حملة مناهضة قطر في الولايات المتحدة تحقق نجاحا ملموسا

إغلاق جامعة تكساس في الدوحة رسالة إسرائيلية قد يعقبها المزيد.
الأربعاء 2024/02/21
صداع اللوبي الإسرائيلي

تواجه قطر انتقادات حادة من قبل الحكومة الإسرائيلية بسبب صلاتها بقادة حماس. وتخاطر الإمارة الخليجية الصغيرة بتقويض مصالحها لما للوبي الإسرائيلي من تأثير على السياسات الخارجية لواشنطن.

القدس - كثفت إسرائيل ومؤيدوها من جماعات الضغط الأميركية ضغوطهم واتهاماتهم لدولة قطر التي تلعب دور الوسيط في صفقة رهائن محتملة مع حركة حماس، ما أحدث تأثيرا فوريا ينتظر أن يتزايد في العلاقات القطرية – الأميركية، وهي ركيزة لإستراتيجية القوة الناعمة في واشنطن. وتتهم الحملة المناهضة لقطر الإمارة الخليجية بدعم أمثال حماس وطالبان كجزء من سياسة الوساطة في الصراع.

ولا ترى الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو واللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة قطر وسيطا محايدا وموثوقا به، بل تراها شريكا لحماس في هجوم السابع من أكتوبر الماضي عبر تمويل الحركة واحتضان قياداتها. وتتزامن الجهود المكثفة مع انسحاب إسرائيل فعليا من المبادرات القطرية والمصرية والأميركية للتفاوض على وقف إطلاق نار طويل الأمد في حرب غزة المستمرة منذ أربعة أشهر وتبادل الأسرى الذي من شأنه تمكين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الـ136 المتبقين الذين تحتجزهم حماس، إضافة إلى جثث الأسرى الذين قتلوا خلال الحرب.

واختطفت حماس حوالي 250 شخصا أثناء هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر. وأفرجت عن نحو 120 رهينة في نوفمبر خلال هدنة توسطت فيها قطر لمدة أسبوع مقابل 240 فلسطينيا كانوا محتجزين في السجون الإسرائيلية. ويقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي إن الحملة المناهضة لقطر حققت نجاحا ملموسا خلال الشهر الحالي مع إعلان جامعة “تكساس إيه أند أم” أنها ستغلق حرمها الجامعي في قطر الذي فتح أبوابه منذ عقدين.

جيمس دورسي: الحملة المناهضة لقطر حققت نجاحا ملموسا مع إعلان جامعة تكساس أنها ستغلق حرمها في قطر
جيمس دورسي: الحملة المناهضة لقطر حققت نجاحا ملموسا مع إعلان جامعة تكساس أنها ستغلق حرمها في قطر

ويتمتع الحرم بتمويل كبير من مؤسسة قطر، وهو إحدى ثماني جامعات أجنبية في المدينة التعليمية في الإمارة الخليجية. وأشارت “تكساس إيه أند أم” إلى أنها اتخذت قرارها “بسبب عدم الاستقرار المتزايد في الشرق الأوسط”. وصدر قرار الإغلاق إثر نشر معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية المؤيد لإسرائيل بنيويورك تقريرا قال فيه إن “تكساس إيه أند أم” شاركت أبحاث الطاقة النووية وتطوير الأسلحة الحساسة مع الحكومة القطرية. ونفت الجامعة من جهتها هذه المزاعم.

وقال التقرير إن قطر دفعت لـ”تكساس إيه أند أم” أكثر من مليار دولار مقابل حقوق جميع الأصول الفكرية والمادية التي أمكن تطويرها في أكثر من 500 مشروع تكنولوجي في مجالات حساسة مثل العلوم النووية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والروبوتات والتكنولوجيا الحيوية وتطوير الأسلحة المتقدمة. وحذر التقرير من أن “السماح لقطر، التي تجمعها صلات بالمنظمات الإرهابية، بالسيطرة الكاملة على هذا البحث عبر ملكية الملكية الفكرية يخلق مخاطر غير مقبولة لنقل التكنولوجيا والاستيلاء على الاكتشافات العسكرية”.

وأشار إلى أن التكنولوجيا المتقدمة يمكن أن تجد طريقها إلى الجماعات المسلحة مثل حماس وميليشيا حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران. ويرى الباحثون الإسرائيليون الأكثر تفاؤلا أن “الهدف من الاستثمارات القطرية لا يكمن بالضرورة في سرقة أسرار مثل الصينيين، وإنما في اكتساب النفوذ”. ويعتبرون أن “ما يهم قطر هو كيفية تأثيرها على السياسة الأميركية من خلال القوة الناعمة”.

