حدث المكسيكي قال

فاكهة كأس العالم الحالية كان بامتياز المنتخب المكسيكي الذي جمع بين الإقناع والنتيجة، أحدث مزيجا من "السحر" الكروي الممتع وحتمية تحقيق الفوز.
الاثنين 2018/06/25
يستحق أن ينال لقب أكثر المنتخبات إثارة وإمتاعا

قد يتبادر للبعض أن هذا المونديال سيكون مرة أخرى “للكبار” فقط، ثمة من يتكهن أن الوصول بعيدا في البطولة والمراهنة عل بلوغ المربع الذهبي هو امتياز لا تحظى به سوى المنتخبات القوية التي تضم في صفوفها نجوم الصف الأول فقط.

والأكثر من ذلك أن بعض التحاليل ذهبت إلى أبعد من ذلك إذ جعلت “الفرجة” والفرحة حكرا على بعض المنتخبات دون سواها، فثمة من تكهن بحصول المنتخب البرازيلي على اللقب وثمة من شدد على أن المنتخب الألماني سيواصل فرض هيمنته وسطوته ويحافظ على لقبه، في حين ذهبت بعض التكهنات لتنصبّ في مصلحة منتخبات “قوية” أخرى مثل فرنسا وإسبانيا وإنكلترا وبلجيكا..

لكن نكهة هذا المونديال الروسي بدت منذ الوهلة الأولى ممزوجة بعبق المتعة والفرجة الرائقة والعروض القوية التي قدمتها بعض المنتخبات غير المصنفة ضمن الصف الأول.

لقد ظهرت بعض هذه المنتخبات بمستوى رائع، فتمتعت وأمتعت وقدمت دروسا خالدة في هذا المونديال، إذ كان المنتخب الكرواتي “المفاجأة السارة” لدى البعض خاصة وأنه قدم عرضا قويا للغاية في مباراته الأولى قبل أن يكتسح المنتخب الأرجنتيني بثلاثية في المباراة الثانية.

من جانبه أقنع المنتخب السنغالي وهزم بكل ثقة وروح انتصارية عالية نظيره البولندي في مباراته الأولى، ثم سار على منواله المنتخب النيجيري وتجاوز عثرة المباراة الأولى ليقدم أفضل عروضه في مباراته الثانية ضد المنتخب الآيسلندي بعد أن قدم مستوى رائعا ورائقا أقنع به الجميع.

بيد أن فاكهة كأس العالم الحالية كان بامتياز المنتخب المكسيكي الذي جمع بين الإقناع والنتيجة، أحدث مزيجا من “السحر” الكروي الممتع وحتمية تحقيق الفوز، لقد كانت عروضه في المجمل مبهرة وقدم نفسه كأفضل ما يكون خاصة بعد فوزه المدوي والمستحق على “العملاق” الألماني في مباراة الجولة الأولى. هذا المنتخب المكسيكي ظل وفيا لعاداته وتقاليده التي تميز بها في أغلب الدورات الأخيرة من منافسات كأس العالم، ففي كل دورة كان يمتع ويقدم كرة عصرية، كان “الحصان الأسود” في عدة بطولات، وكان في أغلب الأحيان يحمل لواء الأندية الصغيرة والمستضعفة.

فهو منتخب متحمس للغاية لا يخشى في ذلك سلطة “الكبار” ولا يرهب من قوتهم، دائما ما يحرجهم ويلعب ضد المنتخبات المرشحة لنيل الألقاب بروح انتصارية عالية وقوة شخصية والأكثر من ذلك بحماس فياض ومتعة غير معهودة.

حدثوني، هل ثمة منتخب يخوض غمار بطولة كونية عالية المستوى، لا ترهبه قوة المنافسين ولا يولي أي اهتمام كبير لما سيحصل في نهاية المطاف، ما دام الهاجس الأول والهدف الرئيس هو التمتع باللعب دون أي حسابات مسبقة أو مركب نقص؟

أعتقد أن المنتخب المكسيكي بالنظر إلى ما قدمه في مونديالي جنوب أفريقيا سنة 2010 والبرازيل سنة 2014، ثم المونديال الحالي يستحق أن ينال لقب أكثر المنتخبات إثارة وإمتاعا.

ثمة في الأمر سر، يجعل منتخب “التريكولور” رغم أنه لا يضم في صفوفه لاعبين ينشطون ضمن فرق قوية وعريقة في أوروبا إلا أنه يقدم أفضل العروض ويتألق ضد المنتخبات القوية.

هذا السر أو لنقل الدافع يتمثل أساسا في نجاح هذا المنتخب منذ عقود طويلة في التخلص من عقدة النقص، فمشاركاته المتتالية في أغلب دورات كأس العالم طيلة السنوات الأربعين الأخيرة جعلته يكسب “شخصية” الكبار، مكنته من اكتساب أسلوب لعب خاص يمزج بين اللعب البرازيلي القديم الذي يعتمد على الفرجة والإبهار وبين الأسلوب العصري المعتمد على السرعة والانضباط التكتيكي.

هي معطيات جعلت هذا المنتخب المكسيكي الممتع يتمتع بقوة شخصية نادرة ساعدته على أن يكون في عدة دورات بطل الأدوار الأولى، وأحد أبرز المنتخبات التي تخشى مواجهتها منتخبات “الصف الأمامي”.

21