلين من بدء الاستحمام إثر الانتهاء من التمارين الرياضية بالماء الفاتر، مشيرا إلى أن “الماء البارد الخيار الأفضل.. إذا تم إجراؤه بشكل صحيح يمكن أن يساعد الاستحمام بالماء البارد في مكافحة الشعور بثقل الساقين في اليوم التالي للجلسة”، وقال إن على الرياضي أن يمرر الماء تدريجيا على الذراعين والساقين “عليك أن تكون حذرا عندما يكون الجسم ساخنا”.
اتباع أسلوب حياة صحي
كشف مدربو اللياقة أن الجسم يمكنه أن يتكيف مع الأداء الرياضي في الجو الحار بعد التدريب (من 4 إلى 14 يوما) وبذلك يقل الشعور بالألم مقارنة بما قبل التدريب، لكن من ناحية أخرى يتعين على الرياضي الإنصات إلى جسمه، حيث ينبغي أن يتوقف عن التدريب في حال شعوره بدوار أو غثيان، لاسيما إن كان الشخص مبتدئا في ممارسة التمارين، فعليه أن يكون حذرا عند ممارستها في الحر؛ لأن جسده قد يكون أقل تحملا للحرارة، ولذلك عليه أن يقلل من كثافة التمارين وأخذ فترات راحة بينها.
ومن المعروف أن جسم الناشئ الذي يتدرب في الجو الحار هو أكثر عرضة من الكبار للإصابات الحرارية نظرا لأنه أقل قدرة على تحمل الإجهاد الحراري وذلك لإنتاجه قدرا كبيرا من الحرارة بالنسبة إلى كتلة الجسم، وأيضا لقدرته على التعرق أقل نسبيا من الكبار مما قد يؤدي إلى زيادة ارتفاع درجة الحرارة وقلة عملية تبخر العرق. ومع الاستمرار في النشاط الرياضي تزداد الحرارة الداخلية لجسم الناشئ ويتجه الدم بكمية كبيرة إلى الجلد للمساعدة في عملية التخلص من درجة الحرارة الزائدة بالداخل. وبالتالي يقل الدم الواصل للعضلات نتيجة لاندفاعه إلى الجلد وكذلك يحدث انخفاض في كفاءة القلب مما يؤدي إلى سرعة التعب، بالإضافة إلى التعب العضلي الذي يشعر به الناشئ، كما تقل كفاءة الرئتين التي تعتمد على عضلات التنفس في إمداد الجسم بالأوكسجين اللازم، ويحدث أيضا تقلص عضلي للناشئ نتيجة لفقده بعض أملاح كلوريد الصوديوم.
ويتميّز الجسم البشري بالقدرة على الاحتفاظ بثبات درجة حرارة بنيته الداخلية والتي غالبا ما تكون 37 درجة مئوية، ويصاحب عمليات التمثيل الغذائي عادة إنتاج الحرارة حيث يقل إنتاج الجسم للحرارة أثناء الراحة. فبينما يكون في الراحة في حدود 75 سعرة حرارية في الساعة نجد أنه يصل إلى 1500 سعرة حرارية في الساعة خلال ممارسة النشاط الرياضي. ومن الطبيعي كي يحافظ الجسم على استمرار الحياة أن يتخلص بصفة مستمرة من هذه الحرارة الزائدة. وقد يحتاج الجسم إلى زيادة درجة حرارته عند بداية العمل العضلي ليقوم بوظائفه بفاعلية أكبر إلا أن هذه الزيادة لا تتعدى درجتين، أي أن درجة الحرارة الملائمة لأداء النشاط البدني يمكن أن تصل إلى 39 درجة لكنها لا يجب أن تتعدى ذلك، حيث أنه بمجرد أن تصل درجة الحرارة إلى 43 درجة مئوية أثناء النشاط الرياضي فإنه يقود إلى حدوث حالات وفاة.
وتشير الدراسات إلى أن درجة تحمّل الإناث للأداء في الجو الحار تقلّ عنها عند الذكور، وقد يرجع ذلك إلى تأثير الهرمونات الجنسية لديهن على تقليل إفراز العرق ويعاني أيضا الأشخاص المصابون بالسمنة أكثر من النحاف خلال الأداء الرياضي في جو حار.
ممارسة الرياضة أثناء الساعات الأخيرة من النهار تجنب المتاعب الصحية، إذ أن درجات الحرارة تنخفض أثناء الساعات الأخيرة من النهار
ويعتبر العديد من خبراء اللياقة أن ممارسة الرياضة أثناء الساعات الأخيرة من النهار تجنب المتاعب الصحية، إذ أنه من المؤكد أن درجات الحرارة تنخفض أثناء الساعات الأخيرة من النهار، ولذلك فإن ممارسة الرياضة في الطقس الجيد ستكون أقل إرهاقا. كما لفتوا إلى أن السباحة تعد من أبرز أنواع الرياضات المفيدة خلال فصل الصيف، كونها تساعد في الحفاظ على اللياقة البدنية للجسم وتزوده بالقوة والنشاط وحرق السعرات الحرارية، مع مراعاة الإحماء الجيد قبل أداء تمارين السباحة، لتجنب التعب المفاجئ أو تشنج العضلات، خاصة عضلات الرجلين وأصابع القدم خلال فترة التمرين.
وأضافوا أن ممارسة المشي والجري هي أيضا من الرياضات التي تحافظ على قوة الأعصاب واللياقة البدنية، وتعمل على تشغيل العضلات بشكل سليم، وتساعد على فقد الدهون الزائدة ويجب ممارستها في الأماكن المفتوحة بعيدا عن فترات الذروة والرطوبة العالية.
ومع ذلك يتعلل الكثيرون بارتفاع درجات الحرارة للعزوف عن ممارسة الرياضة في هذا الفصل الحار، بدعوى أنها تتسبب في حالة إعياء شديد للجسد، بسبب ارتفاع نسبة التعرق وتزايد نبضات القلب، إلا أن أغلب الدراسات تؤكد على ضرورة اتباع أسلوب الحياة الصحي الذي يعتمد على الأغذية الصحية، وممارسة الرياضة بانتظام.
ويرى باحثون أن عامل الطقس وتقلباته يمكن أن تصبح حافزا إضافيا لممارسة التمارين الرياضية بدل التذرع بها. فلكل فصل مميزات من الممكن استغلالها لابتداع أنواع مختلفة من الرياضات الممتعة.