جيرمي كوربين يقدم خطة راديكالية لتولي قيادة الحكومة البريطانية

رئيس حزب العمال جيرمي كوربين: الطريقة القديمة للإدارة لا تعمل بشكل جيد.
الخميس 2018/09/27
كوربين: قادر على الإمساك بزمام الأمور أفضل من تيريزا ماي

استغل زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيرمي كوربين خطابا رئيسيا في مؤتمر حزبه اليساري السنوي لتقديم نفسه بصفته الرجل المناسب لقيادة البلاد، إلا أنه يواجه مهمة شاقة لتوحيد نواب حزبه المنقسمين بشأن بريكست. وطرح اليساري المخضرم “خطة راديكالية” حول موضوعات العدالة الاجتماعية آملا أن يروق طرحه للناخبين الذين قد يتوجهون لصناديق الاقتراع إذا انهارت حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي تحت ضغط بريكست قبل مغادرة بريطانيا للتكتل الأوروبي في مارس المقبل.

ليفربول – بعد بدايات صعبة، نجح رئيس حزب العمال البريطاني المناهض لأوروبا جيرمي كوربين، في بسط هيمنته على حزب بات يضم اليوم أكثر من نصف مليون عضو بينهم ناشطو حركة مومنتوم المؤيدون له بشدة ويعتبرون الجناح اليساري في الحزب. وبدا أكثر ثقة خلال المؤتمر السنوي للحزب بصفته الرجل المناسب لقيادة البلاد خلال مفاوضات بريكست المحفوفة بالمخاطر، بل ودافع بقوة عن إجراء انتخابات عامة جديدة.

وكان لافتا في خطاب كوربين، في ختام المؤتمر السنوي للحزب في ليفربول في شمال غرب إنكلترا، تجنبه التركيز على قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مؤثرا التركيز على الشأن الداخلي والموضوعات الاجتماعية مثل مكافحة البطالة والفقر، مقدما “خطة جذرية” لتولي قيادة الحكومة.

ويأمل كوربين أن يروق طرحه للناخبين الذين قد يتوجهون لصناديق الاقتراع إذا انهارت حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي تحت ضغط بريكست قبل مغادرة بريطانيا للتكتل الأوروبي في مارس المقبل.

وتتضمن خطته توفير 400 ألف فرصة عمل في قطاع الطاقة الخضراء لتلبية أهداف تقليل استخدام الفحم وتمديد برنامج رعاية الأطفال المجاني للأسر الفقيرة، حيث يرى، بحسب مقتطفات من كلمته نشرت قبل إلقائها، أن “رفع مستوى معايير رعاية الأطفال سيؤدي إلى إحداث فارق حيوي للملايين من أطفالنا”.

وخصص القيادي اليساري قسما كبيرا من خطابه لما وصفه “بخطة جذرية لإعادة بناء وتحويل بلدنا” ترتكز على العدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية، وانتقد برنامج التقشف الحكومي.

ولفتت مقترحات رئيس حزب العمال، الذي يرى أن “الطريقة القديمة لإدارة الأمور لم تعد تعمل بشكل جيد”، انتباه جيم الذي نشر تحليلا على موقع المعهد الملكي البريطاني للسياسات الخارجية (تشاتام هاوس) الذي يتولى إدارته، جاء فيه أن حزب العمال يبدو مستعدا لزعزعة الوضع الراهن في البلاد، وانتقد في نفس الوقت الحكومة المنغمسة في مفاوضات البريكست ونسيت بقية القضايا التي تهم البريطانيين.

ويستهل جيم أونيل تحليله بقوله “بين مسؤولي الحكومة من المألوف القول إنه إذا كنت تعتقد أن البريكست أمر سيء بما فيه الكفاية، فانتظر حتى ترى ما يحدث عندما تركز الأسواق على القضايا التي يناقشها حزب العمال”.

ويقول “هناك تحديات سياسية خطيرة أخرى بلا شك. ومازال يفاجئني من أن صدمة البريكست لم تساعد في لفت انتباه الشركات وأولئك الذين هم في مركز السياسة للقيام بأكثر من مجرد محاولة عكس نتيجة استفتاء عام 2016 وإبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي”.

ويضيف “في حين أن لديّ مخاوف بشأن الإطار المالي العام لسياسات المعارضة، فإنني لا أشعر بقلق كبير من بعض جوانب إدارة جيرمي كوربين المرتقبة”. واعتبر أن هناك ستة مجالات سياسية على الأقل، يعالجها كوربين ومستشاره في حكومة الظل، جون ماكدونيل، كأولويات، يتعين على الشركات والحكومة أن تلحق بركبها.

لا قضية تعلو على البريكست

جيم أونيل: حزب العمال بقيادة جيرمي كوربين يبدو مستعدا لزعزعة الوضع الراهن
جيم أونيل: حزب العمال بقيادة جيرمي كوربين يبدو مستعدا لزعزعة الوضع الراهن

يعد التعامل مع البريكست هو المهمة الأكثر إلحاحا التي تواجه حكومة تيريزا ماي، لكن من المثير للقلق، وفق أونيل، أن رئيسة وزراء المملكة المتحدة ليس لديها وقت تقريبا للنظر في أي قضية أخرى، بما في ذلك الأفكار القليلة التي قدمتها حكومة المحافظين السابقة، مثل تفويض السلطات والمسؤوليات إلى المناطق الحضرية.

