جلد الإنسان سطح مثالي لفايروس كورونا المستجد

المواد المطهرة تحتوي على محلول كحولي عالي النسبة والذي يقتل الفايروسات بطريقة مماثلة لكن يظل الصابون أفضل وسيلة للحماية.
الخميس 2020/03/19
النظافة تنقذ حياتك

في غياب دواء يشفي من فايروس كورونا المستجد تظل التدابير الوقائية الحل الأمثل للتقليص من احتمالات الإصابة بالوباء، وكشفت دراسة أميركية أن الفايروس يعيش على بعض الأسطح لأيام ولذلك توصي بتوخي الحذر عند الاحتكاك بالناس وعند ملامسة الأسطح بأنواعها، ولئن تعتبر المطهرات التي تحتوي على الكحول فعالة لتفادي الإصابة فإن الصابون يظل المطهر الأكثر فعالية لقتله عندما يتواجد على جلدك، بحسب دراسة جديدة.

واشنطن- يستطيع فايروس كورونا المستجد أن يعيش لساعات خارج جسم الإنسان على أسطح مختلفة أو حتى في الهواء، وفق ما أظهرت دراسة جديدة نشرت مؤخرا.

ووجد معدو هذه الدراسة الممولة من الحكومة الأميركية أن الفايروس المسبب لوباء كوفيد19- يتمتع بقابلية البقاء في الهواء الطلق مقارنة بفايروس سارس (المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة). ويعني ذلك أن مدى انتشار وباء كوفيد19- (أكبر بكثير من سارس الذي تفشى في 2002 /2003) وهو مرتبط بكونه ينتقل بسهولة أكبر من حامل المرض الذي لا تظهر عليه أعراض إلى شخص آخر.

ونشرت الدراسة الجديدة في مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن” وأجراها علماء من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (سي.دي.سي) وجامعتي كاليفورنيا في لوس أنجلس وبرينستون.

وأظهرت التجارب التي قاموا بها أنه يمكن رصد فايروس كورونا المستجد لمدة تصل من يومين إلى ثلاثة أيام على الأسطح البلاستيكية أو الفولاذ المقاوم للصدأ، وما يصل إلى 24 ساعة على الورق المقوى. واستخدم الباحثون أيضا البخاخات لنشر الفايروس في الهواء، واكتشفوا من خلال هذه التقنية أن آثارا للفايروس على شكل هباء، أي جزيئات معلقة في الهواء، بقيت في الأجواء لمدة ثلاث ساعات.

وواجهت هذه الدراسة انتقادات بحيث يرى الخبراء أن استخدام البخاخات لا يحاكي سعال المريض بشكل فعال كما أنه يزيد خطر التلوث المحمول جوا اصطناعيا. وينتقل الفايروس بشكل رئيسي عن طريق قطرات صغيرة يخرجها المرضى عندما يسعلون أو يعطسون، وفي هذه الحال يكون قابلا للحياة لبضع ثوان فقط.

وقد أجرى الفريق المسؤول عن الدراسة الحالية اختبارات مماثلة على فايروس سارس ووجد أن الفايروسين متشابهان في هذه النقطة.

الصابون يقوم بإذابة غشاء الدهون ويسقط الفايروس ويموت
الصابون يقوم بإذابة غشاء الدهون ويسقط الفايروس ويموت

ولا يفسر هذا سبب إصابة كوفيد-19 نحو 200 ألف شخص مع 8 آلاف حالة وفاة تقريبا، بينما أصاب سارس 8 آلاف شخص فقط وقتل 800 مريض.

ويقول معدو الدراسة إن الاختلافات بين الوبائين “قد تكون ناجمة عن عوامل أخرى مثل الحمل الفايروسي العالي في الجهاز التنفسي العلوي” وقدرة المرضى الذين لا يعانون من أعراض على نقل فايروس كورونا المستجد.

ومع تفشي كورونا حول العالم، أسدت السلطات الصحية في كل بلد مواطنيها نصيحة بسيطة وهي “غسل اليدين”، ما يعني أن مجرد الاستعانة بالصابون يضمن الحصول على وسيلة حماية من الفايروس، وذلك قبل وجود دواء لقتله.

لكن ما هوس قوة الصابون وفاعليته في التخلص من معظم الفايروسات؟ يقول الأستاذ والباحث في الكيمياء في جامعة سيدني، بول ثوردسون، لصحيفة “ذي غارديان” البريطانية عن دراسة جديدة، إن الفايروس عبارة عن جسيمات صغيرة جدا مجمعة ذاتيا والطبقة الدهنية هي أضعف رابط، ويقوم الصابون بدوره بإذابة غشاء الدهون ويسقط الفايروس ويموت، أو بالأحرى “يجب أن نقول إنه يصبح غير نشط لأن الفايروسات ليست حية، حقا”.

ويوضح ثوردسون “إن معظم الفايروسات تتكون من 3 وحدات بناء رئيسية، وهي: حمض الريبونوكليك (حمض نووي يحتوي على الريبوز وكل القواعد النيتروجينية ما عدا الثايمن) والبروتينات والدهون، وتصنع الخلية المصابة بالفايروس الكثير من وحدات البناء، ثم تتجمع ذاتيا وتلقائيا لتكوين الفايروس. وعندما تموت الخلية المصابة، تهرب هذه الفايروسات الجديدة وتستمر في إصابة الخلايا الأخرى، وينتهي الأمر ببعضها أيضا في القصبة الهوائية للرئتين”.

يمكن رصد فايروس كورونا المستجد لمدة تصل من يومين إلى ثلاثة أيام على الأسطح البلاستيكية أو الفولاذ المقاوم للصدأ، وما يصل إلى 24 ساعة على الورق المقوى

ويؤكد الباحث “عند السعال أو خاصة عند العطس، يمكن أن يطير رذاذ صغير من القصبة الهوائية على بعد 10 أمتار، وتسقط هذه القطرات على الأسطح وتجف غالبا بسرعة، لكن تبقى الفايروسات نشطة، ويعتبر جلد الإنسان سطحا مثاليا للفايروس، إذ تتفاعل البروتينات والأحماض الدهنية في الخلايا الميتة معه”.

ويضيف ثوردسون “عندما تلمس سطحا صلبا عليه جزيء فايروس، فإنه يلتصق بجلدك ومن ثم ينتقل إلى يديك، وإذا لمست بعد ذلك وجهك وخاصة عينيك ستصاب بالعدوى”.

ويتابع أنه “يمكنك الغسل بالماء وحده، لكنه ليس كافيا.. فالماء والصابون مختلفان تماما، إذ يحتوي الصابون على مواد شبيهة بالدهون، وبعضها يشبه إلى حد كبير، من الناحية الهيكلية، الدهون الموجودة في غشاء الفايروس، وتتنافس جزيئات الصابون مع الدهون في غشاء الفايروس، وهذه تعتبر طريقة أخرى يزيل بها الصابون الأوساخ الطبيعية من الجلد”.

ويشير بول ثوردسون إلى أن المواد المطهرة تحتوي على محلول كحولي عالي النسبة (يصل عادة إلى 80/ 90 في المئة من الإيثانول)، والذي يقتل الفايروسات بطريقة مماثلة، لكن الصابون أفضل لأنك تحتاج إلى كمية صغيرة منه مع الماء وعند فرك اليدين فقد يغطي يدك بالكامل بسهولة ويعقمها من كل الفايروسات.

17