حماس تواجه حراك "بدنا نعيش" في غزة بالقمع وبمسيرة مؤيدة لها

غزة - اتهمت أوساط حزبية وحقوقية في قطاع غزة، اليوم الثلاثاء، الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بقمع تظاهرات تحتج على تدهور الأوضاع المعيشية باستخدام القوة المفرطة لتفريقهم مع اعتقال عدد منهم.
وخرج آلاف المتظاهرين، الأحد، في مناطق عدة بقطاع غزة للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية والاحتجاج على الظروف المعيشية الصعبة، فيما طالب المحتجون في خان يونس بإنهاء الانقسامات الداخلية وحل أزمة انقطاع الكهرباء.
وردد المتظاهرون في مسيرات بمدينة غزة ومدينة خان يونس الجنوبية ومواقع أخرى "يا له من عار" و"أين الكهرباء وأين الغاز؟" وأحرقوا في مكان واحد أعلام "حماس" قبل أن تدخل الشرطة وتفرق التجمعات.
ويرى مراقبون أن هذه الاحتجاجات تضع حركة حماس وسياستها الداخلية تحت الضغط، خصوصا وأنها عادة ما تقوم بتسييس التظاهرات المناوئة لسياستها وتتهم أجهزة السلطة في الضفة بالوقوف وراءه، كما تتهم أيضاً السلطة الفلسطينية بالمسؤولية عن كثير من الأزمات التي يعيشها القطاع وسكانه، وتقول في أكثر من مكان إنها تتعرّض لـ"مؤامرة تستهدف سلاح المقاومة"، وإنّ ما يجري مع السكان هو "عقاب جماعي لتمسّكهم بالمقاومة المسلحة".
وفي مواجهة هذا الحراك الاحتجاجي أخرجت حماس الآلاف من أنصارها إلى الشوارع ومناطق التظاهر الرئيسية في مشهد بدا وكأنه محاولة لحرف مسار الفعاليات الرئيسية، ولمنع تمددها، وللسيطرة عليها قبل أنّ تنفلت الأوضاع.
وصرح عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي عبدالعزيز قديح، للإذاعة الفلسطينية الرسمية، بأن سلوكيات أجهزة أمن حماس بحق المتظاهرين في حراك (بدنا نعيش) التي انطلقت الأحد اتسمت بالرد "المؤلم والقاسي".
وطالب قديح حركة حماس بأن "تعيد حساباتها بطريقة تعاملها مع المتظاهرين في غزة وحرمانهم من أبرز حقوقهم بالتعبير عما يعانوه من حصار وتضييق في الحياة المعيشية".
وأكد أنه "لا يجوز قمع هذه المسيرات الاحتجاجية بهذه الطريقة الوحشية والقاسية"، داعيا القوى السياسية والوطنية في قطاع غزة إلى "حماية ومساندة أبناء شعبنا المطالبين بحقوقهم".
وقال القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي "فدا" جمال نصر إن ما شهده قطاع غزة من تظاهرات "تهدف إلى تغيير الواقع السياسي والاجتماعي وقد قوبلت بالقمع الأمني".
واعتبر نصر، في تصريحات للإذاعة الفلسطينية، أن "حالة الغليان الجماهيرية في غزة تعبر عن الواقع المعيشي الصعب" لسكان القطاع ما يتطلب إيجاد حلول لسلسلة الأزمات الحاصلة.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومقره غزة إنه وثق قيام أفراد من الشرطة وعناصر الأمن بتفريق المشاركين والاعتداء عليهم بالضرب والاعتقال خلال تظاهرات جرت أول أمس الأحد.
وذكر المركز، في بيان صحافي، أن مسيرات سلمية خرجت في كافة محافظات قطاع غزة مساء الأحد بناءً على دعوات ناشطين من حراك "بدنا نعيش" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية في القطاع.
وشارك في المسيرات آلاف المواطنين خاصة من الشباب، واتسمت المسيرات بطابعها السلمي في بعض المحافظات، ولم تسجل أي أعمال عنف من المتظاهرين. وفق المركز.
