خبراء الصحة يحذرون من مواجهة "وباء ثلاثي"

الفايروس المخلوي التنفسي وكورونا والأنفلونزا قد تَضرب في وقت واحدلا.
السبت 2022/12/10
الطقس البارد يعد سببا لانتشار الفايروس

يشير خبراء الصحة إلى انتشار فايروسات الإنفلونزا وسارس كوف ـ 2 والفايروس المخلوي التنفسي على نطاق واسع الآن، ما يشكل تهديدا مقلقا للصحة العامة. ويعد الطقس البارد سببا لانتشار الأمراض التنفسية ذلك أن انخفاض درجة الحرارة بمقدار 9 درجات فهرنهايت يكفي لقتل ما يقارب نصف المليارات من الخلايا التي تمنع دخول الفايروسات والبكتيريا في أنف الشخص.

واشنطن - أكد خبراء الصحة في الولايات المتحدة أنه بعد سنوات من العزل والإجراءات الصارمة التي اتخذت للحد من انتشار كورونا أصبح سارس كوف – 2 والفايروس المخلوي التنفسي والأنفلونزا تضرب بقوة في وقت مبكّر خلال موسم البرد.

ووُصفت هذه الظاهرة باسم “الوباء الثلاثي”، حيث أن الفايروسات التنفسية الخطيرة الثلاثة تنتشر على نطاق واسع الآن، وتشكل تهديدا للصحة العامة.

وسبق أن حذر مسؤولو الصحة في البلد منذ أشهر من أن العالم قد يواجه “وباء ثلاثيا” هذا الشتاء حيث يضرب كل من الفايروس المخلوي التنفسي والأنفلونزا وكوفيد – 19 في وقت واحد.

ويرجح الدكتور ديفيد هيرشويرك، المدير الطبي لمستشفى جامعة نورث شور في مانهاست واختصاصي الأمراض المعدية في نورثويل هيلث، أن سبب الانتشار الواسع لهذه الأمراض التنفسية هو عدم ارتداء أقنعة الوجه، بالإضافة إلى أن هناك الكثيرين ممن لم يتلقوا لقاح الأنفلونزا، مشيرا إلى أن الطقس البارد يعد سببا آخر يسهم في هذا الانتشار.

سبب الانتشار الواسع لهذه الأمراض هو عدم ارتداء أقنعة الوجه، وعدم تلقي لقاح الأنفلونزا من قِبل الكثيرين

ووجد بحث جديد نُشر في مجلة “الحساسية والمناعة السريرية” أنه حتى انخفاض درجة الحرارة بمقدار 9 درجات فهرنهايت يكفي لقتل ما يقارب نصف المليارات من الخلايا التي تمنع دخول الفايروسات والبكتيريا في أنف الشخص.

وقال عالم الأنف الدكتور بنجامين بليير، والأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن، لشبكة “سي إن إن”، “يمكن أن يفقد الشخص نصف مناعته عموما بسبب هذا الانخفاض الطفيف في درجة الحرارة”.

وإذا شعُر بأنه ليس على ما يرام فإن إجراء الاختبار هو أفضل طريقة لتحديد المرض الذي أصيب به، وفق قول بليير. ويمكن إجراء اختبارات المسحة الواحدة لأي من الفايروسات الثلاثة في مرافق الرعاية الصحية أو باستخدام الاختبارات المنزلية المتاحة.

ولئن كان من الممكن الإصابة بـ”الوباء الثلاثي” في وقت واحد، فإن هيرشويرك يقول “إن هذا أمر غير شائع في الواقع”.

وتميل الفايروسات الثلاثة إلى الاستمرار من خمسة إلى سبعة أيام، وعادة ما يتحور فايروس الأنفلونزا من عام إلى آخر. ويمكن أن تؤدي الأنفلونزا إلى المزيد من أمراض الجهاز التنفسي مثل الالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية. وتظهر بشكل شائع من خلال الأعراض الشبيهة بالبرد (الزكام) والتنقيط الأنفي الهلفي (نزول الإفرازات الأنفية من المنطقة الخلفية للأنف إلى الحلق).

ويمكن أن تسبب الأنفلونزا أيضا مشاكل في الجهاز الهضمي، وارتفاعا في درجة الحرارة، وسعالا مخاطيا، والتهابا في الحلق، وشعورا بالإرهاق.

