حلول رمضان مع عجز كل الأطراف عن التوصل إلى حل في غزة

لندن- حل شهر رمضان على الفلسطينيين مع فشل كل الأطراف في تحقيق نتيجة أو حل للحرب في غزة حيث لم تثمر المفاوضات الجارية منذ أسابيع عن أي شيء، وهو ما يبدد آمال سكان القطاع في التوصل إلى تسوية تؤدي إلى وقف إطلاق النار لالتقاط الأنفاس بعد حرب دامت لأشهر وأودت بحياة أكثر من 31 ألف شخص.
وعجزت الولايات المتحدة عن إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإيقاف الحرب وعكست التصريحات المتبادلة بينه وبين الرئيس الأميركي جو بايدن حجم الفجوة بينهما.
ورد نتنياهو الأحد على انتقادات وجهها بايدن للحملة الإسرائيلية في غزة بالقول “لا أعرف بالضبط ما الذي كان يقصده الرئيس، ولكن إذا كان يعني بذلك أنني أتّبع سياسات خاصة ضد الغالبية، ضد رغبة غالبية الإسرائيليين، وأن هذا يضر بمصالح إسرائيل، فهو مخطئ في كلا الحالين”.
وأضاف “هذه ليست سياساتي الخاصة فقط. إنها سياسات تدعمها الغالبية الساحقة من الإسرائيليين. إنهم يؤيدون الإجراء الذي نتخذه لتدمير ما تبقى من كتائب حماس الإرهابية. يقولون إنه بمجرد أن ندمر حماس فإن آخر شيء يجب أن نفعله هو أن نضع في غزة، وأن تتولى مسؤولية غزة، السلطة الفلسطينية التي تعلّم أطفالها عن الإرهاب وتموّل الإرهاب. كما أنهم يؤيدون موقفي القائل إن علينا أن نرفض بشكل قاطع أن تُفرض علينا دولة فلسطينية”.
التصريحات المتبادلة بين نتنياهو وبايدن تعكس مدى تباعد المسافات بين إسرائيل والولايات المتحدة
وكان بايدن قال السبت في مقابلة مع قناة “إم إس إن بي سي” إنّ “من حقّ (نتنياهو) الدفاع عن إسرائيل ومواصلة مهاجمة حماس. لكن يجب أن يكون أكثر حذرا حيال الأرواح البريئة التي تزهق بسبب الإجراءات المتّخذة”، مضيفا “في رأيي هذا يضرّ إسرائيل أكثر ممّا ينفعها”.
ويبدو هدف نتنياهو في القضاء التام على حماس بعيد التحقق على المدى القريب وسط مخاوف من سقوط المزيد من الضحايا المدنيين ما يحرج الغرب وخاصة الولايات المتحدة ويسلّط عليها ضغوطا سياسية تتعلق بالملف الإنساني للحرب.
وفشلت حماس في تحقيق الهدنة التي كانت تراهن عليها للخروج من الورطة التي وضعت فيها نفسها وسكان غزة رغم مناشداتها التي لم تتوقف للدول والهيئات العربية والإسلامية للتدخل للضغط على إسرائيل، إلا أن الدول العربية وخاصة مصر وقطر لم تعجز فقط عن التأثير لفرض تسوية وإنما أيضا عن إيصال المساعدات الإنسانية.
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية مساء الأحد إن “الاحتلال الإسرائيلي يتحمّل مسؤولية عدم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة”.
ونقلت رويترز عن مسؤول في حماس قوله الأحد إن الحركة منفتحة على المزيد من المفاوضات لكن على حدّ علمه لم تُحدّد مواعيد لعقد المزيد من الاجتماعات مع الوسطاء في القاهرة.
ووسط أنقاض غزة ذاتها، حيث تجمع نصف السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في مدينة رفح الجنوبية، وحيث يعيش الكثيرون منهم في خيام بلاستيكية ويواجهون نقصا حادا في الغذاء، كان المزاج العام كئيبا.
وقالت مها، وهي أمّ لخمسة أطفال، والتي كانت عادة تملأ منزلها بالزينة وثلاجتها بالإمدادات اللازمة لوجبة الإفطار “لم نقم بأيّ استعدادات لاستقبال شهر رمضان لأننا صائمون منذ خمسة أشهر”.
وقالت عبر تطبيق للتراسل من رفح حيث تقيم مع عائلتها “لا يوجد طعام، ليس لدينا سوى بعض المعلبات والأرز، وتباع معظم المواد الغذائية بأسعار مرتفعة خيالية”.
وكتب فيليب لازاريني المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في منشور على منصة إكس أنه يتعين “وقف إطلاق النار (في رمضان) لأولئك الذين يعانون أكثر من غيرهم” ولكن بالنسبة إلى سكان غزة “فإنه يأتي مع انتشار الجوع الشديد واستمرار النزوح والخوف والقلق وسط تهديدات بعملية عسكرية على رفح”.
وفي بلدة المواصي بجنوب غزة، قال مسؤولو صحة فلسطينيون إن 13 شخصا قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منطقة خيام يحتمي بها الآلاف من النازحين. ولم يصدر تعليق من إسرائيل حتى الآن.
وفي الضفة الغربية، التي شهدت أعمال عنف غير مسبوقة على مدى أكثر من عامين وتصاعدا آخر منذ الحرب في غزة، فإن المخاطر مرتفعة أيضا، حيث تستعد مدن مضطربة مثل جنين وطولكرم ونابلس للمزيد من الاشتباكات. وفي إسرائيل، أدت المخاوف من تنفيذ فلسطينيين عمليات دهس أو هجمات طعن إلى تشديد الاستعدادات الأمنية.
وبالنسبة إلى الكثيرين في غزة، ليس هناك بديل سوى أن يأملوا في السلام. وقالت نهاد الجد التي نزحت مع عائلتها في غزة “رمضان شهر مبارك رغم أن هذا العام ليس مثل كل عام، ولكننا صامدون وصابرون، وسنستقبل شهر رمضان كعادتنا بالزينة والأغاني والدعاء والصيام”. وأضافت “في رمضان القادم، نتمنى أن تعود غزة، ونأمل أن يتغير كل الدمار والحصار في غزة، ويعود الجميع في حال أفضل”.