حقوق المؤلف الجزائري في مهب الريح

المؤلف الجزائري مهضوم الحقوق حيث أنه لاينال عن مؤلفاته سوى الفتات الذي يعمق تهميشه الاقتصادي والاجتماعي.
الجمعة 2018/04/20
ميهوبي: الجزائر مرجع في حماية حقوق المؤلفين

انعقد يوم الاثنين الماضي بالجزائر مؤتمر دولي حول “مؤلفي السمعي البصري والسينما”، وأثيرت بهذه المناسبة قضية حقوق المؤلفين الجزائريين في كل قطاعات الإنتاج الثقافي والفكري والفني بشكل عام، وحقوق الكتاب والأدباء بشكل خاص، ومع الأسف فإن المسؤولين الجزائريين عن الشأن الثقافي يخفون الحقائق المرة المتعلقة بهذا القطاع المنهار، بل إننا نجدهم يصرون على تغطية الشمس بالغربال في شتى المناسبات بما في ذلك مناسبة هذا المؤتمر الدولي المذكور آنفا.

في افتتاح أشغال هذا المؤتمر قال الوزير الجزائري المسؤول عن قطاع الثقافة الوطنية بأن “الجزائر مرجع في حماية حقوق المؤلفين على الصعيد العربي والأفريقي”، ودون شك فإن هذا النمط من الكلام غير صحيح بالمرة، لأن الواقع شيء آخر تماما.

 أولا ينبغي علينا عدم حصر حقوق المؤلفين في دفع النسبة المئوية المقدرة بـ10 في المئة على مؤلفاتهم، لأن قضية حقوق المؤلف هي أوسع من ذلك بكثير. من المعروف أن وزراء الثقافة الجزائريين السابقين قد فشلوا فشلا ذريعا في إنجاز تشريعات لكي تحمي منتجي الفكر والفن ومختلف أشكال التعبير الثقافي، حماية مادية ومعنوية جدية.

 لقد حاول كاتب الدولة للثقافة والفنون الشعبية السابق الدكتور محمد العربي ولد خليفة في ثمانينات القرن الماضي رصد بؤس الواقع الثقافي والفني في الجزائر، ولكنه فشل في إقناع النظام الحاكم بسن تشريعات تحدث تغييرا ملموسا في الوضع الرديء الذي يعاني من ويلاته قطاع الثقافة والفن والمؤلف الجزائري.

لقد تواصل هذا الوضع السيء في عهود وزراء الثقافة أمثال: الشيخ بوعمران، وبوعلام بالسايح، ودماغ العتروس، وزاهية بن عروس ثم الوزيرة خليدة تومي. فالمؤلف الجزائري مهضوم الحقوق حيث أنه لاينال عن مؤلفاته سوى الفتات الذي يعمق تهميشه الاقتصادي والاجتماعي، كما لا يستفيد من التقاعد المحترم، ومن الرعاية الصحية والدليل على ذلك أن كثيرا من الأدباء الجزائريين ماتوا جراء استفحال أمراضهم وعدم نقلهم إلى المستشفيات المتخصصة في الخارج للعلاج، وفي المدة الأخيرة، مثلا، توفي الباحث والأديب الجزائري شريبط أحمد شريبط بسبب الإهمال الذي عانى منه طويلا حيث لم تسعفه المؤسسات الثقافية أو الأكاديمية الجزائرية التي رفضت إرساله  لعلاج مرض السرطان الذي أصيب به.

 أعرف عن كثب العشرات من الكتاب والأدباء والفنانين الجزائريين الذين يعيشون في ظل الفقر الوحشي، جراء مبلغ تقاعدهم الشهري التعيس الذي لا يتجاوز غالبا ما يعادل 60 أورو شهريا، وهناك مؤلفون جزائريون أجبرهم الفقر على تعاطي تجارة الأغنام، وطبخ البيتزا، والفلاحة في حقول البصل والبطاطا في الأراضي الصحراوية المستصلحة، ثم فإن سياسة دعم الكتاب التي طبلت لها وزارة الثقافة الجزائرية طويلا وعريضا لم تفد المؤلفين إطلاقا، بل صبت هذه الوزارة الأموال في جيوب الناشرين بطرق ملتوية ومغشوشة.

15