حسان دياب يوجه آخر سهامه لمصرف لبنان

بيروت - وجه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، حسان دياب، الثلاثاء، آخر سهامه لمصرف لبنان مع اقتراب انتهاء مهمته في محاولة للتنصل من المسؤولية وتبرير فشله.
وطلب دياب من مصرف لبنان تسليم الشركة الدولية التي جرى التعاقد معها مؤخرا لإجراء "التدقيق الجنائي" في حسابات مصرف لبنان المركزي، المستندات والمعلومات التي طلبتها حتى يتسنى لها القيام بمهمتها.
وكانت الحكومة اللبنانية المستقيلة، قد أقرت التعاقد مع شركة عالمية للتدقيق الجنائي في حسابات البنك المركزي، على الرغم من وجود شركتين دوليتين تتوليان بشكل منتظم عملية التدقيق في الحسابات، وذلك بعدما اندلع خلاف كبير قبل عدة أشهر بين الحكومة ومصرف لبنان المركزي حول أرقام العجز واحتساب الخسائر المالية، حيث تضاربت الأرقام وتفاوتت بشكل كبير ما بين خطة التعافي المالي والاقتصادي التي وضعتها الحكومة، والأرقام التي قدمها البنك المركزي.
ويشكل التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان أبرز بنود خطة النهوض الاقتصادية التي أقرتها الحكومة قبل أشهر للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، كما ورد ضمن بنود خارطة الطريق التي وضعتها فرنسا لمساعدة لبنان على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي.
وتدعو خارطة إصلاح وضعتها فرنسا إلى تطبيق قانون لحركة رؤوس الأموال يسانده صندوق النقد والشروع في تدقيق محاسبي للبنك المركزي وإطلاق إصلاحات لقطاع الكهرباء.
وطلبت شركة "الفاريز ومارسال" من مصرف لبنان تزويدها بالوثائق المتبقية بحلول الثالث من الشهر الحالي، بعد أن مدها بـ42 في المئة فقط من الوثائق المطلوبة،
وامتنع البنك المركزي عن إرسال المستندات المتبقية كون ذلك "يعارض" قانون النقد والتسليف الذي ينظم عمل المصرف المركزي، والسرية المصرفية، وفق ما قال مصدر في المصرف.
وذكر دياب في بيان أنه كلف وزير المالية غازي وزني بمخاطبة مصرف لبنان المركزي لتسليم الشركة الدولية المستندات اللازمة.
وأشار إلى أن هيئة التشريع والاستشارات (جهة إفتاء تشريعية بوزارة العدل) أكدت أن قرار مجلس الوزراء بالتعاقد مع شركة لإجراء عملية التدقيق الجنائي يلزم البنك المركزي بتسليم المستندات المطلوبة، مع حجب أسماء العملاء عند الحاجة واستبدالها بأرقام حفاظا على السرية المصرفية، لافتا إلى أن حسابات الدولة لا تخضع للسرية المصرفية.
وقال دياب "إن أي إصلاح لا ينطلق من التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، يكون إصلاحا صوريا لتغطية استمرار النهج الذي أوصل البلد إلى ما وصل إليه على المستوى المالي، والمطلوب اليوم أن يبادر مصرف لبنان إلى تسليم شركة التدقيق الجنائي المستندات والمعلومات التي تطلبها، كي ينطلق هذا التدقيق لكشف الوقائع المالية وأسباب هذا الانهيار".
وأضاف "إن أي محاولة لعرقلة التدقيق الجنائي، هي شراكة في المسؤولية عن التسبب بمعاناة اللبنانيين على المستويات المالية والاقتصادية والمعيشية"، محذرا مما أسماه محاولة الإطاحة بالتدقيق الجنائي لمنع اللبنانيين من معرفة حقيقة خلفيات اختفاء ودائعهم، وأسباب الانهيار المالي والتلاعب المدروس بسعر العملة الوطنية.
ويسود التوتر الشديد العلاقة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، حيث سبق لـ"دياب" أن هاجم سلامة مُحملا البنك المركزي -في أكثر من مناسبة وبصورة علانية- المسؤولية عن التدهور النقدي والمالي الذي تشهده البلاد، واتهمه بتمويل ودعم السياسات المالية للحكومات المتعاقبة، والتي كانت تقوم على إهدار أموال الدولة والمودعين في القطاع المصرفي. على حد تعبيره.
ويخوض دياب المعركة ضد مصرف لبنان نيابة عن حزب الله، الذي سعى في الأشهر الأخيرة إلى إلقاء مسؤولية تدهور الوضع المالي على المصرف وحاكمه رياض سلامة.
ولا يخفى على أحد أن حزب الله حاول إزاحة سلامة عن حاكمية المصرف معتبرا أنه يمثل السياسة الأميركية في إدارة الدفّة النقدية، والمسؤول المباشر عن تطبيق العقوبات الاقتصادية التي طالت الحزب وكيانات وأفرادا على علاقة به، لكن الضغوط الدولية حالت دون ذلك.
ويشهد لبنان منذ العام الماضي انهياراً اقتصادياً تزامن مع انخفاض غير مسبوق في قيمة الليرة. وتخلفت الدولة في مارس عن دفع ديونها الخارجية، ثم بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي جرى تعليّقها لاحقاً بانتظار توحيد المفاوضين اللبنانيين وخصوصاً ممثلين الحكومة ومصرف لبنان تقديراتهم لحجم الخسائر وكيفية وضع الإصلاحات قيد التنفيذ.