ووفقا للدكتور هيرشويرك، فإن الحصول على لقاح الأنفلونزا هو الحل الأمثل لمكافحة الفايروس، بالإضافة إلى الأدوية الموصوفة من قبل الأطباء لدرء مضاعفات المرض وتجنب أعراضه.

ومن المعروف أن كوفيد – 19 هو فايروس تنفسي نشأ في أواخر عام 2019. وهو يؤثر بشكل أساسي على الجهاز التنفسي، ولكن يمكن أن يؤثر أيضا على أعضاء أخرى من الجسم، مثل القلب. وتشمل تأثيرات العدوى طويلة المدى التهاب عضلة القلب والجلطات الدماغية.

ee

وتتمثل الأعراض الرئيسية لكوفيد – 19 في صعوبة التنفس والسعال الجاف والتهاب الحلق والأوجاع والآلام والإرهاق وفقدان حاستيْ التذوق والشم.

وكما هو الحال مع الأنفلونزا تعد اللقاحات أمرا بالغ الأهمية. ويمكن استخدام مجموعة من الأدوية الموصوفة من قبل الأطباء لدرء أعراض المرض الخفيفة. ولمنع انتشار العدوى توصي الدكتورة خوانيتا مورا، من جمعية الرئة الأميركية، أيضا بإجراء “حجر صحي صغير”.

أما بخصوص الفايروس المخلوي التنفسي فإنه لا يمكن أن يكون أكثر إزعاجا من نزلات البرد المعتدلة، ولكنه قد يكون شديدا جدا لدى الأطفال الصغار وكبار السن. كما يمكن أن يسبب التهاب القصيبات عدوى الرئة، بالإضافة إلى الالتهاب الشعبي الرئوي.

وتظهر في البداية أعراض تشبه أعراض البرد، ولكنها تصبح أكثر حدة عند الأطفال الصغار أثناء الوصول إلى الرئتين.

وتشمل العلامات التحذيرية السعال الجاف وارتفاعا في درجة الحرارة وصعوبة في التنفس وجفافا وسيلانا في الأنف وأزيزا وضيقا في التنفس. وباستثناء “سيناجيس”، وهو لقاح خاص بالمرضى الذين يعانون من نقص المناعة، لا يوجد في الوقت الحاضر لقاح للفايروس المخلوي التنفسي.

وتعد التدابير الصحية الأساسية في المنزل والمدرسة أفضل إجراء وقائي حتى الآن. ويمكن اعتماد علاجات للأعراض، مثل “متران” أو “تيلينول”. وقد تتطلب الحالات الشديدة من المرض اعتماد جهاز استنشاق موصوف مع ألبوتيرول.

وقال الدكتور سفين آرمبروست “إن الفايروس المخلوي التنفسي هو فايروس يهاجم المسالك التنفسية خلال فصل الشتاء”، مشيرا إلى أنه يمكن أن يصيب كل الأعمار، خاصة الأطفال الصغار.

الفايروسات الثلاثة تميل إلى الاستمرار من خمسة إلى سبعة أيام، وعادة ما يتحور فايروس الأنفلونزا من عام إلى آخر

وأضاف طبيب الأطفال الألماني أن “الفايروس المخلوي التنفسي ينتقل عبر الرذاذ المنتشر في الهواء بفعل السعال والعطس”، مشيرا إلى أن أعراضه تتمثل في العطس والسعال والرشح وانسداد الأنف والحمى والتهاب الشعب الهوائية.

وحذر آرمبروست من أن الفايروس المخلوي التنفسي قد يتخذ مسارا شديدا لدى الأطفال، لاسيما الأطفال حديثي الولادة والأطفال الذين يعانون من أمراض القلب أو عيوب الرئة الخلقية أو الأمراض العصبية؛ حيث قد يصاب الطفل بالتهاب رئوي، وهو ما يشكل خطرا داهما.

وعلى أية حال ينبغي استشارة الطبيب، لاسيما في حالة ظهور أعراض خطيرة مثل ضيق التنفس وازرقاق الشفاه؛ حيث يشير ذلك إلى نقص الأوكسجين.

ويتم العلاج من خلال تخفيف الأعراض بواسطة الأدوية الخافضة للحرارة وبخاخات الأنف المزيلة للاحتقان والأدوية الموسعة للشعب الهوائية، كما يمكن استخدام أجهزة الاستنشاق.

