حملة تشكيك تتلقف إعلان جونسون مراجعة عدم المساواة في بريطانيا

تعتبر المعارضة والمناهضون للعنصرية في بريطانيا أن إعلان رئيس الوزراء بوريس جونسون إحداث لجنة حكومية لمراجعة كل جوانب العنصرية وعدم المساواة في الكثير من القطاعات بينها التوظيف والتعليم والصحة والتحصيل الأكاديمي ونظام العدالة لا تعكس رغبة حقيقية في القضاء على هذه الممارسات غير الإنسانية ولا تستجيب لمطالب المحتجين بإقرار إجراءات حقيقية تؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير جذري في السلوكيات والذهنيات للقضاء على العنصرية.
لندن - تلقت الأوساط البريطانية إعلان رئيس الوزراء بوريس جونسون عزم حكومته القيام بمراجعة لجميع جوانب عدم المساواة في البلاد بالكثير من التشكيك والانتقاد حيث لا ترى فيها نية حقيقية لإحداث التغيير وتعتبرها مجرد مبادرة تهدف لتهدئة المحتجين وتأخير إقرار الإجراءات الحقيقية والفورية.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الاثنين، مراجعة حكومية بشأن “جميع أوجه عدم المساواة” في أعقاب موجة من الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في بريطانيا.
وقبل يوم، قال جونسون إن لجنة مشكّلة من مختلف الوكالات الحكومية ستبحث مسألة العنصرية والتفاوتات التي تشعر بها الأقليات العرقية في التعليم والصحة ونظام العدالة وذلك في أعقاب احتجاجات “حياة السود مهمة”.
وقال جونسون إنه لا يمكنه تجاهل قوة المشاعر التي أبداها عشرات الآلاف ممن تظاهروا في مدن بريطانية في أعقاب الاحتجاجات ضد العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة. وأضاف “ما أريد حقا أن أفعله كرئيس للوزراء هو تغيير لغة الخطاب حتى نتوقف عن الإحساس بمشاعر الضحية والتمييز”.
وتابع “نتوقف عن التمييز ونقضي على العنصرية.. لكن هذا لن يكون سهلا. سيتعين علينا التدبر بكل عناية في العنصرية والتمييز الحقيقيين اللذين يواجههما الناس”.
لكن تصريحات جونسون قوبلت بانتقادات شديدة حيث يرى مناهضو رئيس الوزراء البريطاني أن إعلان المراجعة الحكومية لمناحي عدم المساواة لا تعكس رغبة حقيقية في إحداث التغيير الفعلي والفوري في ما يتعلق بالعنصرية، مطالبين بتشريعات وإجراءات حقيقية.
وقال سايمون وولي، كبير مستشاري وحدة تفاوتات الأجناس بالحكومة البريطانية، إن حديث جونسون عن الشعور بإحساس الضحية “غير مفيد بكل صراحة”.
وقال، لراديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، “العظمة في بريطانيا العظمى تستند على الرق والاستعمار. وإرثها هو ما نعيش معه اليوم”.
وكتب جونسون في صحيفة ديلي تيليغراف، الاثنين، إنه تم إحراز “تقدم هائل” في معالجة العنصرية “لكن هناك الكثير الذي يتعين علينا القيام به وسنقوم به”.
وأوضح أنه “حان الوقت أن تنظر لجنة حكومية مشتركة في جميع جوانب عدم المساواة، في التوظيف والمحصلاّت الصحية والأكاديمية وجميع مناحي الحياة الأخرى”.
وهزّت بريطانيا تظاهرات ضد التمييز العنصري، تخللت بعضها أعمال عنف، في أعقاب وفاة الأميركي الأعزل من أصول أفريقية جورج فلويد أثناء توقيفه من قبل الشرطة في الولايات المتحدة.
وقال جونسون، في مقابلة، إنه يسعى إلى “تغيير الرواية لنوقف الشعور بالأذى والتمييز”. وأضاف “نوقف التمييز ونقضي على العنصرية ويبدأ لدينا شعور بتوقع النجاح”.
لكن وزير العدل في حكومة الظل التابعة لحزب العمال المعارض ديفيد لامي قال إن عدم وجود تفاصيل بشأن المراجعة الجديدة يشير إلى أنها “كتبت على ظهر عبوة (سجائر) أمس لتهدئة احتجاجات (حركة) حياة السود تهم”.
وقال إن الحكومة يجب أن تركز على تنفيذ توصيات العديد من المراجعات التي أنجزت بالفعل، بما في ذلك مراجعة من قبل لامي نفسه بشأن التمييز في العدالة الجنائية.
وناشد لامي رئيس الوزراء، في مقابلة مع إذاعة بي.بي.سي، “امض قدما في العمل والتشريع والتحرك!”. وأضاف “لا يلعب السود دور الضحية، كما يشير بوريس، إنهم يحتجون على وجه التحديد لأن وقت المراجعة انتهى ووقت العمل حان”.
وخلال مظاهرة مناهضة للعنصرية في مدينة بريستول، أسقط المتظاهرون تمثال تاجر الرقيق المحلي إدوارد كولستون. وفي لندن، تم تشويه تمثال رئيس الوزراء إبان الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل.
ودفع إسقاط تمثال كولستون المؤسسات في جميع أنحاء البلاد لإزالة أو مراجعة النصب التذكارية المرتبطة بالماضي الاستعماري البريطاني.
وقال ريمي جوزيف ساليسبري، عالم اجتماع متخصص في الأعراق بجامعة مانشستر، “أعتقد أن المتظاهرين في بريستول قد قاموا بسابقة يجب أن تجعلنا نشكك في فهمنا للتاريخ، وكيفية الربط بين آثارنا وهندستنا المعمارية وبين الاستعمار”.
وأكد ساليسبري “لقد أثلج صدري رؤية أعداد الشباب المشاركين، ويبدو أن هذه الاحتجاجات قد تعمل على تشجيع جيل جديد من النشطاء”.
من جهتها، ترى جاكلين جينكينسون، وهي مؤرخة بجامعة ستيرلنغ في اسكتلندا، أن ثمة نقلة نوعية محتملة ناتجة عن الاحتجاجات. وقالت “إن التصرف المباشر الذي تم مع تمثال إدوارد كولستون، والدعوة من أجل اتخاذ إجراءات بشأن التماثيل الأخرى، يمثل تحديا للرواية المقبولة وغير المتغيرة على نطاق واسع، للماضي الإمبراطوري ببريطانيا”.
وأوضحت أن التحدي الرئيسي للإمبراطورية البريطانية منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى أواخر القرن العشرين، جاء من “شعوب واقعة تحت الحكم الاستعماري، تسعى إلى الحكم الذاتي والاستقلال”، مدعومة جزئيا من جانب “سياسيين وناشطين ينتمون لليسار في المعترك السياسي البريطاني”.