حامد كرزاي هو من دعا طالبان لدخول كابول والسيطرة عليها

خروج أشرف غني من أفغانستان أفشل الاتفاق على انتقال سلمي للسلطة.
الجمعة 2021/12/17
عليهم التعامل مع طالبان بأي شكل ممكن

بينما سارع الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني في أغسطس الماضي إلى مغادرة كابول بمجرد محاصرتها من متمردي طالبان واستشعار الخطر الداهم، تمسك الرئيس الأسبق حامد كرزاي بالبقاء، لكنه أقدم أيضا على دعوة قادة طالبان إلى دخول العاصمة الأفغانية والمسك بزمام السلطة في خطوة يرى أنها كانت الأنسب لحماية بلاده من فوضى مدمرة.

كابول - في منتصف أغسطس الماضي، وبسرعة أذهلت العالم، سيطرت طالبان على كابول واعتلت كرسي الحكم، وغادر الرئيس الأفغاني أشرف غني نحو طاجيكستان ليلحق به مساعدون ومسؤولون أفغان.

وبينما يتساءل العالم عن كواليس كل الأحداث التي هزت أفغانستان، ترجّح بعض الروايات أن طالبان لم تفتكّ العاصمة الأفغانية بل دُعِيت، كما يقول الرجل الذي وجه الدعوة.

وفي مقابلة مع وكالة الأسوشيتد برس قدم الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي بعض الأفكار الأولى حول الرحيل السري والمفاجئ للرئيس الأفغاني أشرف غني، وكيف جاءت دعوة طالبان إلى المدينة “لحماية السكان حتى لا تسقط البلاد والمدينة في الفوضى والعناصر غير المرغوب فيها التي من المحتمل أن تنهب البلد وتنهب المتاجر”.

لم يبق أحد

حامد كرزاي: طالبان لم تفتك العاصمة بل أنا دعوتها لتسلّم الحكم

عندما غادر الرئيس غني غادر مسؤولوه الأمنيون أيضا. حتى أن وزير الدفاع بسم الله خان سأل كرزاي عمّا إذا كان يريد مغادرة كابول عندما اتصل به لمعرفة ما تبقى من الحكومة. واتضح أنه لم يكن هناك أي شيء. فلم يبق حتى قائد شرطة كابول.

ورفض كرزاي، الذي كان رئيسا للبلاد لمدة ثلاثة عشر عاما بعد الإطاحة بطالبان لأول مرة في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، المغادرة.

وفي مقابلة في مجمعه المحاط بالأشجار في وسط المدينة حيث يعيش مع زوجته وأطفاله الصغار، ألحّ كرزاي على أن فرار غني قد أفشل مفاوضات اللحظة الأخيرة التي كان يشارك فيها هو نفسه وكبير مفاوضي الحكومة عبدالله عبدالله مع قيادة طالبان في الدوحة وكانت ستفضي إلى دخول طالبان إلى العاصمة في إطار اتفاق تفاوضي.

بدأ العد التنازلي لصفقة محتملة في الرابع عشر من أغسطس، أي قبل يوم واحد من وصول طالبان إلى السلطة.

والتقى كرزاي وعبدالله غني، واتفقا على الذهاب إلى الدوحة في اليوم التالي مع وفد يضم خمسة عشر آخرين للتفاوض حول اتفاق لتقاسم السلطة. وكانت طالبان موجودة بالفعل في ضواحي كابول، لكن كرزاي قال إن القيادة في قطر وعدت أن تبقى القوة المتمردة خارج المدينة حتى إبرام الاتفاق.

وقال كرزاي إنه انتظر في وقت مبكر من صباح يوم الخامس عشر من أغسطس لإعداد القائمة. وكانت العاصمة مضطربة ومتوترة. وانتشرت الشائعات حول استيلاء طالبان على السلطة. واتصل كرزاي بالدوحة. فقيل له إن طالبان لن تدخل المدينة.

وقال كرزاي، تحدثت طالبان ظهرا لتقول إن “الحكومة يجب أن تبقى في مواقعها وألا تتحرك لأنها لا تنوي الذهاب إلى المدينة. تحدثت أنا وآخرون إلى مسؤولين مختلفين وتلقينا تأكيدات. نعم، كان هذا هو الوضع، أن الأميركيين والقوات الحكومية كانوا قابعين في مواقعهم و أن كابول لن تسقط”.

لكن اتضح أن غني قد فرّ من المدينة بحلول الساعة الثانية وخمس وأربعين دقيقة مساء تقريبا. واتصل كرزاي بوزير الدفاع ووزير الداخلية وبحث عن قائد شرطة كابول. “ذهب الجميع. لم يكن هناك أيّ مسؤول رسمي في العاصمة، لا قائد شرطة، ولا قائد فيلق، ولا وحدات أخرى. لقد غادروا جميعا”.

