حالة طوارئ لإنقاذ القطاع الصناعي اللبناني من الانهيار الشامل

الأزمة المتفاقمة تغلق أبواب 388 مصنعا خلال 4 سنوات، وإغراق السوق بالمنتجات المستوردة يهدد بكارثة اقتصادية.
الجمعة 2019/03/29
قطاع يئن من الأزمات المتلاحقة

أطلق صناعيو لبنان صافرات الإنذار محذرين من انهيار القطاع وتحول خطابهم إلى نبرة جديدة لم يسبق لها مثيل، حين طالبوا السلطات بالإسراع في إيجاد حلول جذرية لمشاكلهم التي تراكمت خلال السنوات الأخيرة في ظل فوضى المنافسة غير المشروعة.

بيروت - أعلنت الأوساط الصناعية اللبنانية حالة الطوارئ وطالبت المسؤولين باتخاذ تدابير سريعة لإنقاذ القطاع من التدهور أكثر وإيجاد حلول لمشاكله قبل زيادة تفاقمها.

ويمارس القطاع منذ أشهر ضغوطا شديدة على الحكومة لإقرار إجراءات عاجلة لمساعدة عدد كبير من المؤسسات الصناعية الكبيرة منها والمتوسطة والصغيرة، وذلك تجنبا للإغلاق التام.

وحذّر رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل خلال اجتماع عقد بحضور وزير الصناعة وائل أبوفاعور عقد في بيروت هذا الأسبوع، من أن الصناعيين بات ينتابهم “قلقا وجوديا”.

ونسبت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية للجميل قوله “أصبحنا على قاب قوسين أو أدنى من إقفال مؤسساتنا ومصانعنا واحدا تلو الآخر”.

وأضاف “أننا في وضع حرج واستثنائي يتطلب عناية خاصة وفورية وإجراءات من قبل مؤسسات الدولة وذلك قبل فوات الأوان”.

فادي الجميل: الصناعة في وضع حرج واستثنائي وتتطلب عناية خاصة قبل فوات الأوان
فادي الجميل: الصناعة في وضع حرج واستثنائي وتتطلب عناية خاصة قبل فوات الأوان

وطالب الحكومة بالإسراع في وقف المنافسة غير المشروعة عبر إغلاق المصانع والمؤسسات غير القانونية وتعمل بتكلفة أقل”.

وسعت السلطات في الفترة الماضية إلى توفير الحماية لنحو 17 صناعة محلية تتعرض للمنافسة غير المشروعة من الصناعات المستوردة، لكن جهودها لم تأت بنتائج إيجابية.

وأرجع محللون ذلك إلى عدم تطبيق البنود الواردة في اتفاقيات التبادل التجاري الموقعة بين لبنان والدول التي يستورد منها.

وللصناعيين حزمة من المطالب تتمثل في خفض تكلفة الطاقة مع منحهم المزيد من التسهيلات المصرفية وتخفيض الضرائب.

كما أن مكافحة الاقتصاد الموازي ووقف عمليات التهريب عبر معابر البرية والبحرية من بين أهم تطلعات القطاع، إضافة إلى منع الإغراق وتطبيق الاتفاقيات التجارية بشكل عادل ومتوازن على قاعدة المعاملة بالمثل.

وتحتل الصين وفق التقديرات الرسمية صدارة الدول، التي يلحق الاستيراد منها أضرارا فادحة بالقطاع الصناعي اللبناني تليها تركيا ومصر والاتحاد الأوروبي والسعودية.

ويعاني القطاع من تراجع مستمر حيث هبطت الصادرات الصناعية خلال السنوات الماضية من 4.5 مليار دولار إلى 2.5 مليار دولار مع إقفال أكثر من 388 مصنعا بين الأعوام 2012 و2016.

ووفق البيانات الرسمية، يوفر القطاع نحو 140 ألف فرصة عمل للبنانيين كما أنه بناء على إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو)، تبلغ حاليا مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 8.3 بالمائة.

وحذّر رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة والتخطيط في البرلمان النائب نعمة افرام من وصول العجز التجاري إلى رقم كارثي غير مسبوق يناهز 17 مليار دولار.

وقال إن هذا العجز “ضرب الاقتصاد اللبناني وأدى إلى ارتفاع هائل في الفوائد وتباطؤ في القدرة على الاستثمار في البنى التحتية وتزايد تكاليف الاستثمار التشغيلي والتوظيف في الصناعة”.

وطالب بوضع خطة طوارئ تعزز وتدعم الصمود الصناعي وتنقذ الاقتصاد الوطني. ورأى وجوب إعطاء الدولة الأفضلية في المناقصات العامة للصناعة اللبنانية وتطبيق الحماية الجمركية للإنتاج المحلي.

وتعود المشكلة التي مازالت تحول دون انتشار السلع اللبنانية بشكل كبير في العالم إلى معادلة التقارب في الجودة مع وجود فارق بسيط في السعر.

ويقول خبراء إنه في حال وجود سلعتين متقاربتين في الجودة فإن الفارق في السعر بينهما سيكون بسيطا بشكل آلي. ومع ذلك فإن المستهلكين سيميلون إلى شراء السلعة الأرخص.

ومن المستبعد اللجوء إلى خيار حصر الاستيراد وتحديد كميته التي يطرحها البعض لأن الاتفاقات الموقعة بين لبنان وبعض البلدان العربية تحول دون ذلك، كما أن التجارة بالبلاد وهي القطاع الأقوى والخاضعة بشكل كبير للقوى السياسية، وبالتالي فإن تعديل شروط الاستيراد غير ممكن عمليا.

وتختزل مشكلة القطاع حجم الأزمات المتراكمة، التي تعاني منها البلاد منذ سنوات وأثّرت بشكل ملموس على المواطنين.

8.3 بالمئة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي وفق منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية

ويقرّ أبوفاعور بأن الصناعة “قطاع منكوبة”، وألقى بالمسؤولية إلى غياب رؤية سياسية التي تعطي الصناعة المكانة التي تستحقها.

وقال إن “الصناعة تعمل من دون حماية ومن دون رعاية ومن دون دعم وتشجيع.. نحن الدولة الوحيدة التي لا نستعمل فيها تقنيات حماية الاقتصاد الوطني”.

وأشار إلى أن قسما غير قليل من الاتفاقيات المعقودة بين لبنان ودول أخرى تحتاج إلى إعادة نظر لأنها غير عادلة ومجحفة بحق لبنان ولا يطبق في تنفيذها “مبدأ المعاملة بالمثل”.

وأوضح خلال كلمته في الاجاذتماع أن اتفاقية التيسير العربية لا تطبق كما يجب وهناك الكثير من العقبات التي توضع بوجه الصناعي اللبناني من قبل أكثر من دولة عربية تمنع التصدير.

واعتبر أن القطاع الصناعي هو جزء من حل الأزمة الاقتصادية ومن تقليص العجز في الميزان التجاري وتوفير العملة الصعبة.

وتعكف وزارة الصناعة بالتعاون مع الجمارك على اعتماد سلسلة إجراءات حمائية لسلة من المنتجات، التي يمكن أن تدخل تعديلا كبيرا في الميزان التجاري.

10