"جلسة تحت النجوم".. تجربة فريدة في محمية الغراميل بالعُلا

محمية الغراميل التي تقع على بعد 60 كيلومترا من محافظة العُلا، تتميز بصفاء سمائها الساحرة، وتضاريسها الصخرية النادرة.
الثلاثاء 2024/08/06
النجوم تضيء أسرار الليل

تقدم رحلة في الليالي المظلمة تجربة فريدة وممتعة وفرصة للاستمتاع بسحر الكون واستكشاف عجائب السماء ليلا. وتزداد هذه الرحلة سحرا وسط التضاريس الصحراوية المذهلة والتكوينات الصخرية الشامخة، حيث بإمكان زوار محمية الغراميل التابعة لمحافظة العُلا في السعودية أن يعيشوا أجواءها.

العلا (السعودية) - وسط التضاريس الصحراوية المذهلة، والتكوينات الصخرية الشامخة، يعيش زوار محمية الغراميل التابعة لمحافظة العُلا، تجربة مثالية وفريدة من نوعها بالجلوس تحت السماء المرصّعة بالملايين من النجوم، ومشاهدة مجرة درب التبانة، بعيداً عن ضجيج المدينة والاندماج مع الأجواء الليلة المعتدلة.

ولا تقتصر مراقبة السماء ليلاً على مشاهدة النجوم المتلألئة فيها فقط، بل يمكن مشاهدة القمر باختلاف مراحله خلال الشهر، ويمكن من يحالفه الحظ ويرى شهاباً يسقط إلى الأرض أو ملاحظة الكويكبات التي تكون عبارة عن مجموعات النجوم مجتمعة في السماء وتتخذ من نفسها شكلاً مميزاً، ولكن يجب علينا اختيار الوقت المناسب لذلك بأن تكون السماء صافية وتخلو من الغيوم والسحب، فكل ذلك  يمكن أن نشاهده من خلال مراقبة السماء في الأماكن المظلمة.

وتلتقط عدسة وكالة الأنباء السعودية مجموعة من الصور للطبيعة وتكوينات الغراميل الصخرية ذات الأحجام المتنوعة والأعداد الكثيرة، التي تشكلت نتيجة عوامل التعرية من فروقات حرارية ورياح وأمطار نحتتها منذ آلاف السنين.

وتتميز محمية الغراميل التي تقع على بعد 60 كيلومترا من محافظة العُلا، بصفاء سمائها الساحرة، وتضاريسها الصخرية النادرة، حيث تتنوع فيها الأشجار الصحراوية، إضافة إلى الحيوانات التي أطلقها المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية بالتعاون مع الهيئة الملكية لمحافظة العُلا في وقت سابق ومن أبرزها المها الوضيحي، وظباء الريم، بهدف إعادة توطين الأنواع المحلية المهددة بالانقراض، واستعادة التنوع الأحيائي، وتعزيز التوازن البيئي.

حح

وكشفت دراسة استكشافية حديثة ارتباط الآثار التاريخية في محافظة العلا وحضاراتها القديمة بالفضاء، حيث مثّل اتساع أرضها وسمائها المرصعة بالنجوم مسرحاً متناغماً للترابط بين الإنسان عبر مختلف الحضارات وحتى اليوم مع النجوم والفلك.

وتتيح المواقع الأثرية في العلا فرصاً للتعرف على أهمية علم الفلك في شمال غرب الجزيرة العربية من خلال قصص وحكايات الحضارات القديمة مع الفضاء الرّحب التي يرويها المرشدون، كذلك استخدام الرحّالة والقوافل التجارية، النجوم والكواكب لتحديد الاتجاهات والسفر في الصحراء على مرّ السنين.

وأجرى فريق من ادالمتخصصين بمشروع علم الفلك الأثري دراسة في واحة العلا، بهدف تجربة طرق جديدة ومناهج مختلفة لتفسير المواقع الأثرية بالمحافظة، ومحاولة معرفة أسباب اختيار الحضارات القديمة لها، وفهم تصور مجتمعاتها عن السماء، وأثر ذلك على ثقافتهم ونظرتهم للعالم.

وأوضحت مديرة المسوحات الأثرية بالهيئة الملكية لمحافظة العلا منيرة المشوح أن المشروع يمثل نقطة البداية للشراكات العلمية المنهجية لدراسة مدينة الحجر الأثرية، وكذلك دادان من منظور علم الفلك الأثري، مضيفة أنه سيتم تحليل واجهات المقابر، والنقوش التي تشير إلى تواريخ يمكن من خلالها دراسة التقويم القديم، والأنماط الزخرفية للمقابر ودلالات رموزها، ومقارنة ذلك مع المواقع النبطية الأخرى ذات الصلة.

اا

وأشار الدكتور بمعهد الفيزياء الفلكية في إسبانيا خوان أنطونيو بيلمونتي، إلى وجود علاقة وثيقة بين الأرض والسماء، وفقاً للانطباعات الأولى من عينة البيانات المأخوذة من مئة مقبرة نبطية ذات واجهات ضخمة.

كما أوضح الدكتور بمعهد علوم التراث الإسباني سيزار غونزاليس، أن الواجهات الحجرية في مدينة الحجر، بما في ذلك جبل إثلب، توفر انعكاساً جاذباً للمناظر الطبيعية في أماكن كانت تستخدم للطقوس الدينية والمخصصة للآلهة النبطية الرئيسية. وسيجري الباحثون خلال الأشهر المقبلة دراسات تحليلية وإحصائية للبيانات للكشف عن العلاقة القائمة بين الممالك العربية الشمالية القديمة والكون.

وتعكس بعض الدراسات التاريخية ترابطا وثيقا بين الأفلاك والنجوم في حضارة الأنباط، وهو ما تجسّد عبر المنحوتات التي تعلو مقابر بناها الأنباط في مواقع تواجدهم وصلتها بتفاصيل عن الزمن، ومع فترات مختلفة تعزز الترابط المكاني والحاجات البشرية ومن ذلك فترات الزراعة.

ويتعزز ارتباط العلا بالفضاء من خلال إعلان الهيئة الملكية لمحافظة العلا توقيع اتفاقية مطلع مارس الماضي لإطلاق مرصد “منارة العلا” للاكتشافات العلمية والأبحاث المبتكرة، الذي يستهدف أن تكون العلا وجهة عالمية رائدة في علوم الفضاء ومراقبة النجوم التي تلعب دوراً كبيراً في تحويل المحافظة إلى أكبر متحف مفتوح في العالم، وكذلك دعم تطوير الاقتصاد المعرفي الذي من شأنه تمكين أهالي المحافظة وجذب الاستثمارات العالمية.

بب

18