حادثة العقبة تضعف موقف حكومة الخصاونة لكن لن تطيح بها

ما قامت به الحكومة الأردنية حيال الحادث هي إجراءات لا تمنع رحيلها.
الثلاثاء 2022/07/05
القول الفصل يبقى للعاهل الأردني

عمان - وضع حادث العقبة الأردنية الذي أودى بحياة ثلاثة عشر شخصاً وإصابة 260 آخرين الأسبوع الماضي، حكومة بشر الخصاونة أمام موقف صعب، قد يكون سببا في رحيلها.

ووقع الحادث في السابع والعشرين من يونيو الماضي إثر سقوط صهريج معبّأ بغاز الكلورين السام في ميناء العقبة جنوبي البلاد.

وأصدرت لجنة التحقيق الحكومية في الحادث الأحد نتائجها، وأعلنت عن إنهاء خدمات مدراء عامين ومسؤولين، وتحويل ملف القضية إلى النيابة العامة.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك لوزيري الداخلية والإعلام مازن الفراية وفيصل الشبول، وجهت إحدى الصحافيات سؤالاً للوزيرين حول تحمل الحكومة لمسؤوليتها الأخلاقية والأدبية والتقدم باستقالتها، ليكتفي وزير الإعلام بالضحك، وينقل الميكروفون إلى صحافي آخر.

ليث نصراوين: البديل الواضح أن يتحرك البرلمان ويحجب الثقة عن الحكومة

ويرى مراقبون أن ما قامت به حكومة الخصاونة حيال الحادث هي إجراءات لا تمنع رحيلها، لكن القول الفصل يبقى للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بعد عودته من الولايات المتحدة، والذي يتواجد بها للمشاركة في الملتقى الاقتصادي بمدينة صن فالي.

وتنص المادة الخامسة والثلاثون من الدستور على أن “الملك يعين رئيس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم، بناء على تنسيب (ترشيح) رئيس الوزراء”.

وقال ليث نصراوين أستاذ القانون الدستوري بالجامعة الأردنية (حكومية) إن “أحكام استقالة الحكومة بعد هذه الكوارث غير واضحة في الدستور الأردني ولا في أي دساتير”.

وأضاف نصراوين “هناك العديد من العوامل التي توجب تحمل المسؤولية، كالرأي العام وحجم المشكلة، وعوامل أخرى”.

وتابع نصراوين “دائما يثور التساؤل عن معيار الخطأ أو الضرر الذي إذا حدث تتحمل الحكومة أو الوزير المسؤولية وتتقدم بالاستقالة”، لافتا إلى أنه “ليست هناك أحكام واضحة في هذا السياق في الدستور”.

واعتبر الخبير الدستوري الأردني أن “البديل الواضح هو أن يتحرك مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) ويمارس دوره ويتحمل المسؤولية الوطنية ويحجب الثقة عن الحكومة”.

وحسب المادة الرابعة والخمسين من الدستور، تُطرح الثقة بالوزارة أو بأحد الوزراء أمام مجلس النواب. وإذا قرر المجلس عدم الثقة بالوزارة بالأكثرية المطلقة (50 في المئة+1) من مجموع عدد أعضائه، وجب عليها أن تستقيل.

من جانبه بين عامر بني عامر مدير مركز “راصد” (مستقل، معني بمتابعة أداء الحكومة والبرلمان) أنه “جرت العادة بأن المسؤولية الأدبية في الأردن تعتمد على مدى ردة فعل الشارع، وأيضا على طبيعة الوقت الذي تقع فيه تلك الأحداث”.

ولفت بني عامر إلى أنه “في بعض الأحيان تتزاحم بعض القضايا في وقت واحد، فينتقل اتجاه الرأي العام باتجاه عدة قضايا، مما يسهل الهروب من تحمل المسؤولية الأدبية”.

عامر بني عامر: المسؤولية الأدبية في الأردن تعتمد على مدى ردة فعل الشارع

واستطرد “الأمر الآخر الذي يتحكم بموضوع المسؤولية الأدبية هو تفاعل المستويات العليا من السلطة بمختلف تدرجاتها، ففي بعض الأحيان تقدر بأن ما حدث لا يستدعي تحمل المسؤولية”.

وأكمل “من جهة أخرى، فإن ردة فعل النواب تؤخذ في موضوع المسؤولية الأدبية ومحاسبة المسؤول بالحد الأدنى”.

وأرجع بني عامر السبب في ذلك إلى “كثرة تقاطعات مصالح السلطة التشريعية مع التنفيذية، مما يضعف دورها الرقابي بشكل عام”. ورأى بأن “عدم وجود عمل كتلوي (يمثل كتلة) منظم داخل البرلمان، يضعف قدرته على خلق دور ضاغط على السلطة التنفيذية، وبالتالي سحب الثقة من أي مسؤول حكومي”.

ورأى صالح العرموطي عضو مجلس النواب ونقيب المحامين السابق أن “مجلس النواب لا يملك الاجتماع واتخاذ أي قرار بخصوص ما جرى، لأنه منفض، ودورته الاستثنائية المقررة في العشرين من الشهر الجاري لا تتيح له مناقشة أي موضوع خارج جدول الأعمال المحدد بموجب المادة 82 من الدستور”.

وأضاف العرموطي “يكون ذلك إذا طلبت الأغلبية المطلقة في المجلس من الملك دورة استثنائية لمناقشة الموضوع، وأنا من الداعين إلى ذلك بموجب الفقرة الثانية من المادة 82، ويحدد المجلس ما يرغب بمناقشته، وهذا لم يحصل في تاريخ مجلس النواب”.

وذكر أن “مجلس النواب صاحب ولاية بالمراقبة والمحاسبة، وسبق أن شكل لجنة تحقيق في حادثة البحر الميت (سيول عام 2018) وأوصى بإقالة وزيرين، وهو ما تم بالفعل”، لافتا إلى أن “القضية الآن تحت وصاية القضاء، والنيابة العامة وضعت يدها على القضية، ولكن هذا لا ينفي تحمل الحكومة للمسؤولية، فما ورد في بيان وزير الداخلية من شأنه أن تتحمل الحكومة مسؤولية ما جرى”.

وكلّف العاهل الأردني في السابع من أكتوبر عام 2020 الخصاونة بتشكيل الحكومة، وهو رئيس الوزراء الثالث عشر في عهد الملك عبدالله الثاني منذ تولي سلطاته الدستورية في السابع من فبراير 1999.

وأجرى الخصاونة خلال فترة ولايته أربعة تعديلات على حكومته، كان آخرها في أكتوبر الماضي، وجاءت في غالبيتها على وقع أزمات استدعت ذلك.

2