جو بايدن يعيش على وقع الأزمات خلال عام من الحكم

نيويورك - يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن الكثير من المشكلات في عامه الأول في منصبه، وهي داخلية وخارجية متنوعة.
ويعتقد مراقبون أن الرئيس الأميركي سعى لتحقيق نظريته الخارجية الحالمة أكثر من سعيه لخدمة مصالح الولايات المتحدة، مشيرين خاصة إلى قرار الانسحاب من أفغانستان، الذي يعتبر على نطاق واسع في الداخل الأميركي بأنه مغامرة غير محسوبة المخاطر.
وأعطى هذا الانسحاب دفعة قوية لطالبان لإظهار أن قوتها القتالية هي التي طردت الأميركيين، وهو ما قد يشجع دولا ومنظمات أخرى في المنطقة على توهم أنها يمكن أن تهزم الأميركيين وتطردهم، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى إيران وبعض أذرعها في المنطقة مثل حزب الله اللبناني والحوثيين، وخاصة ميليشيات الحشد الشعبي في العراق التي تعتمد استراتيجية لاستنزاف القوات الأميركية وإجبارها على الانسحاب.
يضاف إلى ذلك التمسك بالانفتاح على إيران والتوصل معها إلى اتفاق دون مراعاة موقف دول الخليج ومصالحها، ما حدا بها إلى البحث عن شركاء جدد وعقد صفقات كبرى في رسائل واضحة إلى إدارة بايدن التي قررت تنفيذ انسحاب غير مدروس من الخليج بزعم التفرغ لمواجهة النفوذ الصيني.
كما أن مدته الرئاسية الأولى تتجه لزيادة التصعيد مع روسيا من بوابة موضوع أوكرانيا، ومعرفته لحساسية هذا الملف بالنسبة إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وقال بايدن السبت إنه سيجري “نقاشا طويلا” مع بوتين بشأن أوكرانيا، وإنه لن يقبل “خطوطا حمراء” من جانب روسيا.
الانسحاب الأميركي أعطى دفعة قوية لطالبان لإظهار أن قوتها القتالية هي التي طردت الأميركيين، وهو ما قد يشجع دولا ومنظمات أخرى في المنطقة على توهم أنها يمكن أن تهزم الأميركيين وتطردهم
وأضاف بايدن في تصريحات للصحافيين لدى مغادرته إلى منتجع كامب ديفيد “نحن على دراية بتحركات روسيا منذ فترة طويلة، وأتوقع أننا سنجري نقاشا طويلا مع بوتين”.
ولسوء حظ بايدن تتوالى الأنباء السيئة يوما بعد يوم في أزماته الداخلية، ففي يوم كان الإعلان عن انتشار متحور كورونا الجديد، وفي يوم آخر أتت أنباء عن مواصلة العصابات عمليات سلب ونهب لمحلات تجارية راقية.
وهناك أنباء بشأن تباطؤ نمو فرص العمل الشهر الماضي، واستمرار ارتفاع معدل التضخم، مما دعا بنك الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) إلى بحث إمكانية رفع أسعار الفائدة. ومن ناحية أخرى وبالنسبة إلى السياسة الخارجية يهدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا، والرئيس الصيني شي جين بينج تايوان.
ويقول الكاتب الأميركي جاكوب هيلبرون إن بايدن ليس أول رئيس أميركي يواجه مشكلات صعبة في عامه الأول. فالرئيس الأسبق جون كينيدي واجه العديد من الكوارث، بما في ذلك قمته في فيينا حيث أساء الرئيس السوفييتي الراحل نيكيتا خوروتشوف معاملته، وأيضا أزمة خليج الخنازير.
وواجه الرئيس الأسبق دونالد ريغان مشكلة كساد كبيرة. كما أن الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش واجه كارثة الحادي عشر من سبتمبر.
وتعتبر رئاسة بايدن تراكما لانتكاسات تركزت حول عدم قدرته على السيطرة على جائحة كورونا. ويشير المدافعون عنه إلى إلقاء السياسيين الجمهوريين اللوم على بايدن فيما يتعلق بالجائحة، بينما هم يضعون العراقيل أمامه ويجعلون من المستحيل مواجهة المشكلة.
وبالنسبة إلى هذه الأزمة فإن بايدن ليس سيد مصيره تماما وسوف يتعين عليه أن يأمل أن تؤدي الإجراءات الأخيرة التي اقترحها ، والتي تركز على تعزيز فحص كورونا، لاسيما بالنسبة إلى القادمين إلى أميركا من الخارج، إلى تخفيف حدة أزمة الجائحة.
ويؤكد هيلبورن أن الحظوظ الاقتصادية لبايدن مرتبطة ارتباطا مباشرا بالجائحة، فكلما طال أمد استمرارها، زاد خطر عرقلة التعافي الاقتصادي الوليد. ومن أهم الأمور زيادة فرص العمل. وقد أعلن بايدن انخفاض معدل البطالة إلى 4.2 وفي المئة لكن من الضروري أن يتم بأسرع ما يمكن تعويض 3.9 مليون فرصة عمل تم فقدانها أثناء عمليات الإغلاق بسبب الجائحة.
وقد نجح بايدن في وقف ارتفاع أسعار النفط بالتعهد بالإفراج عن 50 مليون برميل من النفط من الاحتياطي الاستراتيجي، بالتزامن مع خمس دول حليفة. وبالإضافة إلى ذلك، قررت منظمة أوبك زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا. وحتى الآن انخفض سعر النفط الخام بنسبة حوالي 20 في المئة.
وهناك مجال آخر يمكن لبايدن أن يأمل في أن يوفر له الدعم الانتخابي وهو الخلافات بين أعضاء مجلس النواب الأميركيين. فحتى الآن هناك خلافات بين هؤلاء الأعضاء بشأن الإسلام والإجهاض خاصة بين النائبة نانسي ميس والنائبة مارجوري تيلور جرين، حيث تبادلتا التعبيرات المسيئة، ويبدو أن ذلك يرجع إلى أن ميس تدعم وجود استثناءات في الإجهاض في حالات مثل الاغتصاب أو سفاح المحارم.
ويختتم هيلبورن تقريره بالقول إن بايدن لا يستطيع إلى حد كبير حتى الآن تحديد اتجاه رئاسته. فالأحداث هي التي تتحكم في مصيره. وسوف يمثل العام المقبل نقطة مفصلية في رئاسة بايدن، فإذا استطاع التغلب على جائحة كورونا وإحياء الاقتصاد سوف تتحسن حظوظه مثل ريغان الذي واجه ركودا في فترة رئاسته الأولى، واستطاع أن يتغلب على البداية الصعبة ليخرج منتصرا في نهاية المطاف.