جو كئيب يخيم على القدس في أول جمعة من رمضان

القدس - خيمت على البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة أجواء من الحزن والكآبة في أول يوم جمعة من شهر رمضان، فقد شارك عشرات الآلاف في الصلاة في المسجد الأقصى، وسط انتشار كثيف للشرطة، على وقع الحرب في قطاع غزة.
وانتشر الآلاف من عناصر الشرطة الإسرائيلية، قالت الشرطة إن عددهم ثلاثة آلاف، في البلدة القديمة وحول بوابات الحرم.
وقال سعيد أبوشعبان (63 عاما) لوكالة فرانس برس “غادرنا رام الله في السادسة صباحا. وصلنا بعد ساعتين… لم يكن هناك تدافع أو ضغط كبير على معبر قلنديا مثل العام الماضي لأن عدد الناس أقل”.
ولاحظ أبوشعبان وزوجته اعتماد أن “لا أسواق ولا أناس في البلدة القديمة. الوضع هادئ بشكل غير طبيعي. لا ضجيج ولا حركة. فقدت البلدة رونقها”.
وقالت اعتماد أبوشعبان “لا توجد زينة ولا فرح … على وجوه الناس كآبة”.
الحرم القدسي يخضع لإشراف الأردن، وهو ثالث أقدس موقع في الإسلام، وأقدس مكان في اليهودية ويسميه اليهود جبل الهيكل
وحصل الزوجان على تصريح بالدخول عبر تطبيق مكتب التنسيق الإسرائيلي (كوغات). ويشترط التصريح العودة في الخامسة مساء، حتى لا تُفرض عليهما مخالفة.
وقال الشيخ عزام الخطيب، مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية وشؤون المسجد الأقصى، لفرانس برس “شارك نحو 80 ألفًا في صلاة أول جمعة من رمضان”.
وأضاف ردًا على سؤال أن “نحو 150 ألفًا صلّوا في الجمعة الأولى العام الماضي”.
وقدّر قائد الشرطة ياكوف شابتاي من جهته عدد المصلين بأربعين ألفا.
وأمام باب القطانين، أحد مداخل الأقصى، وقف زوّار يشترون السكاكر والحلويات. وفي باحات الأقصى انتشر أفراد تابعون لإدارة الأوقاف لتحديد مسارات المرور.
وعلى معبر قلنديا بين رام الله والقدس قالت امرأة مسنة عرّفت نفسها باسم أم العبد “من قبل كنت أذهب كل جمعة… أجلس وأصلي في الأقصى. كنت موجودة دائما في الأقصى. اليوم لم يسمحوا لي بالدخول. أنا حزينة لأنهم أرجعوني”.
وقال بسام الذي لم يفصح عن اسم عائلته “منعوني من الدخول لأنهم يريدون تصريحًا. عمري 53 عامًا. لماذا يفعلون ذلك؟ يجب أن يسمحوا لنا بالدخول. هذا الأقصى وليس ملكاً لهم”.
وقالت أم أحمد (55 عاما)، وهي من قرية زيتا في قضاء طولكرم، إنها جاءت في حافلة مع عشرين امرأة ورجلا. لكن زوجها “لم يرغب في المجيء خشية حدوث مكروه”. وأضافت أنها حصلت على تصريح يتيح لها زيارة الأقصى “خلال أربعة أيام جمعة ولليلة القدر”.
وسمحت إسرائيل هذا العام بدخول الأطفال دون سن العاشرة والنساء فوق الخمسين سنة والرجال فوق الـ55 سنة إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان. ولكن الحصول على تصريح ليس مضمونًا حتى لمن تنطبق عليهم هذه الشروط.
ورغم ذلك قال الشيخ الخطيب إن “كل شيء سار بهدوء وسلام” خلال الصلاة.
ويخضع الحرم القدسي لإشراف الأردن، وهو ثالث أقدس موقع في الإسلام، وهو كذلك أقدس مكان في اليهودية ويسميه اليهود جبل الهيكل، ويقع في قلب القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل وضمتها في عام 1967 قبل أن تعلنها عاصمة أبدية لها.
حلّ رمضان هذا العام في حين يشهد قطاع غزة حربًا عنيفة اندلعت إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر الماضي على الدولة العبرية والذي أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصاً في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر رسمية.
إثر ذلك توعدت إسرائيل بالقضاء على الحركة التي تسيطر على قطاع غزة، وبدأت بتنفيذ حملة عسكرية مدمّرة خلّفت 31490 قتيلًا على الأقل، معظمهم من المدنيين، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في قطاع غزة الجمعة.
وتسيطر حركة حماس على قطاع غزة، منذ 18 عاما. وزادت هذه السيطرة، التي حدثت عام 2007، الانقسام السياسي والجغرافي داخل أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية.
حركة حماس تسيطرعلى قطاع غزة منذ 18 عاما وزادت هذه السيطرة التي حدثت عام 2007، الانقسام السياسي والجغرافي داخل أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية
ولم تنجح اتفاقيات المصالحة التي عُقدت بين الحركتين، بوساطات عربية وإسلامية، في إنهاء الانقسام.
ويرى مراقبون أن عوامل الانقسام الفلسطيني قديمة، وتعود إلى اختلاف أيديولوجيتيْ حركتيْ فتح وحماس، فالأولى علمانية والثانية إسلامية.
وبدأت مظاهر الانقسام تطفو على السطح عقب زيادة شعبية حركة حماس التي تأسست عام 1987، إبّان انتفاضة الحجارة (1987 – 1994)، ومنافستها لحركة فتح التي تأسست عام 1965، وتُمثّل القيادة التقليدية للشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين.
واحتدّت الخلافات إثر تبني حركة فتح منهج الحل السلمي للصراع مع إسرائيل، على أساس مبدأ حل الدولتين، على خلاف حماس التي أصرت على ضرورة اعتماد الكفاح المسلح طريقا وحيدا لـ”تحرير فلسطين”.
وزادت حدة التوتر بين الحركتين عقب تأسيس السلطة الفلسطينية (التي تديرها حركة فتح)، حيث رفضت حماس وقف عملياتها العسكرية ضد إسرائيل، الأمر الذي اعتبرته فتح تهديدا لمشروعها السياسي.
وبين عامي 1996 و2000 نفّذت الأجهزة الأمنية الفلسطينية حملات اعتقال واسعة ضد قادة وعناصر حماس، إثر تنفيذ الأخيرة سلسلة عمليات ضد إسرائيل، اعتبرتها فتح محاولة لتقويض السلطة الفلسطينية.
وفي يناير 2006 فازت حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية التشريعية، وحصدت غالبية المقاعد البرلمانية.
وكانت نتائج تلك الانتخابات الشرارة الأولى لاندلاع الأحداث التي أدت إلى تعميق الخلاف بين الحركتين.
ورفضت فتح وبقية الفصائل الفلسطينية المشاركةَ في الحكومة التي شكلتها حماس برئاسة إسماعيل هنية، بسبب “عدم الاتفاق على البرنامج السياسي”.
واشتدت حدة الخلاف بين الحركتين، حيث اتهمت حماس فتح بمحاولة الإطاحة بحكومتها من خلال إحداث المشاكل الداخلية.