وقال يوئيل غوزانسكي، العضو السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إن جهوده كرئيس لوحدة “هاربون”الإسرائيلية السرية، التي أنشئت لإحباط تحويلات الأموال إلى المسلحين وإيران، لم تلق آذانا صاغية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأصدر معهد بحوث الإعلام في الشرق الأوسط (ميمري) خلال الأشهر الأخيرة سلسلة من التقارير المصممة لتعزيز حملة إسرائيل ضد قطر.

وأكد يغئال كارمون، مؤسس المعهد والمستشار السابق لرئيسي الوزراء إسحاق شامير وإسحاق رابين، أن مفاوضات الرهائن كانت متعثرة “لأن قطر لا تضغط على حماس. هي ترى نفسها مجرد وسيط. لا تضغط قطر على حماس على الرغم من حقيقة كونها بالنسبة إلى الجماعة شريان حياتها وأملها ومستقبلها وقدرتها على مواصلة القتال واحتجاز الرهائن”. وذكر كارمون أن “قطر بَنَتْ حماس من منظمة صغيرة إلى قوة عسكرية وسياسية. وكانت فخورة بتدريبها لمسؤولي الأمن في حماس… ستفشل حماس دون قطر”. ووجه كارمون بعض الاتهامات لنتنياهو نفسه بسبب سماحه للأموال القطرية بالتدفق إلى حماس.

وقال إن رئيس الوزراء “انتهك قوانين مكافحة الإرهاب الإسرائيلية والدولية من خلال السماح بتدفق الأموال من قطر، الدولة الراعية للإرهاب، إلى حماس المعترف بها كمنظمة إرهابية في جميع أنحاء الغرب.. وحوّل هذا الانتهاك إلى سياسة حتى انفجرت في وجهه”. وأكد نتنياهو الأحد أن “إطلاق سراح الرهائن ممكن من خلال عمل عسكري قوي ومفاوضات صعبة. هذا الموقف الصعب يجب أن يشمل ممارسة الضغوط بما يتجاوز حماس نفسها، ويشمل أولئك الذين يمكنهم ممارسة الضغط على الحركة، بدءا من قطر”.

◙ إسرائيل لا ترى قطر وسيطا موثوقا به، بل شريكا لحماس في هجوم السابع من أكتوبر عبر تمويلها واحتضان قياداتها

ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري بدعوة نتنياهو إلى “التركيز على مسار المفاوضات بما يخدم أمن المنطقة وينهي المأساة المستمرة باستمرار الحرب عوضا عن إصدار مثل هذه التصريحات كلما تناسب ذلك مع أجندته السياسية الضيقة”. وطلب الديمقراطيون والجمهوريون في الكونغرس الأميركي من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الضغط على قطر، مرددين انتقادات نتنياهو وإحباط القادة اليهود في الولايات المتحدة. كما دعا المشرعون إلى طرد حماس من الإمارة.

واتفقت الولايات المتحدة مع قطر خلال شهر أكتوبر الماضي على إعادة النظر في علاقة الدولة الخليجية مع حماس بمجرد إطلاق سراح جميع الرهائن. وترك المسؤولون من كلا البلدين الباب مفتوحا إزاء ما إذا كانت المراجعة ستؤدي إلى طرد ممثلي حماس أو إلى فرض قيود على قدرتهم على العمل من الإمارة الخليجية. ومن المرجح أن تعتمد المراجعة على ما إذا كانت حماس ستنجو من حرب غزة. وقد يعني بقاء حماس أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستحتاجان إلى إبقاء قناة خلفية.

وحافظت حماس على وجودها في قطر منذ 2012 بناء على طلب من الولايات المتحدة وبموافقة إسرائيل. وردت كل من قطر والإدارة الأميركية على الانتقادات. وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث في واشنطن، “لقد سمعت كثيرا عن النفوذ والضغط. يجب أن يُفهم دور قطر بوضوح في هذا السياق. دورنا هو الوسيط الذي يحاول جمع الأطراف لسد الفجوات وتقريب المواقف”.

وأضاف “وبعيدا عن ذلك لا نرى قطر قوة عظمى يمكنها فرض الضغط على هذا الطرف أو ذاك. نحن نعتمد مساعينا الحميدة بالأساس للتواصل من أجل سد الفجوات واجتراح الحلول للتوصل إلى بعض البدائل”. وأكّد المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص لشؤون الرهائن روجر كارستنز لمنتدى عائلات الرهائن واللجنة اليهودية الأميركية أن قطر “تقوم بكل ما نطلبه منها”.

اقرأ أيضا:

لهذه الأسباب لا يستطيع بايدن وقف الحرب على غزة

6