حواجز وخنادق الحوثي تقيد حركة سكان الحديدة

الحفريات والخنادق والحواجز لا تقتصر على مدينة الحديدة فقط، بل امتدت إلى الطرقات الرئيسية التي تربطها بالمدن والبلدات الواقعة في جنوب المدينة.
السبت 2018/07/28
خنادق الحوثيين جزء من استراتيجية قتال الشوارع

الحديدة (اليمن) - يحاول سكان مدينة الحديدة، غربي اليمن، التأقلم مع الخنادق والحواجز التي نصبها المسلحون الحوثيون في الشوارع والطرقات الرئيسية بالأحياء الجنوبية للمدينة من أجل إبطاء تقدم القوات الحكومية للسيطرة على الحديدة ومينائها الاستراتيجي.

وفرض أسلوب الحياة الجديد على أكثر من 600 ألف شخص يسكنون المدينة واقعا جديدا أصبحوا معه مقيدين في أحيائهم، بعد أن قطّعت تلك الحفريات والحواجز أوصال المدينة الواقعة على ساحل البحر الأحمر.

وقال سكان في المدينة إن الخنادق التي حفرها الحوثيون والحواجز الإسمنتية والسواتر الترابية، عقّدت حياتهم، وباتت الحركة في المدينة ثقيلة، رغم حالة النزوح الكبيرة منها.

يتحدث عن هذا الوضع، نبيل حيدر، وهو أحد السكان في حي الربصة جنوبي المدينة، مشيرا إلى أنه غادر منزله إلى منزل والده وسط المدينة، بعد أن حفر الحوثيون خندقا في شارع القدس منع مرور السيارة ووصوله إلى منزله.

وأضاف أن “الشوارع في الأحياء الجنوبية أغلبها مقطوعة بسبب حفريات الخنادق، بالإضافة إلى الحواجز المنصوبة على النقاط الرئيسية، والآن لا أستطيع أن أصل إلى منزلي إلا مشيا”. كما تسببت الحفريات في الشوارع بانهيار شبكات المياه والصرف الصحي.

وقال عبدالله الوصابي، وهو أحد السكان في حارة اليمن، إن الماء انقطع عن منزله والعشرات من المنازل في الحي منذ أسابيع؛ إثر حفر الحوثيين خندقا على طريق الكورنيش بالقرب من الحارة. وأضاف “عندما حفر الحوثيون الخندق تحطمت مواسير ضخ المياه، ومنذ ذلك الحين لم تصل إلى منازلنا”.

ولا تقتصر الحفريات والخنادق والحواجز على مدينة الحديدة فقط، بل امتدت إلى الطرقات الرئيسية التي تربطها بالمدن والبلدات الواقعة في جنوب المدينة، ما أثر على حركة السير والتنقل. وقالت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، في بيان إن “الأنشطة التجارية يتم استئنافها ببطء، رغم أن العديد من الطرق داخل المدينة وحولها لا تزال خطرة”.

 

في الوقت الذي أكدت فيه الحكومة اليمنية تصميمها على موقفها بضرورة انسحاب الحوثيين من مدينة الحديدة ومينائها، مقابل الدخول في مفاوضات حل الأزمة، يصرّ الحوثيون المدعومون من إيران على رفضهم الانسحاب بالتزامن مع قيامهم بحفر العديد من الخنادق في الحديدة، استعدادا للدخول في معركة طويلة هناك.

ونصب الحوثيون سواتر في الطرقات الرابطة بين مديريات بيت الفقيه والدريهمي وزبيد والجراحي. وقال مسافرون إن الطريق باتت أطول من المعتاد بسبب العوائق. وتضاعفت الفترة الزمنية للانتقال بين مدينة وأخرى، فيما يزداد التوجس لدى المسافرين من زراعة الألغام على الطرقات.

وأوضح مصدر عسكري حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الحوثيين نشروا العشرات من المسلحين بالقرب من تلك الخنادق والحواجز لجر القوات الحكومية إلى خوض قتال شوارع. وتؤكد ذلك تصريحات لوزير الخارجية اليمني، خالد حسين اليماني، قال فيها إن “الحوثيين قاموا بحفر الخنادق داخل المدينة، ما يشير إلى توجههم لخوض قتال شوارع في محاولة لاستدراج الجيش الوطني”.

وأضاف اليماني خلال لقائه مع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ومنسق عمليات الإغاثة مارك لوكوك بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، أن الرئيس اليمني أكد مرارا أن القوات الحكومية لن تنجر إلى حرب شوارع.

ومنذ 13 يونيو الماضي، تنفذ القوات الحكومية بإسناد من التحالف العربي، عملية عسكرية لاستعادة الحديدة ومينائها الاستراتيجي على البحر الأحمر من الحوثيين.

وفي 23 يونيو الماضي أعلن التحالف وقف عملياته مؤقتا من أجل إفساح المجال لجهود المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث لإقناع الحوثيين بالانسحاب من الحديدة ومينائها.

ومنذ أسابيع يقوم المبعوث الأممي بجهود دبلوماسية، بهدف حل وضع الحديدة والانتقال إلى الدخول في طاولة المفاوضات، لحل الأزمة اليمنية بشكل كامل، إلا أن جهوده اصطدمت بتعنّت الحوثيين الذين تدفعهم إيران إلى التصعيد وعرقلة أي حل يمكن أن يفضي إلى خسارتهم هذه المنطقة الاستراتيجية التي الذي تمثل الرئة الوحيدة للحوثيين بعد استعادة قوات الشرعية لميناءي المخا وميدي. وأمام هذه الأوضاع الميدانية والسياسية تتبادر إلى الأذهان العديد من الأسئلة التي بحاجة إلى إجابة من بينها، كيف سيبدو الوضع في الحديدة خلال الفترة القليلة المقبلة، خصوصا مع الاهتمام المحلي والدولي الكبير بالوضع هناك؟

ولا يعتقد المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن المبعوث الأممي سينجح في التوصل إلى تسوية للوضع الراهن في الحديدة، لأن هذه المدينة باتت تمثل النقطة الحرجة في الحرب الدائرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام في اليمن.

وذهب المحلل السياسي السعودي يحيى جابر إلى القول إن “المبعوث الأممي طلب من التحالف العربي إعطاء فرصة لإقناع الحوثيين بسحب أتباعهم من مدينة الحديدة ومينائها”، مشيرا إلى أن الفرصة التي منحها التحالف للمبعوث هي تأكيد للأهداف السامية له والتي تقوم على إعادة الشرعية والاستقرار والأمن لهذه المنطقة العربية. وتوقع أن “يتم تحرير مدينة وميناء الحديدة بالقوة وفرار مسلحي الحوثي منهما”.

ولفت إلى أن “الوضع اليمني سيشهد تغييرات نوعية في عدة جبهات مع وقوع أحداث مفاجئة، تصب جميعها في استئصال التمدد الحوثي الإيراني، بطرق متنوعة وتكتيكية غير متوقعة، تعيد الشرعية بقوة لحكم اليمن وتنتهي بمحاكمات عادلة للحوثيين ونزع سلاحهم بالقوة”.

7