حمارٌ.. يتزوجها

لأن المرأة في عالمنا العربي ـ إلا من رحم ربي ـ ساخطةٌ دائماً ولا تحمد ربها أبداً، لذا نادراً ما تسمع امرأة إلا وتشكو مرَّ الشكوى من زوجها.
السبت 2018/09/22
لوحة: وليد نظامي

للنساء “غطرستهن” المعلنة أو المستترة، خاصة إذا اقترنَّ بمن هم أكبر منهن سناً، وحتى لو فاتهنَّ قطار الزواج فإنهن لا يفتأن عن التباهي بعدد “الخُطّاب” الذين تقدموا لهنَّ ورفضن، ويصل الأمر بالواحدة منهنَّ ـ إذا وجدت مغفلاً ـ إلى حدَّ سبّ الحظ السيئ الذي أوقعها في عصمة هذا البائس بدلاً من الدكتور أو المهندس الذي حفيت قدماه لنيل الرضا السامي، لكن “النصيب” جعلها ترفضه!

ولست في حاجة لمعرفة أن هذا الدكتور والمهندس ليس سوى “مكوجي الرِّجل” أو السبّاك الذي “يدندن” عند أول ناصية الحارة، فتكتفي ـ إن كنت مؤدباً ـ بالابتسام عملاً بحكمة “إن الله حليم ستار”.. أما إذا كنت سليط اللسان مثلي، فلن تسكت وربما على الأقل، ستنشد ما سبق أن قاله شاعرنا الأموي جرير في الهجاء، أو ما ردَّ به كفيفٌ يوماً على امرأته التي عايرته بعماه، وأن عليه أن يحمد الله لأنها قبلته زوجاً، فما كان منه إلا أن أجابها، بأنها لو وجدت حاذقا واحداً تقدَّم لها لما تزوجته.

ولأن المرأة في عالمنا العربي ـ إلا من رحم ربي ـ ساخطةٌ دائماً ولا تحمد ربها أبداً، لذا نادراً ما تسمع امرأة إلا وتشكو مرَّ الشكوى من زوجها.. هذا بخيل أو فقير، وذاك دائم العصبية والصراخ، وهذا لا يلبي طلباتها، والآخر يترك لها البيت ويجلس على المقهى، وحتى عندما تحاول أن تواسيها قليلاً بأن الحياة لا تخلو من بعض النكد، سرعان ما تبادرك بأن العيش مع الرجال تقصر العمر.. ومع ذلك ـ سبحان الله أخي المؤمن ـ فإن طابور المعاشات كله “نسوان”.

حينما كنا ضباطاً نؤدي الخدمة العسكرية بإدارة الشؤون المعنوية، ذهبنا لحفل زواج أحد الزملاء، فاتفقنا ـ 15 شخصاً ـ على أن نتقدم فرادى لتهنئة العروسين بشكل لا يلمحنا فيه، بحيث يفصل بين كل منا دقيقتان أو ثلاث، الفكرة الجهنمية هنا أن العريس يقف للسلام والقبلات والأحضان بالطبع مع بعض كلام المجاملة، لذا عندما يفرغ من أحدنا وما إن يكاد يجلس، حتى يتقدم الآخر فيضطر للوقوف من جديد، وهكذا نرهقه و”نقطع خلفه” ليلة الزفاف.

ولأني كنت الأخير ـ وفق الرتبة ـ في الطابور الخبيث فما إن هلَّت طلعتي البهية على العريس، حتى وجدته يتصبب عرقاً وينفخ غضباً، لم أكمل جملة “مبروك يا………….” حتى بادرني منفعلاً ويكاد يضربني: لماذا الكل يبارك لي أنا؟ باركوا لها ـ وأشار للعروس ـ أخيراً وجدت “حماراً” يتزوجها.

24