جدل في العراق بعد تحميل برلماني المالكي مسؤولية مجزرة سبايكر

البرلماني علي تركي الجمالي ينسحب من كتلة صادقون ومن الإطار التنسيقي بعد تبرأ عصائب أهل الحق من تصريحات هاجم فيها زعيم ائتلاف "دولة القانون".
السبت 2023/06/24
علي تركي الجمالي يعتبر رئاسة المالكي تسببت بسقوط ثلث العراق بيد داعش

بغداد – أثار انسحاب البرلماني العراقي علي تركي الجمالي عن كتلة صادقون -الجناح السياسي لحركة عصائب أهل الحق- ومن الإطار التنسيقي عقب تصريحات أثارت جدلا واسعا، بعد تحميله رئيس الوزراء الأسبق زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، مسؤولية مجزرة سبايكر.

وارتكب تنظيم داعش مجزرة بحق المئات من طلبة الكلية العسكرية المعروفة باسم سبايكر بمحافظة صلاح الدين في يونيو 2014 عندما اجتاح التنظيم شمالي العراق وغربه بدءا بمدينة الموصل التي دخلها بعد انهيار غريب وغير متوقّع للقوات العراقية التي كانت تفوق بعشرات المرّات مقاتلي داعش عدّة وعتادا.

وبمناسبة مرور الذكرى التاسعة للمجزرة، وتصاعد المطالبات بمحاسبة المسؤولين عنها، اعتبر النائب الجمالي في تصريحات متلفزة الجمعة أن زعيم ائتلاف دولة القانون تسبب بسقوط "ثلث العراق" بيد داعش وأنه يمثل مرحلة من الفساد.   

وعلى إثر تصريحات الجمالي شهدت مواقع التواصل الاجتماعي ردود فعل متبادلة بين جمهوري الطرفين وكذلك بين النائب نفسه وأحد أعضاء ائتلاف "دولة القانون" الذي دافع عن زعيمه نوري المالكي.

ودعا عضو ائتلاف "دولة القانون" ياسر صخيل، وهو صهر المالكي، أنصار ائتلافه إلى التهدئة، منتقدا في تغريدة له، مساء الجمعة، ما أسماها بـ"التصريحات والإثارات الإعلامية ممن نحسن الظن بهم ولا نعرف أهدافهم".

وأعلنت كتلة صادقون النيابية، الجناح السياسي لحركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، براءتها من تصريحات الجمالي، وقالت في بيان صدر مساء الجمعة "نرفض تصريحات كهذه وما حصل من ردود أفعال، ونؤكد على ضرورة الالتزام بمضامين الخطاب الإعلامي الوحدوي البناء والصادق الذي نحترم فيه المواقف التي قدمها شركاؤنا في الدين والوطن"، مؤكدة التزامها بـ"اتخاذ الإجراء اللازم بحق المخالفين، وإيقاف التصرفات غير المسؤولة".

وبعد تبرؤ الكتلة من تصريحاته أعلن الجمالي انسحابه من كتلة صادقون النيابية والإطار التنسيقي، رافضا اتهامه بالبعثية (حزب البعث) مشيرا إلى تحمله مسؤولية كل تصريحاته ومواقفه السياسية، مشددا على أنه سيبقى متابعاً لفساد الحكومات وبالأدلة وإحالتها للمحاكم المختصة.

وقال الجمالي في بيان نشره عبر حسابه على تويتر "في بلد ديمقراطي، وضمن انتقاد هو من صميم عملي كعضو في لجنة النزاهة البرلمانية، ترتفع اليوم أصوات التَّخوين لمجرد آراء طرحتها ضمن الواقع والقانون، لتتهجم علينا بأبشع النعوت من قبل كتلة دولة القانون ونوابها".

 وأكّد أنه "بوجود دولة كانت تدير البلد (وقت وقوع المجزرة) يجب أن تتحمل المسؤولية، وخصوصاً القائد العام للقوات المسلحة (نوري المالكي)"، مضيفاً "لرفع الحرج عن كل الأطراف في هذه المرحلة، أعلن انسحابي من كتلة الصادقون وتحالف الإطار، وأعلن نفسي نائباً أتحمل كل تصريحاتي ومواقفي السياسية والإعلامية"، متوعداً بـ"متابعة فساد الحكومات وبالأدلة وإحالتها للمحاكم المختصة".

