حركة النهضة تناور عبر التسويق لتغييرات شكلية

تونس - أكد الأمين العام الجديد لحركة النهضة الاسلامية في تونس، العجمي الوريمي، أن تغيير اسم الحزب أمر وارد، لكنه لن يكون قبل تنظيم المؤتمر، وذلك في رسالة إلى السلطة وإلى جمهور الحركة الذي يعيش حالة من الانتظار، خاصة بعد الانسحابات الفردية والانشقاقات الجماعية.
ويواجه الحزب الذي يعد المعارض الرئيسي للرئيس التونسي قيس سعيد، وضعا معقدا يهدد وجوده مع استمرار حبس زعيمه راشد الغنوشي، رئيس البرلمان المنحل، وعدد آخر من القيادات البارزة في السجن منذ عدة أشهر.
وأوضح الوريمي الذي عين حديثا في منصبه، عبر حسابه على فيسبوك، إن "تغيير اسم النهضة وارد وقد طرح ذلك داخل لجنة الإعداد المضموني". ولكنه أشار إلى أنه ليس هناك ما يدعو لاتخاذ هذه الخطوة قبل تنظيم مؤتمر الحزب.
وليس واضحا متى وكيف سيتم تنظيم المؤتمر في ظل القيود التي تفرضها السلطات على مقرات الحزب المغلقة بما في ذلك مقره الرئيسي بالعاصمة، منذ أبريل 2022.
وقال الوريمي أيضا إنه من غير المستبعد تغيير اسم "مجلس الشورى"، أعلى هيئة في الحزب، باسم "المجلس الوطني".
وتابع أمين عام حركة النهضة، إن هذه الفكرة "تبدو اليوم أكثر تلاؤما مع التوجهات الجديدة للحزب كحزب يبحث عن مشتركات مع القوى الديمقراطية والمدنية".
ويرى مراقبون أن تصريحات الأمين العام لحركة النهضة بشأن عقد المؤتمر الـ11 الذي كان من المفترض أن ينعقد في أكتوبر الماضي يحمل رسالة إلى السلطات التونسية لفك القيود المفروضة على مقرات الحركة خصوصا وأنه أكد في تصريحات سابقة على أنه الحركة مقبلة على التعجيل بخطة إصلاحات.
ويشير هؤلاء المراقبين إلى أن خطاب الوريمي موجه أيضا لجمهور حركة النهضة الذي يعيش حالة من الانتظار لعقد المؤتمر، خاصة بعد الانسحابات الفردية والانشقاقات الجماعية لعشرات القيادات البارزة مثل عبدالحميد الجلاصي وعبداللطيف المكي وسمير ديلو، الرافضين للتمديد إلى الغنوشي على رأس الحركة.
ويقول المراقبون إن خطاب الوريمي لم يحمل أي تنازلات لإغراء السلطة بتصديقه، وتصديق أن النهضة يمكن أن تتغير. فتغيير اسم حركة النهضة لا يعني أنها ستغير من مضامينها وأيدلوجيتها، فقد سبق أن قبلت بتغيير اسمها من حركة الاتجاه الإسلامي بمحاميله التاريخية والسياسية إلى حركة النهضة كاسم يحتمل التأويل ونقيضه بعد التنازل الذي قاد إلى توقيع الحركة على الميثاق الوطني في 1988 الذي يحولها إلى حزب مدني ليبرالي دون مراجعات فكرية أو حركية.
حركة النهضة التي أعلنت عن نفسها رسميا في العام 1981، سرعان ما تجاهلت الميثاق الذي وقعته مثلما تجاهلت تغيير ما بنفسها لتدخل في صدامات مع السلطة آنذاك، متركب العديد من أعمال العنف غرار العملية التي استهدفت في فبراير 1991 مقر التجمع الدستوري المنحل بباب سويقة والتي قامت بها مجموعة من الناشطين صلب الحركة على غرار "لطفي زيتون" و "صابر الحمروني" ونتج عنها وفاة أحد الحراس حرقا.
وبعودتها إلى المشهد السياسي عقب انتفاضة 2011، اعتمدت الحركة خلال فترة حكمها البلاد طيلة العشرية الماضية، خطابا يكرس التفرقة بين التونسيين ما بين إسلامي وعلماني، ويحملها معارضوها مسؤولية صعود تيار السلفية الجهادية في تونس خصوصا بعدما أدلى الغنوشي بتصريح صحافي في 2012 قال فيه إن "معظم السلفيين يبشرون بثقافة ولا يهددون الأمن"، قبل أن يعلن لاحقا أن "هؤلاء الناس يمثلون خطرا ليس على (حركة) النهضة فقط بل على الحريات العامة".
ويرى مراقبون أن حركة النهضة ليست مطالبة بتغيير اسمها كمناورة للإيحاء بأنها غيرت جلدتها، بل يتوجب عليها إجراء مراجعات جذرية لمواقفها وأيديولوجيتها والأفعال التي ارتكبوها وإثبات ذلك على أرض الواقع وليس بالخطابات الرنانة.