المجال الأول الذي يعطيه حزب العمال أولوية هو أزمة الإنتاجية في بريطانيا. فبالنسبة لجميع الأضرار الواضحة التي يسببها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن تحسين نمو الأجور سيكون أكثر تحديا بشكل كبير. حيث سجل أكبر تقدير للتراجع في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حوالي 11 بالمئة على مدى 15 عاما.

 وعلى الرغم من ذلك، تعتبر هذه النتيجة ضئيلة مقارنة بالانخفاض المتراكم بنسبة 15 إلى 20 بالمئة والناتج عن ضعف الإنتاجية منذ الأزمة المالية التي حدثت عام 2008. ويرى أنويل أنه في حين أن بعض أفكار حزب العمال، مثل فرض تفويض إنتاجي على بنك إنكلترا، غير تقليدية، إلا أن استعداده لاستكشاف طرق جديدة لتغيير الوضع الراهن هو أمر في حد ذاته مثير للإعجاب.

والمجال الثاني الذي يركز عليه حزب العمال في الوقت الذي تغيب فيه رؤية الحكومة البريطانية الغارقة في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، فهو الاعتقاد المترسخ بأن خفض ضريبة الشركات سيعزز الإنفاق الاستثماري بطريقة كبيرة، لكن أونيل يؤكد أن هذه الفكرة أثبتت فشلها نظرا لأنها غير مدعومة ببيانات ما بعد أزمة 2008.

ومن الناحية النظرية، ينبغي أن يؤدي خفض ضريبة الشركات إلى المزيد من الاستثمار. ومنذ الثمانينات وحتى عام 2000، ظهر الدليل لدعم هذا الأمر، لكن ذلك كان في أيام أسواق العمل الأكثر جمودا، وأيضا في الوقت الذي لم تكن فيه الشركات قادرة على تحويل مقراتها من أجل تقليل الضرائب.

والقضية الثالثة التي يتناولها حزب العمل، هي أن المخاطرة بإنفاق كميات كبيرة من المال على الاستثمار الثابت لم تعد صالحة للاستمرار.

في وقت سابق، تم افتراض أنه عندما ينخفض معدل البطالة إلى ما دون مستوى معين، فإن نمو الأجور سيتسارع، ولكن في عصر أسواق العمل المرنة، لم يحدث ذلك. كما أن اتباع خطط الأجور النقابية التي كانت مطبقة قبل ذلك في سبعينات القرن الماضي لم يعد أمرا معقولا. غير أن تكاليف التحويل ومخاطر الأجور هو أمر مناسب يجب على الحكومات أن تفعله.

تتعلق القضية الرابعة التي طرحها حزب العمال بضرورة رجوع الشركات إلى إعادة اكتشاف الغرض الأساسي وراء الأرباح. فغالبا ما تكون الشركات الحديثة مدفوعة فقط بهدف زيادة إيرادات المبيعات إلى الحد الأقصى، مع تدعيم نسب السعر/ الأرباح بتخفيض التكاليف الثابتة من أجل تحسين الأرباح الفصلية.

وبالطبع ترتبط الأجور والمكافآت التنفيذية بتحقيق هذا الهدف بشكل مباشر، وغالبا ما تغفل هذه الشركات عن مخاطر الاستثمار أو الإنتاجية، لكن يرى أونيل أن هذه المؤسسات غير مدركة أو غير مبالية لعواقب الأرباح المعلنة المستمرة في الارتفاع. ويحتاج الرؤساء التنفيذيون إلى إدراك أن ارتفاع الأرباح، في مرحلة ما، يفترض أن يجعل الأسواق أكثر تنافسية مما يعطي مزايا أكبر للموظفين.

تغيير جذري

Thumbnail

يخطط حزب العمل أيضا لتأميم السكك الحديدية والمرافق العامة، وهي خطوات قد تبدو بعيدة المنال في الوقت الحاضر، لكن تبقى هذه الصناعات مهمة فلا خيار أمام معظم الناس إلا الاعتماد عليها. فكل ما يطلبونه هو أن قطارهم اليومي يصل في الوقت المحدد أو أن إمدادات المياه تتوفر في متناول أيديهم بأسعار معقولة.

ويتطرق أونيل في تحليله إلى قضية أزمة السكن، ولا سيما في ظل انهيار السوق السكني في هذا العصر الذي نعيشه. فقد ساهم تجاهل الحكومة لمشاريع الإسكان الاجتماعي إلى حد كبير في نمو سوق الإيجارات منخفضة الدخل. ومع ذلك، فإن اتباع النهج التقليدي لمعالجة المشكلة تركز على تعزيز ملكية المنازل، حتى عندما يتطلب ذلك إنشاء برنامج دعم كبير، مثل مشاريع تسهيل شراء المنازل.

ويخلص مؤكدا أن التعامل مع المشكلات الاقتصادية العميقة في المملكة المتحدة يتطلب تفكيرا واهتماما مستمرين، وليس مجرد خدمة شفوية عرضية. والآن، يتدخل حزب العمل في هذا الفراغ الذي تركته الحكومة ويبدو أنه يعرض التغيير الجذري الذي يسعى إليه الكثير من المواطنين.

7