حملة واسعة داخل الأردن محورها: الملك أساس الاستقرار

تحرك على أكثر من مستوى لإعادة ترميم ثقة الشارع المهتزة بالدولة.
الاثنين 2021/07/12
مرحلة حساسة تستوجب سياسات مغايرة

يسجل حراك لافت داخل الأردن هدفه تعزيز الروابط بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والأردنيين وتأكيد الولاء في ظل قلق لدى الدوائر الرسمية من تراجع منسوب الثقة في الشارع بمؤسسات الدولة ورموزها.

عمّان - انطلقت في الأردن حملة واسعة مؤخرا هدفها التأكيد على دور العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني المحوري في حفظ المملكة وربط استقرارها بشخصه، مع التذكير بالإنجازات التي حققها منذ تسلمه العرش في العام 1999 خلفا لوالده الراحل الملك الحسين بن طلال.

ولا تخلو هذه المبادرة التي تقودها شخصيات سياسية وقانونية وعسكرية سابقة من خلفيات، لاسيما بعد الضجة التي أحدثتها قضية الفتنة المرتبطة بولي العهد السابق الأمير حمزة ابن الحسين، والتي لا تزال تلقي بمفاعيل سلبية على المسرح الأردني رغم الحرص الرسمي على الإسراع في طي آخر فصولها حيث من المقرر أن يصدر القضاء الأردني الاثنين حكمه بحق المتهمين الاثنين في القضية، وهما رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد.

وتقول أوساط سياسية أردنية إن الحملة الداعمة للملك عبدالله الثاني والتي ترتكز على ثلاث شرعيات يستند عليها الملك؛ الشرعية الدينية والتاريخية، والشرعية الدستورية إلى جانب الشرعية الإدارية والعسكرية، تعكس وجود مخاوف من تراجع الالتفاف الشعبي حول العاهل الأردني في ظل تأزم الأوضاع المعيشية بفعل الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها المملكة منذ سنوات والتي فاقمها تفشي جائحة كورونا، والتي يحمل الشارع الأردني مسؤوليتها لسوء الإدارة وتفشي الفساد.

وأطلقت “جماعة عمّان لحوارات المستقبل” سلسلة من الندوات الحوارية ضمن مبادرة تعزيز رمزية الملك عبدالله الثاني بعنوان “الرمزية ودلالاتها ودورها في حياة الشعوب والأمم”. وتتضمن المبادرة، بحسب وكالة الأنباء الرسمية بترا، عدة مسارات يسعى كل منها لإبراز جانب من جوانب جهود الملك عبدالله الثاني في حماية الأردن وخدمة الأردنيين.

وقال رئيس الجماعة بلال التل خلال افتتاح الحملة “إن العلاقة بين الملك عبدالله الثاني والأردنيين ركن أساس من أركان استقرار الدولة وحسن أداء أجهزتها وشعور مواطنيها بالاستقرار مما يحفز أداءهم واستجابتهم للتوجيهات وتنفيذهم للقرارات”.

جواد العناني: الملك عبدالله الثاني تجتمع فيه ثلاثة رموز تعزز شرعيته الدينية
جواد العناني: الملك عبدالله الثاني تجتمع فيه ثلاثة رموز تعزز شرعيته الدينية

وتحدث التل عن العبء الكبير الذي يتحمله العاهل الأردني، ودفاعه عن قضايا الأمة في المحافل الدولية من موقع ما يحمله من رصيد من الشرعية الدينية.

وركز نائب رئيس الوزراء الأسبق جواد العناني في ورقة بعنوان “الرمزية مفهومها وأسسها ودور الرمز في حياة الأمم والشعوب” على الرمزية الدينية التي يحظى بها العاهل الأردني، قائلا إن الملك عبدالله الثاني تجتمع فيه ثلاثة رموز تعزز شرعيته الدينية، وهي نَسَبُهُ الهاشمي، وحكم أسرته لمكة لمدة ثلاثة قرون، ولأنه الوصي على الأماكن المقدسة في القدس، مشيرا إلى الشرعية الدستورية النابعة من الدستور وصلاحياته المنصوص عليها.

