حرب من يستحوذ على كل أسهم تيك توك لا تقل شراسة عن أي حرب تجارية

البيانات وجه آخر لصراع كسر العظم بين الولايات المتحدة والصين.
الاثنين 2025/04/07
مواقع التواصل الاجتماعي مدخل للنفوذ

بوجود 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، أصبح تيك توك لاعبا رئيسيا في عالم وسائل التواصل الاجتماعي. إلا أن ارتباطه بالشركة الصينية بايت دانس يثير مخاوف كبيرة تتعلق بالأمن القومي الأميركي، الأمر الذي دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات قانونية قد تضع نهاية للتطبيق إذا لم تتغير ملكيته.

لندن - وضعت الضغوط الأميركية، بايت دانس، الشركة الصينية الأم لتيك توك، للاختيار بين حلين: إما بيع التطبيق أو مواجهة حظر أميركي. وأبدى العديد من مقدمي العروض اهتمامهم، على الرغم من أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان البيع سيكتمل كما كان من المخطط له.

وأشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أنه “قريب جدا” من إبرام صفقة تشمل عدة مستثمرين.

وعقب الإعلان عن الرسوم الجمركية العالمية الجديدة، صرّح ترامب الأسبوع الماضي بأنه سينظر في صفقة بخصوص تيك توك توافق فيها الصين على البيع مقابل إعفاء من الرسوم الجمركية المفروضة حديثا، والمحددة الآن بنسبة 54 في المئة على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة.

من يتقدم بعرض لشراء تيك توك؟

تعاونت زوب، وهي شركة ناشئة أسسها تيم ستوكلي، مبتكر أونلي فانز، مع مؤسسة إتش بار، وهي منظمة للعملات المشفرة، لتقديم عرض لشراء المنصة.

وكان من بين مقدمي العروض الآخرين أمازون، وبيربليكسيتي إيه آي، وشركة التسويق آب لوفين، والملياردير الأميركي فرانك ماكورت، والمؤثر جيمي دونالدسون المعروف باسم مستر بيست.

الحكومة الأميركية تزعم على الدوام أن تيك توك يُشكّل تهديدا للأمن القومي، لكنها لم تُقدّم أدلة دامغة

وتجري شركة بلاكستون للاستثمار الخاص مناقشات للانضمام إلى المساهمين غير الصينيين في بايت دانس، بقيادة مجموعة سسكويهانا الدولية وجنرال أتلانتيك، في عرض شراء الشركة. كما تتفاوض شركة أندريسنهورويتز الاستثمارية على صفقة لشراء الأسهم التي يملكها مستثمرون صينيون ضمن عرض تقوده شركة أوراكل التكنولوجية.

وبرزت أوراكل كأبرز شركة متقدمة للاستحواذ، خاصةً بعد أن أبرمت اتفاقًا سابقًا مع تيك توك في 2020 ضمن “مشروع تكساس” الذي يضمن تخزين بيانات المستخدمين الأميركيين في خوادمها داخل الولايات المتحدة.

ووفقًا لمقترح الصفقة، ستوفر أوراكل ضمانات أمنية لحماية بيانات المستخدمين الأميركيين، في حين يُسمح لبايت دانس بالاحتفاظ بالتحكم في خوارزمية التطبيق، وهو مطلب أساسي للجانب الصيني.

ووفقًا لما ذكرته فايننشال تايمز نقلًا عن مصادرها، فإن بايت دانس تفضل الصفقة المطروحة التي تنص على التعاون مع أوراكل على العروض الأخرى. كما أن البيت الأبيض يؤدي دورًا غير معتاد كوسيط في المفاوضات، إذ دعا مجموعات استثمارية لتقديم عروضها للاستحواذ على أعمال تيك توك في الولايات المتحدة.

وقال ترامب إن إدارته تجري محادثات مع “أربعة كيانات مختلفة” مهتمة بالصفقة، مؤكدًا أن أي اتفاق سيحتاج إلى موافقته وموافقة بايت دانس والحكومة الصينية، التي سبق أن هددت بعرقلة أي صفقة، لكنها خففت موقفها حديثًا.

وأعرب ترامب عن رغبته في أن تمتلك الحكومة الأميركية حصة 50 في المئة في أي مشروع مشترك ينتج عن ذلك.

بيع تيك توك والأمن القومي؟

Thumbnail

يقول الكاتب آدم سميث في تقرير نشرته مؤسسة تومسون رويترز إن الحكومة الأميركية تزعم على الدوام أن تيك توك يُشكّل تهديدا للأمن القومي، لكنها لم تُقدّم أدلة دامغة تُذكر. ولا يزال خبراء الأمن السيبراني منقسمين حول تأثير الحظر.

وأكد ميلتون إل. مولر، خبير الأمن السيبراني من معهد جورجيا للتكنولوجيا في أتلانتا، أنه “لم يُوجد قط نموذج تهديد معقول يُظهر قدرة البيانات التي يجمعها تيك توك عن مستخدميه على تقويض الأمن القومي الأميركي.”

