حمام "الجديد" الحلبي يستعيد زبائنه بسهرات فلكلورية

ترميم حمام الجديد يأتي ضمن خطة لإعادة تأهيل وترميم المواقع الأثرية والقديمة من أسواق وخانات وحمامات أثرية.
الأحد 2021/01/10
خمسة قرون من الصمود

لم يفوت الكثير من السوريين فرصة ارتياد أحد أهم حمامات حلب عند افتتاحه بعد فترة من الإغلاق بسبب خضوعه لعملية ترميم، حيث فتح حمام “الجديد” الأثري أبوابه لاستقبال زبائنه وإحياء عادات المدينة القديمة وتقاليدها.

حلب (سوريا) -  دبت الحياة في حمام “الجديد” الأثري بمنطقة باب الحديد بحلب القديمة (شمال غرب سوريا)، الذي تعرض بسبب الحرب للإهمال والتدمير، حيث بدأ يستعيد زبائنه من جديد.

وعاد الحمام ليحكي من جديد تراث وعادات أهالي حلب وفلكلورها الشعبي بعد إعادة ترميمه وتأهيله، معلنا استمرار الحياة في أزقة وشوارع المدينة القديمة التي تنفض عنها غبار الإرهاب بإعادة تأهيل أسواقها وخاناتها الأثرية وأبوابها.

وأعرب عدد من أهالي حلب ومرتادي الحمام عن فرحتهم بعودة أحد معالمها الأثرية للعمل وسط أجواء الآلفة، وليحيي ذاكرتها الشعبية من جديد بطقوسه المختلفة وسهراته الفلكلورية.

ووفقا لوكالة الأنباء السورية (سانا)، قال المهندس ليون مشقع، رئيس شعبة المراقبة بمدينة حلب القديمة التابعة لمجلس المدينة، إن ترميم حمام الجديد يأتي ضمن خطة لإعادة تأهيل وترميم المواقع الأثرية والقديمة من أسواق وخانات وحمامات أثرية بما يسهم في عودة الألق إلى حلب القديمة مع الحفاظ على هويتها المعمارية.

وكانت الحمامات العامة التقليدية من أساسيات الحياة في حلب منذ قرون، بغرفها الحجرية المشبعة بالبخار ومدلكيها ومغنيها التقليديين. لكن نظرا لوجودها في منطقة معارك بالبلدة القديمة، اضطر معظمها إلى الإغلاق.

واشتهرت سوريا بحماماتها التي كان يتسابق المعماريون القدماء في زخرفتها وإكسائها بحلّة جميلة، حتى أصبحت من المعالم التاريخية الهامة التي تميزت بها البلاد.

وأوضح مدير الحمام، محمد فارس، أن “حمام الجديد هو من أحد أهم حمامات حلب الأثرية القديمة ويعود بناؤه إلى أكثر من 500 عام، وقد تعرض أثناء وجود التنظيمات الإرهابية للخراب والدمار الذي أتى على أغلب محتوياته وبنيته الإنشائية”.

وأشار إلى أن الحمام كان وما زال مجمعا لأهالي الحي، ويشكل جوا اجتماعيا مميزا من خلال إعادة إحياء طقوس أعراس حلب القديمة وفرح الأهالي بمناسبات زواج أبنائهم، حيث يمكن للحمام استقبال أكثر من 700 شخص.

وتم العمل على إعادة تأهيل أجزاء الحمام وترميمها بدءا من واجهته الحجرية الخارجية مرورا بصالة الاستقبال والمشالح إلى القسم الجواني والوسطاني وغرفة الجاكوزي التي تمت إضافتها والمسبح، وفقا لفارس.

Thumbnail

وأضاف حسام أمونة، من الشركة المنفذة لأعمال الترميم، أنه تم البدء بترميم واجهات الحمام الأثرية الخارجية والأقسام الداخلية والأسقف الحجرية وأقواس الغمس والأرضيات والأبواب الخشبية التراثية مع مراعاة الشروط الفنية المتعلقة بالحفاظ على الطابع المعماري القديم.

كما وقع استبدال شبكات المياه والأحواض وترميم الأحجار المخربة والمكسرة وإعادتها كما كانت، ويتم العمل حاليا على استكمال ما تبقى من أعمال خارجية بالسطح والقباب الحجرية.

ويقوم محمد حمامي، أحد العاملين في الحمام، والذي ما زال يعمل في مهنته وهي المكيس، باستقبال الزبائن وتقديم الخدمات لهم، مشيرا إلى أجواء الفرح التي تجمع أهالي الحي في الحمام من خلال مناسبات الأعراس، حيث يأتي العريس مع مجموعة من أصدقائه وأهله وتتم طقوس الحمام مع أهازيج وأغاني الفلكلور الحلبي القديم.

وفتح الحمام أبوابه من جديد لاستقبال العائلات التي سارع البعض منها لارتياده، إحياء لزيارة كانوا يقومون بها أسبوعيا قبل اندلاع الحرب السورية.

وملأ الزبائن من جديد غرفة الاستقبال المرتفعة ذات القبة، وجلسوا على المقاعد الحجرية المثبتة بجانب جدران الغرفة فوق أرضية يغرقها ماء وبها نافورة، حيث يقومون في هذه الغرفة بخلع ملابسهم ويلفون أنفسهم بمناشف قبل دخول الجزء الداخلي من الحمام، وهو مكان يشبه متاهة دافئة به غرف تعلوها قباب وممرات بقباب تؤدي في النهاية إلى حوض ماء بارد ومكان مليء بالبخار.

وفي الداخل يجلس الرجال بسراويل سباحة في حجرة صغيرة حول صينية معدنية عليها أطباق محلية، منها الكبة وهو طبق يضم لحما نيئا متبّلا مع قمح برغل (كبة نية) وخبزا رقيقا مع جبن.

ويشار إلى أنه بالإضافة إلى حمام “الجديد” أعيد حتى الآن فتح أربعة من نحو خمسين حماما عاما في حلب.

24