"جواز السفر اللقاحي".. هل يتيح العودة إلى أجواء "الحياة الطبيعية"

في حين تبقى جرعات اللقاحات المتاحة قليلة في العالم، سيكون فرض شهادة تلقيح عاملا تمييزيا لكل الذين لا يمكنهم الوصول إلى اللقاح.
الأربعاء 2021/02/10
المزيد من التدابير الاحترازية

باريس - فكرة اعتماد "جواز سفر لقاحي" تظهر مجددا حيث تطالب به الأوساط الاقتصادية وينتقده البعض على أنه انتهاك للحريات، في حين يعتبره الكثير من العلماء سابقا لأوانه نظرا إلى المعلومات المتوافرة حتى الآن بشأن اللقاحات المضادة لكوفيد ـ 19.

وفكرة اشتراط التلقيح لدخول أشخاص إلى بعض البلدان أو بعض الأماكن، لا تقتصر على كوفيد – 19، فالكثير من الدول تشترط الحصول على لقاح الحمى الصفراء لدخول أراضيها، إما للوافدين كافة مثل ما يحصل في غويانا الفرنسية، أو للآتين من دول أفريقيا وأميركا الجنوبية حيث يستوطن هذا المرض.

وتصدر مراكز التلقيح شهادات تسمى رسميا "شهادة دولية للتلقيح والطب الوقائي"، وهي دفتر أصفر تعترف به منظمة الصحة العالمية.

وقال أنطوان فلاو، أستاذ علم الأوبئة في جامعة جنيف، قبل فترة قصيرة "قد تتخذ الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية قرارا لكي يذكر اللقاح ضد فايروس كورونا في دفتر التلقيح الدولي. (..) هذه الأداة موجودة".

ويقارن البعض أيضا مع إلزامية حصول الأطفال على عدد من اللقاحات من أجل دخول المدرسة في بعض الدول.

ويقول فريديدريك أدني، أستاذ طب الطوارئ في جامعة سوربون في باريس، إن الجواز اللقاحي "موجود أصلا ويسمى دفتر الصحة. فثمة 11 لقاحا إلزاميا في فرنسا تسمح بتلقي الدروس في المدرسة".

أما في دول أخرى مثل سويسرا فتسجل بيانات التلقيح على سجل إلكتروني يشكل شهادة في تلقي اللقاحات.

وكان رئيس مجلس إدارة شركة "كوانتاس" الأسترالية للطيران أول من تحدث في نوفمبر عن ضرورة أن يتلقى المسافرون الدوليون اللقاح المضاد لكوفيد - 19 للصعود إلى الطائرة.

وقامت شركات ومسؤولون حكوميون بتصريحات مماثلة منذ ذلك الحين، مشددين على أن هذه الشهادة تسمح بتجنب إجراءات الحجر عند دخول بلد ما.

وستختبر شركتا "طيران الإمارات" و"الاتحاد" للطيران قريبا تصريح سفر وضعته الجمعية الدولية للنقل الجوي، معروف باسم "أياتا ترافل باس"، وهو تطبيق يسمح للركاب "بالتحقق قبل سفرهم من أن فحصهم أو لقاحهم يلبي شروط البلد الذي يتوجهون إليه".

لقاح إلزامي؟
لقاح إلزامي؟

ويرى مؤيدو الجواز اللقاحي، وهم كثر في قطاعي السياحة والترفيه، أنه وسيلة "للعودة إلى الحياة ما قبل" كوفيد - 19، إذ يسمح بالدخول بأمان إلى المسارح والمطاعم وملاعب كرة القدم.

ومن بين المدافعين القلائل عنه في الأوساط الطبية البروفيسور أدني الذي يعتبره شهادة "تحترم المعايير الأخلاقية في حال تبين أن اللقاح فعال"، لأنه "يسمح بالعودة إلى المزيد من الحرية وإلى الحياة الاجتماعية وحماية المسنين"، إلا أن منتقدي هذه الشهادة يعتبرون أن هذه الوثيقة تشكل انتهاكا للحريات الفردية.

ويرى المدير العام لمطارات باريس أوغستان دو رومانيه أن "اعتماد نظام يمنع دخول الشخص إلى خبّاز الحي بحجة أنه لم يتلق اللقاح"، يفرض أجواء شبيهة بكتب جورج أورويل مع أنه يؤيد "إجراءات تحد من شلل الاقتصاد قدر الإمكان".

وقد أثار مشروع قانون كان ينص على منع الوصول إلى بعض الأماكن في حال عدم الحصول على اللقاح، جدلا واسعا في فرنسا، ما يظهر أن قبول إجراء كهذا يطرح مشكلة.

وتشير نتائج استطلاعات عدة للرأي إلى أن غالبية السكان تؤيد ذلك لاستقلال الطائرة أو للزيارات إلى المستشفيات أو دار العجزة، لكن الآراء منقسمة على صعيد أمور الحياة اليومية مثل النقل المشترك أو المدارس أو دور السينما أو أماكن العمل.

ويحذر البعض أيضا من خطر ظهور سوق سوداء كما الحال مع شهادات فحوص "بي.سي.آر" سلبية النتيجة.

ويشمل التحفظ خصوصا الفارق الحاصل بين الوعد الذي توفره هذه الوثيقة بالتنقل من دون خطر نشر الوباء، والحماية الفعلية التي يوفرها اللقاح.

فاللقاحات التي تعطى منذ ديسمبر تحول بفاعلية دون الإصابة بمرض كوفيد – 19، لكن ينبغي إجراء دراسات إضافية لمعرفة إن كانت تسمح بتجنب الإصابة بالفايروس ونقل عدواه إلى الآخرين.

كذلك، لا تتوافر معلومات بعد حول مدة المناعة التي توفرها هذه اللقاحات.

خبراء: هناك انعدام مساواة ما لم توفر اللقاحات لكل فئات الشعب
خبراء: هناك انعدام مساواة ما لم توفر اللقاحات لكل فئات الشعب

وبسبب "عدم اليقين الكبير هذا"، أعرب خبراء لجنة الطوارئ في منظمة الصحة العالمية في منتصف يناير عن معارضتهم "في الوقت الراهن"، اشتراط أن يكون الشخص تلقى اللقاح للدخول إلى بلد ما.

وتتعزز هذه الشكوك مع ظهور متحورات فايروس كورونا، قد تكون فعالية اللقاحات الراهنة حيالها أقل.

في حين تبقى جرعات اللقاحات المتاحة قليلة في العالم، سيكون فرض شهادة تلقيح عاملا تمييزيا لكل الذين لا يمكنهم الوصول إلى اللقاح.

وقال عالم المناعة الفرنسي ألان فيشر مستشار الحكومة الفرنسية، إنه على صعيد الاستراتيجية اللقاحية "سيكون هناك انعدام مساواة ما لم توفر اللقاحات لكل فئات الشعب".

وقد أُعطيت حتى الآن 135.5 مليون جرعة لقاح مضاد لكوفيد – 19 في ما لا يقل عن 90 بلدا وإقليما، بعد شهرين على مباشرة حملات التلقيح واسعة النطاق في تعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر رسمية.