وصرح مولر بأن تغيير الملكية سيكون له تأثير ضئيل على الأمن، مضيفا أنه لن يخلّف أية تغييرات تُذكر.

وأضاف أنه ما لم يُفصل مستخدمو الولايات المتحدة عن قاعدة المستخدمين العالمية كما تُعزل التطبيقات الصينية عن الإنترنت الدولي، فسيظل بإمكان الحكومة الصينية الوصول إلى المحتوى والبيانات عبر بايت دانس.

جهود الضغط لحظر تيك توك انطلقت في 2020 عندما أصدر ترامب أمرا تنفيذيا، مشيرا إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي بشأن ملكية الصين للتطبيق

وفي المقابل، قال مات بيرل، مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، إن بيع تيك توك من شأنه أن يمنع الحكومة الصينية من التجسس على المواطنين الأميركيين أو التأثير عليهم من خلال التلاعب بالخوارزمية.

وقد يلاحق ترامب أيضا شركات صينية أخرى، مثل شركة الذكاء الاصطناعي ديب سيك، ضمن حملة أوسع نطاقا لتعزيز سيادة البيانات بموجب القوانين الحالية.

وكتب بيرل عبر البريد الإلكتروني، “من شأن عملية البيع أن تمنع الحكومة الصينية من الانخراط في أنشطة مشبوهة باستخدام الخوارزمية/البيانات التي يمكن أن تصل إليها (بطرق لا يقبلها مالك أميركي). لكنها لن تُغير بالضرورة ممارسات الشفافية أو مشاركة البيانات، وهي ستكون من مسؤولية المالك الجديد والكونغرس.”

وصرحت بابيت نجين، مديرة مؤسسة التّخوم الإلكترونية غير الربحية للحريات المدنية الرقمية، بأن حظر تيك توك غير دستوري ويضر بحرية التعبير.

وجادلت بأن التقليص الفعال للبيانات المتاحة للخصوم الأجانب يتطلب قوانين خصوصية فيدرالية تُقيّد كيفية جمع كل الشركات المعلومات الشخصية وتوزيعها.

وانطلقت جهود الضغط لحظر تيك توك في 2020 عندما أصدر ترامب أمرا تنفيذيا، مشيرا إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي بشأن ملكية الصين للتطبيق.

ورغم أن هذا الأمر واجه عقبات قانونية، إلا أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن دعمت لاحقا مسارا تشريعيا يُلزم بايت دانس بسحب استثماراتها في تيك توك وإلا ستواجه حظرا على مستوى البلاد.

ترامب قد يلاحق شركات صينية أخرى، مثل شركة الذكاء الاصطناعي ديب سيك، ضمن حملة أوسع نطاقا لتعزيز سيادة البيانات بموجب القوانين الحالية

وقال ترامب إنه حافظ على التطبيق لأنه ساعده في الفوز بالانتخابات الرئاسية لسنة 2024، مضيفا أنه يكنّ محبة كبيرة له.

ويرى مشرّعون من مختلف الأطياف السياسية أن تيك توك يُشكّل مصدر قلق مستمرّ للأمن القومي، بينما طالبوا في الوقت نفسه بمنح بايت دانس مهلة إضافية للتخلي عن التطبيق بعد انتهاء مهلة الحظر الأصلية.

وحظرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والعديد من مؤسسات الاتحاد الأوروبي تطبيق تيك توك على الأجهزة الحكومية، وكذلك تبعتها تايوان. وذهبت دول أخرى إلى أبعد من ذلك.

وأمرت كندا في نوفمبر بحل أعمال تيك توك في البلاد، مُتعللة بقضايا الأمن القومي، مع أن وصول المستخدمين إلى التطبيق لم يُحظر.

وحظرت نيبال وإيران وأفغانستان والسنغال والصومال التطبيق تماما. كما فرضت ألبانيا حظرا لمدة عام واحد، وسيظل ساريا حتى نهاية 2025.

وحظرت الهند تطبيق تيك توك في 2020. وفرضت باكستان حظرا مؤقتا أربع مرات، انتهى آخرها في نوفمبر 2022. كما أن تيك توك غير متوفر في الصين، حيث تتوفّر للمستخدمين نسخته الصينية، دوين.

ورغم أن دوين يعمل بشكل مشابه، إلا أنه لا يشارك المحتوى مع تيك توك، ويظل خاضعا لرقابة صارمة.

وكان الكونغرس قد أقر هذا التشريع في يناير الماضي بسبب مخاوف أمنية، مما أدى إلى حجب التطبيق مؤقتًا عن 170 مليون مستخدم أميركي، لكن التطبيق عاد سريعًا بعد أن مدّد ترامب المهلة لمدة قدرها 75 يومًا، مشيرًا إلى رغبته في أن تكون للولايات المتحدة “حصة قدرها 50 في المئة” في المشروع المشترك الجديد.

6