وتنظر شرائح واسعة من العراقيين إلى المالكي كمسؤول أوّل عن غزو داعش للعراق سواء بفساد إدارته وفشله في تسيير شؤون الدولة وإضعافه مؤسساتها بما في ذلك مؤسستها العسكرية، أو بطائفيته التي فككت النسيج الاجتماعي بالبلد، وصعّدت مشاعر الكراهية ونوازع التطرّف والإرهاب.

وما تزال ورقة مجزرة سبايكر قابلة للتوظيف السياسي من قبل خصوم المالكي ومنافسيه، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات مجالس المحافظات التي تقرر إجراؤها في ديسمبر القادم، بعد جدل طويل بشأن فرضية تأجيلها إلى العام المقبل.

وتأتي تصريحات الجمالي مع ظهور بوادر انشقاقات داخل الإطار التنسيقي، حيث يدور الخلاف حول توجه فصائل مسلحة لتحييد حركة عصائب أهل الحق والتي طغى حضورها في المشهد السياسي في الفترة الأخيرة حتى بالنسبة إلى منظمة بدر التي يترأسها زعيم تحالف الفتح هادي العامري.

ونقلت وكالة شفق نيوز العراقية عن مصدر سياسي قوله الأربعاء إن "مقترحا تمت مناقشته خلال الأيام الماضية بإعادة إحياء تحالف الفتح لخوض الانتخابات المحلية، مع انضمام تحالف عطاء بزعامة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض".

وأضاف المصدر أن المقترح تضمن إبعاد حركة عصائب أهل الحق، والدفع بمشاركتها بقائمة منفردة، في ظل مخاوف من استفادة العصائب من وجودها في التحالف وحصد غالبية المقاعد المحلية.

وأشار المصدر إلى أن الفصائل المعنية وبينها كتلة سند التي يرأسها أحمد الأسدي، وعطاء أبدت انفتاحا على هذا الاقتراح، لكن لم يتم بعد الحسم فيه، وأن النقاشات مستمرة بشأنه.

وتقام الانتخابات المحلية كل عشر سنوات وتشمل 15 محافظة، باستثناء إقليم كردستان الذي يحظى بحكم ذاتي. وكان تم حل المجالس السابقة في خريف 2019 على خلفية احتجاجات شعبية غير مسبوقة شهدتها البلاد، وكان من مطالب المحتجين حل هذه المجالس التي اتهموها بالفساد.

وتلعب مجالس المحافظات دورا كبيرا في تشكيل الحكومات المحلية، وهي التي تتولى اختيار المحافظ ونائبيه وإعداد موازنة المحافظة في ضوء ما تخصّصه الحكومة المركزية لها من اعتمادات مالية، ولتلك المجالس الحق في إقالة المحافظين ورؤساء الدوائر، ويجري اختيار تلك المجالس بناء على حجم التركيبة السكانية لكل محافظة.

ويقول مراقبون إن جميع المؤشرات توحي بأن الانتخابات المحلية المقبلة ستكون بنفس سخونة الانتخابات التشريعية السابقة، وإنها قد تؤدي إلى تفكيك التحالفات القائمة، وإعادة صياغة مشهد سياسي جديد.

وكشف ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، عن وجود خلافات داخل الإطار بشأن التحالفات السياسية المرتقبة لخوض انتخابات مجالس المحافظات. وقال القيادي في الائتلاف عقيل الرديني في وقت سابق إن الإطار التنسيقي ليس كتلة سياسية واحدة، وليس له أي نظام داخلي موحد.

وأوضح أن "قانون الانتخابات الجديد؛ (سانت ليغو)، يخدم تحالفات القوى السياسية الكبيرة، لكن هناك قوى داخل الإطار لديها الرغبة بالنزول للانتخابات بشكلٍ منفرد، وهناك رأي بأن يكون تحالفًا سياسيًا يجمع كل قوى الإطار التنسّيقي، وهناك رأي ثالث بأن تكون القوى ممثلة بأكثر من تحالف". وأضاف الرديني أن هناك اختلافا كبيرا في وجهات النظر، وربما في المرحلة المقبلة سيتم حسّم هذا الملف.

وتشكل الإطار التنسيقي عقب الانتخابات التشريعية وضم العديد من القوى الشيعية والميليشيات الموالية لإيران، وبدا أن الهدف من تشكيل هذا التحالف هو التصدي لطموحات التيار الصدري الذي كان راغبا في احتكار العملية السياسية قبل أن يضطر إلى الانسحاب من المشهد، وترك الساحة لقادة الإطار ولاسيما لخصمه اللدود المالكي.