حنين إلى الغيوم.. هنود يطاردون المطر في الإمارات

العشرات من السيارات ترافق الهندي محمد سجّاد في رحلاته شبه الأسبوعية، بعدما اكتسب شهرة على مواقع التواصل من خلال حسابه "رجل الطقس".
الخميس 2025/06/12
شغف هندي

يلاحق مغتربون هنود الأمطار في صيف الإمارات مستخدمين صور الأقمار الاصطناعية وبيانات الطقس، في حنين لأجواء الرياح الموسمية في كيرالا ليتحول شغفهم إلى مجتمع متفاعل عبر الإنترنت، متحديًا ندرة المطر والتغيرات المناخية.

الشارقة – يلجأ الهندي محمد سجّاد لصور الأقمار الاصطناعية وبيانات الطقس لرصد مواقع هطول الأمطار المحتملة وملاحقتها في الإمارات، وترافقه مجموعة من المغتربين الذين يحنّون إلى موسم الرياح في بلدهم الأم.

انطلق سجّاد في رحلته لملاحقة الأمطار منذ سنوات، مدفوعا بالاشتياق إلى التساقطات الغزيرة في مسقط رأسه في كيرالا الهندية.

وينضم إليه اليوم العشرات لتتبّع الغيوم في أنحاء الإمارات والاستمتاع بقطرات تُعد نادرة.

ويشرح هاوي تتبع الأرصاد الجوية، البالغ 35 عاما، أن فكرته جاءت عندما هاجر قبل عقد من الزمن، وقال سجّاد، وهو موظف في شركة للعقارات في دبي، “عندما جئت إلى الإمارات في أغسطس 2015، كانت ذروة الصيف، بينما كانت الرياح الموسمية في ذروتها في كيرالا، حيث تهطل أمطار متواصلة ليومين أو ثلاثة”.

وترافق سجّاد العشرات من السيارات في رحلاته شبه الأسبوعية، بعدما اكتسب شهرة على مواقع التواصل من خلال حسابه “رجل الطقس”، والذي بدأه في 2022.

وبعد قرابة أربع ساعات على الطريق، حطّت قافلة ملاحقي الأمطار هذه المرة في إمارة الشارقة القريبة من دبي. وفور وصولهم إلى الموقع، خرجوا من السيارات راقصين فرحا تحت المطر، والتقطوا صورا مع أصدقائهم وعائلاتهم.

pp

وقال ساجد، وهو مقيم في دبي منذ 27 عاما ومشارك في الرحلة، “جميعنا من الهند. في منطقتي تهطل الأمطار بكثرة خلال فترة الرياح الموسمية”. وأضاف “هذا أمر مدهش. لا يمكن وصف هذا الشعور”.

ويوضح سجّاد أنه يفعل ذلك لإسعاد الناس، معلّقا “أريد جمع الناس تحت مظلة واحدة”.

ومعظم سكان الإمارات هم من الأجانب، وتُعد الجالية الهندية الأكبر في الدولة الخليجية، إذ تضم نحو 3.5 مليون هندي.

وقالت أناكا، وهي هندية من كيرالا أيضا وتقيم في الإمارات “هذه المرة الأولى لي.. أنا متحمسة جدا”.

وأضافت “في المرة السابقة شهدنا فيضانات وأمطارا، لكننا لم نستطع الاستمتاع بها لأنها اجتاحت الإمارات بأكملها،” في إشارة إلى فيضانات العام الماضي.

وفي أبريل 2024، هطلت أمطار غزيرة بكميات لم تشهدها الإمارات منذ بدء تسجيل منسوباتها قبل 75 عاما، ووصفها المركز الوطني للأرصاد بـ”حدث استثنائي في التاريخ المناخي للدولة”.

واعتبر بعض خبراء المناخ أن ما حصل في الإمارات حالة جوية قصوى وأرجعوا سببها إلى التغيّر المناخي.

وقالت ديانا فرانسيس، وهي خبيرة في المناخ تدرّس في جامعة خليفة بأبوظبي، “تزايدت وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة (مثل الأمطار الغزيرة المفاجئة) وشدّتها، ويرجع ذلك إلى الاحترار العالمي”.

pp

ولم يحظ ما يقوم به سجّاد بشعبية واسعة عندما بدأ رحلته لملاحقة الأمطار خلال الصيف، ولم تحرز الفيديوهات التي كان يشاركها في السابق انتشارا واسعا.

وأوضح أن الناس لم يثقوا بفكرته في البداية لاعتقادهم أن الأمطار تنحصر في فصل الشتاء، مضيفا “في الواقع المطر يهطل في ذروة الصيف”.

وشرحت فرانسيس اختلافات الأمطار الموسمية، قائلة “معظم التساقطات في الإمارات تكون في الفترة بين ديسمبر وأبريل ويكون أغلبها في عواصف قصيرة وشديدة”.

وأوضحت أن بين مايو وسبتمبر، “يُعد هطول الأمطار قليلا جدا، غالبا أقل من 5 ملم،” مضيفة أنها “تهطل أساسا في المناطق الجبلية الشرقية (مثل رأس الخيمة والفجيرة).”

وأضاف سجّاد “بدأتُ أقوم بالبث المباشر على إنستغرام وفيسبوك وتيك توك. ثم بدأ البعض بالانضمام لي ونشر المعلومة”.

واليوم، يتابع حسابه في منصة إنستغرام وحدها نحو 130 ألفا.

ولتتبّع الغيوم المحمّلة بالأمطار، يعتمد سجّاد على صور الأقمار الاصطناعية والبيانات المتاحة على الإنترنت، بعضها مجاني وبعضها مدفوع، للوصول إلى بيانات الطقس.

وبعد تجميع البيانات، يشارك سجّاد توقعات التساقطات على صفحته في إنستغرام. ويحدّد نقطة تجمّع لكل الراغبين بالانضمام إليه، ثم يتوجّهون إلى موقع الأمطار.

وفي بعض الأحيان، يعودون خائبين في حال لم تجد عليهم السماء بأيّ قطرات.

ppp

لكن يؤكد سجّاد أن “بنسبة 80 في المئة أو 90 في المئة تأتي الغيوم كما هو متوقع تماما”.

وتُعد التساقطات خلال الصيف قليلة في الإمارات، خصوصا على طول المناطق الساحلية، بعيدا عن الجبال، وفق البنك الدولي.

ورغم استخدام الإمارات لتقنيات متقدمة في تلقيح السحب، يُقدّر هطول الأمطار فيها بـ100 ملم سنويا، ما يجعلها مصنّفة ضمن الدول التي تعاني من شح المياه، بحسب وكالة أنباء الإمارات (وام).

وهذا العام، شهدت الإمارات درجات حرارة مرتفعة جدا منذ شهر أبريل، وسجّلت درجة قياسية لشهر مايو منذ بدء المركز الوطني للأرصاد التسجيل في العام 2003.

18