خارطة لإنارة طريق الصناعة التقليدية في المغرب

تعميم التأمين الصحي لفائدة الحرفيين ودعم وتطوير الحرف والتسويق.
السبت 2024/07/27
الحلي بعلامة مميزة

تكتسب الصناعات التقليدية أهمية بالغة في تاريخ الشعوب وثقافتها وترسيخ هويتها التي تميزها وتحدد موقعها في الحضارة البشرية لذلك تعمل المملكة المغربية على إستراتيجية واضحة المعالم للحفاظ على هذا التراث اللامادي وإنقاذه وتحفيز الشباب على إحيائه بتعلمه وإتقانه والاستثمار فيه.

الرباط - يعتزم المغرب إعداد خارطة الطريق لتطوير الصناعة التقليدية للنهوض بالقطاع. ويتميز المغرب بتراثه الثقافي الغني، الذي ينعكس في العديد من الصناعات التقليدية التي ما زالت تزدهر حتى اليوم، من أبرزها الصناعة التقليدية للنسيج والفخار والخزف والجلود والنحاس والفضة والخشب المنحوت وصناعة العطور والزيوت.

وتهدف الحكومة إلى مواجهة تحديات القطاع بما في ذلك المحافظة على التراث، وتعميم التأمين الصحي لفائدة الحرفيين، ودعم وتطوير الحرف، والتسويق والرفع من الصادرات، عبر إستراتيجية موسعة لتعزيز القطاع.

وتأتي هذه الإستراتيجية في ظل صعوبات تعتري الحرفيين التقليديين، كالمنافسة الكبيرة للمنتجات الحديثة، فضلا عن إحجام الشباب على امتهان هذه الحرف.

وأعلن المغرب مؤخرا، اعتزامه إعداد خارطة الطريق لتطوير الصناعة التقليدية للنهوض بالقطاع، عقب ترؤس رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، الاجتماع الأول للمجلس الوطني للصناعة التقليدية (حكومية)، في 17 يوليو الجاري.

ولفت بيان للحكومة، إلى أنه تم تشكيل اللجنة الخاصة التي ستتابع إعداد خارطة الطريق الإستراتيجية الجديدة لتطوير الصناعة التقليدية.وتهدف الإستراتيجية، وفق البيان، إلى مواجهة تحديات القطاع بما في ذلك المحافظة على التراث، وتعميم التغطية الصحية (التأمين الصحي)، وتعزيز دور غرف الصناعة التقليدية (حكومية)، ودعم وتطوير التعاونيات (تجمع يضم 3 حرفيين أو أكثر) والتكوين المهني والمواد الأولية، والتسويق والرفع من الصادرات.

اا

وأوضح البيان أن “هذا المجلس يعتبر مرحلة حاسمة في الإستراتيجية الوطنية لتطوير الصناعة التقليدية، حيث تتمثل مهمته الرئيسية في وضع واقتراح إجراءات ملموسة، تهدف إلى تنشيط وتحديث وتطوير القطاع”.

وقال عبد الرحيم الزمزمي، رئيس غرفة الصناعة التقليدية بالرباط وسلا (حكومية) إن خارطة الطريق هذه تهدف إلى تطوير الحرف التقليدية. وأضاف المسؤول المغربي أن هذه الإستراتيجية ستوفر عددا من الإمكانات لفائدة الحرف والحرفيين، مثل التكوين والدعم وتثمين المنتجات ودعم المواد الأولية. وتابع: “هذه الإستراتيجية تشمل جميع الحرف، والجديد أيضا أنها تشمل الحرف الخدماتية، مثل الميكانيكي والحلاق وصباغ السيارات”.

وبحسب الزمزمي، فإن هذه الإستراتيجية تهدف أيضا لاستفادة الحرفيين من التأمين الصحي، و”الحكومة تعهدت بميزانية إضافية لدعم القطاع، وهو ما سينعكس إيجابا على الحرفيين التقليديين”.