وأكد المركز أن حرية التعبير والتجمع السلمي والمشاركة السياسية حقوق مضمونة بالقانون الأساسي الفلسطيني، ولا يجوز مصادرتها تحت أي ذريعة.
وطالب النائب العام في غزة بالتحقيق في الأحداث التي رافقت بعض المسيرات السلمية، بما في ذلك أعمال العنف التي شهدتها مدينة خان يونس، والاعتداء على مراسل "تلفزيون فلسطين"، الصحافي وليد عبد الرحمن، في مخيم جباليا، شمال القطاع، خلال تصويره للمظاهرة.
وقالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة إن الأجهزة الأمنية التابعة لحماس احتجزت 43 شابا من المشاركين في المسيرات الشعبية لا يزال سبعة منهم قيد الاحتجاز فيما أُصيب 15 آخرون بكدمات وجروح جراء الاعتداء عليهم بالركل والضرب باستخدام العصي والقضبان الحديدية.
وطالبت الهيئة بالإفراج الفوري عن المحتجزين خلال المسيرات الاحتجاجية الأخيرة، وضرورة احترام وتعزيز الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، ووقف أي إجراءات تمس الحق في تنظيم التجمعات العامة.
وبحسب وكالة أسوشيتد برس فإن المتظاهرين انتقدوا حماس لخصمها ما يقرب من 15 دولارا من رواتب شهرية بقيمة 100 دولار تمنحها دولة قطر للأسر الأشد فقرا في غزة.
ويخضع القطاع لإغلاق منذ 2007 بعد سيطرة حركة حماس عليه. وتقول إسرائيل إن الإغلاق ضروري لمنع حماس، وهي جماعة إسلامية لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود، من بناء قدراتها العسكرية.
ولم يتلق موظفو القطاع العام في غزة رواتبهم كاملة منذ 2013.
وفي 19 يوليو الماضي، قالت وزارة المالية التي تديرها حماس إنها بدأت في سداد رواتب يونيو لنحو 50 ألف موظف بالقطاع العام بعد تأخر سداد رواتبهم لنحو ثلاثة أسابيع.
وذكرت الوزارة أن أسباب الأزمة ترجع لتأخر وصول منحة أجور شهرية من قطر، وهي مساعدة حيوية للقطاع الفقير، فضلا عن انخفاض عائدات الضرائب وارتفاع الإنفاق.
ووفقا للأمم المتحدة، يعتمد 80 في المئة من سكان قطاع غزة على المساعدات الإنسانية.
ويعد انقطاع التيار الكهربائي أمرا روتينيا بالنسبة لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. ويقول مسؤولون محليون إن القطاع يحتاج إلى نحو 500 ميغاوات من الطاقة يوميا في الصيف، لكنه لا يحصل إلا على 120 ميغاوات من إسرائيل و60 من محطة الطاقة الوحيدة به، وفق رويترز.
وقد تفاقمت الأزمة بعد أن تجاوزت درجات الحرارة 38 درجة مئوية في غزة.
وتعجز شريحة واسعة من السكان عن توفير بديل للكهرباء في ظل انقطاع يستمر لأكثر من نصف اليوم، رغم أن ذلك يؤثر على حياتهم اليومية، بما في ذلك القدرة على ضخ المياه للمنازل.
وكان تجار في غزة قد لجأوا، في أبريل الماضي، إلى الإضراب والقضاء ضمن إجراءات قانونية نادرة الحدوث، عندما أعلنت حكومة حماس ضرائب جديدة على بعض الصادرات والواردات في قطاع غزة، وذلك احتجاجا على القرارات التي اعتبروها "غير عادلة".
وأعلنت الحكومة، في يوليو من العام الماضي، رفع قيمة رسوم الاستيراد على قائمة تضم نحو 24 سلعة غذائية من بينها حليب الأطفال والمياه المعدنية وغيرها.