حزب الله يريد رئيسا لبنانيا مطمئنا لسلاحه

بيروت - جدد حزب الله الجمعة، بعد أن أفشل جولة سابعة لانتخاب رئيس جديد للبنان، مواصفات الرئيس الذي يريده قائلا إنه يريده "مطمئنا للمقاومة"، فيما لا يزال الفرقاء السياسيون غير متوافقين على هوية الرئيس اللبناني الجديد، ما أدخل البلاد في فراغ رئاسي يتوقع على نطاق واسع أن يطول في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية حادة.
وأعلن نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله علي دعموش أن الحزب لا يريد فرض رئيس للجمهورية وإنما يريده هو رئيس لكل اللبنانيين ويطمئن المقاومة. وقال دعموش "أمام المشهد المتكرر الذي نراه في جلسات انتخاب الرئيس والذي لم يؤد إلى أي نتيجة حاسمة، ليس هناك من مسار واقعي موصل لانتخاب رئيس للجمهورية أفضل وأسرع من التحاور والتفاهم".
وأضاف“ما نريده أولا: هو أن يبقى لبنان قويا بمقاومته وجيشه وشعبه في مواجهة العدو الصهيوني، وألا يعود إلى زمن الضعف كما تريده الولايات المتحدة. وثانيا أن تكون الأولوية في هذه المرحلة لمعالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها اللبنانيون”. واعتبر أن ”هذين الأمرين يتطلبان مقاربة واقعية وأكثر جدية لاستحقاق الرئاسة ومواصفات الرئيس”.
ويؤكد متابعون أن انتخاب الرئيس اللبناني القادم سيكون بيد حزب الله، إذ أن استطلاعات الرأي والتوقعات تشير إلى أنه لن يحصل أي تغيير جذري في المعادلة السياسية. وبناء على ذلك سيكون حزب الله الفيصل في انتخاب الرئيس بناء على خارطة التحالفات التي تخدم مصالحه وأجنداته الداخلية والخارجية.
ويملك حزب الله وحلفاؤه عامل قوّة من خلال رئاسة الجمهورية المحسوبة عليه وهو غير مُستعدّ لخسارة هذا المكسب، لاسيّما في ظلّ تأزّم العلاقة مع العديد من المكوّنات المسيحية نتيجة التحريض عليه سياسيا وإعلاميّا، لذلك هو غير مستعدّ للتنازل عن هذا المكسب لأيّ طرف آخر بهدف إبقاء الخطوط مفتوحة وإعادة الأمور إلى طبيعتها.
وتشكل تصريحات دعموش مواصفات الحزب للمرشح الرئاسي الذي سيحظى بدعمه وبدعم حركة أمل الشيعية وبالتالي الوصول إلى قصر بعبدا. وتتمثل أهم المواصفات في عدم استعداء المرشح الرئاسي لسلاح الحزب وبالتالي عدم عرضه للنقاش بعد وصوله إلى قصر بعبدا، في وقت احتدمت فيه المطالب السياسية بشأن ضرورة حصر سلاح الحزب في يد الدولة.
وأشارت أوساط سياسية إلى أن المرشح سليمان فرنجية (رئيس تيار المردة) الأكثر استعدادا من بين بقية المرشحين المسيحيين لتلبية شروط نصرالله الذي يعتبر سلاح حزبه من أهمها إلى جانب تماهي تصورات الرئيس القادم مع أجنداته السياسية بصفة لا تمس من مصالحه الإستراتيجية على الأقل.
ووقف فرنجية في منطقة رمادية عندما تعلق الشأن بتحييد سلاح حزب الله، وهو ما اعتبرته أوساط سياسية مغازلة مضمونة الوصول لحزب الله مفادها أن سلاحه لن يكون محل نقاش فيما لو أصبح رئيسا للجمهورية. وقال فرنجية “موضوع سلاح حزب الله هو موضوع إقليمي والمزايدات توصل إلى التشنّجات”، مؤكدا أن “موقف المقاومة هو موقف قوّة للبنان”.
ويقول محللون إن طرح حزب الله لفرنجية كرئيس للجمهورية يشكل طمأنينة إلى أفرقاء عدّة مثل الحزب التقدّمي الاشتراكي وتيار المستقبل الذي تجمعه برئيسه علاقة ممتازة وحركة أمل وللمستقلين المسيحيين، لما يحتفظ به فرنجية من علاقات جيّدة مع الدول العربية والغربية لاسيما روسيا وفرنسا وهذا ما تجلى في ترشيحه من قبلها جميعا عام 2016، ما سيسهل تمرير اسمه كمرشح جدي للرئاسة.
وفشل البرلمان اللبناني الخميس للمرة السابعة في انتخاب رئيس للجمهورية رغم شغور المنصب منذ مطلع الشهر الحالي، جراء انقسامات سياسية عميقة في خضم انهيار اقتصادي متسارع تعجز السلطات عن احتوائه.
واقترع 50 نائبا بورقة بيضاء، فيما حصل النائب ميشال معوض المدعوم من القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وكتل أخرى بينها كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على 42 صوتا. وتعارض كتل رئيسية بينها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز، معوّض المعروف بقربه من الأميركيين، وتصفه بأنه مرشح "تحدٍّ"، داعية إلى التوافق سلفا على مرشح قبل التوجه إلى البرلمان لانتخابه.
وانعقدت الجلسة بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى، قبل أن ينسحب نواب ليطيحوا بالنصاب في الدورة الثانية، وهو تكتيك يتبعه حزب الله وحلفاؤه. وانتهت ولاية الرئيس السابق ميشال عون وهو حليف لحزب الله في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، وقد اجتمع مجلس النواب المنقسم بشدة خمس مرات حتى الآن دون أن يتمكن من انتخاب خلف له، فيما البلاد غارقة في أزمة اقتصادية غير مسبوقة.