ودعا نائب رئيس وحدة الحماية التابعة لغني كرزاي للحضور إلى القصر وتولي منصب الرئاسة فرفض قائلا إنه ليس له الحق في الوظيفة من الناحية القانونية. وبدلا من ذلك، قرر الرئيس السابق نشر رسالة متلفزة، مع أطفاله إلى جانبه “حتى يعرف الشعب الأفغاني أننا جميعا هنا”.

درس الماضي

عندما غادر الرئيس غني غادر مسؤولوه الأمنيون أيضا واتضح أنه لم يكن هناك أي شيء فلم يبق حتى قائد شرطة كابول
عندما غادر الرئيس غني غادر مسؤولوه الأمنيون أيضا واتضح أنه لم يكن هناك أي شيء فلم يبق حتى قائد شرطة كابول

كان كرزاي مصرا على أنه كان من الممكن أن يكون هناك اتفاق على انتقال سلمي لو بقي غني في كابول. وقال “هذا ما كنا نعد له، ما كنا نأمله مع رئيس مجلس السلام للذهاب إلى الدوحة في ذلك المساء، أو في صباح اليوم التالي، ووضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق. وأعتقد أن قادة طالبان كانوا ينتظرون في الدوحة لنفس الهدف… ولذات الغرض”.

اليوم، يجتمع كرزاي بانتظام مع قادة طالبان ويقول إن العالم يجب أن يتعامل معهم. وقال إن على الأفغان، بنفس القدر من الأهمية، أن يجتمعوا. حيث هيمنت الحرب على أفغانستان لأكثر من أربعين عاما، وفي العشرين عاما الماضية، “عانى الأفغان من جميع الأطراف. لقد فقد الأفغان أرواحا من جميع الأطراف… عانى الجيش الأفغاني. عانت الشرطة الأفغانية، كما عانى جنود طالبان”.

وأضاف “لن ينتهي هذا إلا عندما يجتمع الأفغان ويجدون طريقهم الخاص للخروج”.

إن للرئيس السابق خطة. ففي محادثاته مع طالبان، دعا إلى إحياء الدستور المؤقت الذي كان يحكم أفغانستان عندما كانت ملكية. وطُرحت الفكرة خلال محادثات الدوحة السابقة أيضا.

في الوقت نفسه، سيُعقد المجلس التقليدي الأفغاني الكبير (اللويا جيرغا)، الذي يشمل النساء. وسيقرر مستقبل البلاد، بما في ذلك حكومة تمثيلية ودستورا وعلما وطنيا.

وليس هناك ما يشير إلى أن طالبان ستقبل صيغته، رغم أنه يقول إنهم لم يرفضوها في المناقشات. فاللويا جيرغا هي تقليد أفغاني في صنع القرار عمره قرون ويحظى بشعبية خاصة بين البشتون الذين يشكلون العمود الفقري لطالبان.

وقال كرزاي إن أفغانستان المستقبلية يجب أن تكون بها حقوق تعليم شاملة للبنين والبنات والنساء “يجب أن تجد مكانها في النظام السياسي الأفغاني، في الإدارة، في النشاط الاقتصادي والنشاط الاجتماعي والنشاط السياسي وجميع مناحي الحياة… هذه قضية لا يمكن أن يكون هناك أي حل وسط فيها”.

وحتى يحدث ذلك، كما يقول كرزاي، يتعين على العالم التعامل مع طالبان. إن أفغانستان في حاجة إلى التحرك. ويجب أن تدفع لموظفي الحكومة. ويجب أن توفر مرافق الرعاية الصحية.

وقال كرزاي الذي تحسر على التصورات الدولية غير المتنازع عليها والخاطئة أحيانا عن طالبان “في الوقت الحالي، عليهم التعاون مع الحكومة بأي شكل ممكن”. وأشار إلى مزاعم مفادها أنه لا يُسمح للنساء والفتيات بالخروج من المنزل أو طلب مرافق ذكر. “هذا ليس صحيحا. هناك فتيات في الشوارع ونساء لوحدهن”.

ولدى سؤاله عن وصف طالبان، قال كرزاي “أود أن أصفهم بأنهم أفغان، لكن أفغان مروا بفترة صعبة للغاية في حياتهم كما فعل جميع الأفغان الآخرين على مدار الأربعين عاما الماضية”.

وأضاف “مررنا بفترة صعبة للغاية من تاريخنا ارتكبنا فيها، نحن الأفغان، أخطاء من جميع الجوانب، وارتكب فيها المجتمع الدولي وأولئك الذين تفاعلوا معنا أخطاء فادحة. لقد حان الوقت لنا جميعا أن ندرك ذلك، وأن ننظر إلى الوراء إلى الأخطاء التي ارتكبناها جميعا وأن نجعل الأمور أفضل”.

7