تأتي الإستراتيجية، بالنظر إلى الصعوبات التي تعتري قطاع الحرفيين التقليديين، في ظل منافسة المنتجات الصناعية. وفي هذا الإطار، أشار حميد العيسي، وهو خياط تقليدي، إلى أن هناك إقبالا على الصناعة التقليدية في بلاده رغم ما يعتريها من إكراهات.

وأوضح أنه رغم هذا الإقبال، إلا أنه قل بالمقارنة مع سنوات سابقة. وأشار العيسي إلى أن الحرفة التقليدية الأصيلة بدأت تنقرض، خاصة الحرفيين الذين يعملون بأيديهم فقط، دون الحاجة إلى الآلات.

وأوضح أن استعمال اليد فقط في الحرف التقليدية مثل الخياطة أصبح قليلا، حيث يستعين الحرفيون بآلة الخياطة لربح الوقت من جهة، وللأسعار المنخفضة للملابس التقليدية المصنوعة عبر هذه الآلات من جهة ثانية.

معلم بلا خليفة

وحذر العيسي من انقراض بعض الحرف بسبب عدم إقبال الشباب على امتهانها، خاصة في ظل تراجع أرباح الحرفيين، وعدم قبول الشباب امتهانها دون مقابل مالي منذ الشهور الأولى.

ويهدف المغرب للحفاظ على الحرف التقليدية، بالنظر إلى المنافسة الكبيرة للمنتوجات الصناعية وكلفتها المنخفضة، فضلا عن إحجام الشباب على امتهان هذه الحرف.

وأعلن المغرب خلال مارس 2024، عن برنامج يمتد حتى 2026، للحفاظ على 32 حرفة مهددة بالانقراض.

جاء ذلك، حسب بيان لوزارة السياحة المغربية، عقب الاجتماع الثاني للجنة قيادة برنامج “الكنوز الحرفية المغربية” بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).

ويهدف البرنامج إلى الحفاظ على المعارف والمهارات المرتبطة بحرف الصناعة التقليدية المهددة بالانقراض من خلال ضمان انتقالها للشباب. كما تسعى الوزارة إلى مساعدة الحرفيين للانخراط في التأمين الصحي.

وفي هذا الإطار، قالت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية المغربية، فاطمة الزهراء عمور، إنه تم تسجيل أكثر من 400 ألف حرفي بالسجل الوطني للصناعة التقليدية، إضافة إلى 647 ألف حرفي في نظام التأمين الإجباري عن المرض (التأمين الصحي)، مما يعد تقدما كبيرا للقطاع.

وقالت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية، إن حجم معاملات قطاع الصناعة التقليدية في بلادها بلغ 147 مليار درهم (14.7 مليار دولار) خلال 2023.

للجلد عنوان راسخ
للجلد عنوان راسخ

وأشادت الوزيرة وفق بيان لوزارتها، بالأداء المميز للقطاع سنة 2023، حيث تجاوزت الصادرات المباشرة عتبة 1 مليار درهم (100 مليون دولار) في 2023، مسجلة بذلك رقما قياسيا جديدا للسنة الثانية على التوالي. وأكدت الوزيرة على الأهمية البالغة للصناعة التقليدية في الاقتصاد الوطني والمحافظة على التراث الثقافي المغربي.

وأبرزت عمور الأثر الكبير للسياحة على القطاع، مشيرة إلى أن مشتريات منتجات الصناعة التقليدية من قبل السياح في المغرب بلغت 10 مليارات درهم (1 مليار دولار).

ويتوفر المغرب على 150 حرفة، منها 100 في الصناعة التقليدية الإنتاجية، و50 في الصناعة التقليدية الخدماتية، حسب دليل “مرجعيات الحرف والمهن” (حكومي).

ويشغل قطاع الصناعة التقليدية في المغرب أكثر من 2.3 مليون حرفي، يمثلون قرابة 20 بالمئة من الأيدي العاملة، أغلبهم في الأرياف. وتساهم الصناعة التقليدية بما بين 8 و9 بالمئة من الناتج الداخلي الخام.

Thumbnail
16