وأسهب وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأسبق الدكتور هايل الداوود في الورقة الثانية التي حملت عنوان “الرمزية الدينية والتاريخية لآل هاشم” في الحديث عن مكانة الهاشميين الذين ينحدر منهم الملك عبدالله الثاني عند العرب ما قبل الإسلام وما بعده.

وأكد أن “الرمزية لآل هاشم أثرت في التفاف الناس حولهم وثقتهم بهم لما عرفوه فيهم من خصال حميدة وصفات مجيدة ومن حرصهم على مصالح الناس، وقد ساعد التفاف الناس حولهم في أخذ مكان الريادة والسيادة عبر التاريخ، فما أن ينادي مناديهم حتى ترى الناس يتسابقون لتلبية النداء”.

وسجل خلال الندوة تركيز واضح على المشروعية الدينية والتاريخية التي يستند عليها الملك عبدالله الثاني، خصوصا بعد الانتقادات التي طالت شخصه في الفترة الأخيرة.

وحملت تحركات احتجاجية شهدتها عدة محافظات أردنية شعارات تمس بالملك عبدالله الثاني، وهذا أمر غير مسبوق حيث أن الانتقادات في السابق كانت تنحصر في الحكومة ومجلس النواب.

Thumbnail

ويرى مراقبون أن إقدام النائب المفصول مؤخرا من البرلمان أسامة العجارمة، والذي هو قيد التوقيف حاليا، على مهاجمة العاهل الأردني علنا من خلال قوله في تجمهر لأنصاره جنوب عمّان “لو كنت أمتلك مسدسا (…) لكنت قبلت جبينه برصاصة”، شكل رجة وعكس حجم التمرد الذي قد يتخذ منحى خطيرا في حال لم يجر احتواؤه.

ويشير المراقبون إلى أن هناك اليوم عملا على ثلاثة مستويات لإعادة ترتيب الأوضاع. يتمثل الأول في ورشة الإصلاح السياسي التي تتولاها لجنة ملكية برئاسة رئيس الوزراء الأسبق سمير زيد الرفاعي والتي تستهدف وضع أطر تشريعية جديدة تمس قانون الانتخابات والأحزاب لإعادة تصويب الحياة السياسية التي تشهد حالة من الخمول منذ سنوات.

والمسار الثاني تقوده الحكومة ويتمثل في الإعداد لخطة إصلاح اقتصادي كان رئيس الوزراء بشر الخصاونة أعلن في وقت سابق عن قرب طرحها بيد الملك عبدالله الثاني. وأما المسار الثالث فهو البدء بخطة اتصالية تستهدف تذويب الشكوك وإعادة وصل الشارع بمؤسساته، وتمتين الحزام الشعبي حول العاهل الأردني.

وتحدث عضو المحكمة الدستورية السابق نعمان الخطيب في سلسلة الحوارات التي أطلقتها “جماعة عمّان” عن الجانب القيمي الذي أقيم عليه نظام الحكم في المملكة. وقال إن “الدستور حريص على حماية القيم الأردنية الأصيلة وحماية المجتمع الأردني والاستمرار في الدفاع عن قضايا الأردن المصيرية المرتبطة بالسياسة الخارجية وأمن الأردن القومي والتأكيد على دور العاهل الأردني في إبقاء جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية مستقلة محايدة، إضافة إلى حماية التراث الديني والنسيج الاجتماعي”.

وسلطت عضو الهيئة المستقلة للانتخاب عبير دبابنة في الورقة الخامسة بعنوان “رمزية الملك في النظام البرلماني: قراءة في الدستور الأردني” الضوء على دور الملك في الأنظمة البرلمانية باعتباره “رمز السيادة ” فهو رأس الدولة ورمز وحدتها، وبهذه الصفة تصدر الأحكام القضائية باسمه ويصادق على التشريعات التي تقرها السلطة التشريعية ويوقع فوق توقيعات رئيس الوزراء والوزراء المعنيين في القرارات الحكومية التي تستدعي هذا التوقيع.

ويرى نشطاء أن سلسلة الحوارات الجارية والتي يحتضنها المركز الثقافي الملكي لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها، فالمطلوب اليوم هو تغيير حقيقي وجذري يلمس المواطن العادي أثره على واقعه، أما عقد ندوات في قاعات مغلقة ولا تصل في المعظم إلى آذان الشرائح المجتمعية المستهدفة، فهي ترف لا طائل منه.

2