وبالنسبة إلى الأطفال الأكثر عُرضة لمضاعفات الفايروس المخلوي التنفسي فإنه يمكن حمايتهم من خلال التحصين السلبي؛ حيث يتم حقنهم بالجسم المضاد المعروف باسم “بالبفيزيماب” كل أربعة أسابيع خلال موسم الفايروس المخلوي التنفسي.

وابتكر العلماء لقاحا فائقا يمكنه محاربة كل سلالة معروفة من سلالات الأنفلونزا ويستخدم التقنية نفسها التي تستخدم في لقاح كورونا.

وقد قدم اللقاح التجريبي، الذي لم يتم اختباره على الأشخاص بعد، حماية واسعة ضد 20 نوعا فرعيا من الأنفلونزا “أ” و”ب” في الاختبارات التي أجريت على الحيوانات.

وفي جرعتين يستخدم تقنية “إم أر إن إيه” التي كانت رائدة خلال الوباء في لقاحات كورونا من “موديرنا” و”فايزر”. وهو يعمل من خلال تقديم التعليمات التي تعلم الخلايا إنشاء نسخ متماثلة من البروتينات التي تظهر على جميع أسطح فايروس الأنفلونزا.

ee

وهذا يدرب الجسم على تذكر كيفية التعرف على أي غزاة أجانب يحملون هذا البروتين في المستقبل. ويكمن الأمل في أن يمنح اللقاح الشاملُ الناسَ مستوى أساسيا من المناعة من شأنه أن يقلل نسب دخول المستشفى والوفيات كل عام.

وسيؤدي ذلك أيضا إلى التخلص من التخمين الذي يتم إجراؤه في تطوير جرعات سنوية قبل أشهر من موسم الأنفلونزا كل عام.

وحاليا يتم تحديد اللقاح بناء على ماهية فايروسات الأنفلونزا التي تصيب الناس بالمرض قبل موسم الأنفلونزا القادم، وأيضا بناء على مدى انتشار هذه الفايروسات ومدى تجهيز الجسم جيدا للتعامل مع فايروسات الأنفلونزا تلك حسب حقنة الموسم السابق.

وإلى حد الآن لا يوجد لقاح لعدوى “ايتش 3 إن 2″، وقد قام العلماء ببعض التحركات للبدء في تطوير لقاح ما، لكن لا يوجد إجماع على إنتاج لقاح على نطاق واسع، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي).

العلماء ابتكروا لقاحا فائقا يمكنه محاربة كل سلالة معروفة من سلالات الأنفلونزا ويستخدم التقنية نفسها التي تستخدم في لقاح كورونا

وفي حين أن اللقاح الجديد يمكن أن يوقف أوبئة الأنفلونزا في المستقبل إلا أنه لن يكون حلا سحريا، لأنه سيقلل من الأمراض الشديدة والوفيات ولكنه لن يمنع العدوى تماما.

واختبر الباحثون في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا اللقاح على الفئران والقوارض فقط، لكنهم يصممون تجارب بشرية في الوقت الحالي. ووجد الباحثون أن مستويات الأجسام المضادة التي يسببها اللقاح ظلت دون تغيير لمدة أربعة أشهر على الأقل في الحيوانات التي تم اختبارها.

ويستخدم اللقاح الجديد جزءا من الشفرة الجينية تسمى “إم أر إن إيه”، ويعطي تعليمات للخلايا تسمح لها بإنشاء نسخ طبق الأصل من بروتينات هيماجلوتينين المزعومة التي تظهر على أسطح فايروس الأنفلونزا.

وهذه تحفز الاستجابة المناعية حيث يصنع الجسم ويتذكر الأجسام المضادة لكل فايروس أنفلونزا. ولا تستطيع لقاحات الأنفلونزا الحالية القيام بذلك، لأنها تعتمد على قطعة مادية صغيرة من سلالة الأنفلونزا الضعيفة.

ولا يُتوقع أن يوقف اللقاح تماما عدوى الأنفلونزا، لكنه سيقلل من فرص الإصابة بأمراض خطيرة والوفاة من المتغيرات الجديدة للفايروس. وهذا يعني أنه سيتم تحصين الناس بشكل فعال ضد 20 نوعا من الأنفلونزا دفعة واحدة.

17