جدة التاريخية تجدد بريقها السياحي بسباق الفورمولا

يتيح سباق الفورمولا 1 للزوار فرصة استكشاف المنطقة التاريخية "البلد" في مدينة جدة السعودية المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، أو الاستمتاع بجمال البحر الأحمر على ممشى الكورنيش، في حين تقدم المراكز التجارية الكبرى وجهات تسوق وترفيه متكاملة.
جدة (السعودية) - عندما استضافت مدينة جدة السعودية نجم سباقات الفورمولا 1 للسيارات لويس هاميلتون والمغنية الأميركية جنيفر لوبيز هذا الشهر، بمناسبة سباق جائزة السعودية الكبرى في بطولة العالم لسباقات الفورمولا 1، اكتشف الزوار وجهة سياحية جذابة لم تحظَ بما يكفي من الاهتمام الإعلامي، وهي جدة التاريخية أو “جدة البلد”.
وتُعرف جدة، الواقعة على سواحل البحر الأحمر، كمركز تجاري رئيسي للمملكة في العصر الحديث، إلا أن هجرة طبقة التجار أثّرت على تركيز الاهتمام بعيدًا عن المنطقة التاريخية. ولكن، في إطار خطة المملكة الطموحة (رؤية 2030) لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، تم تضمين تنشيط القطاع الثقافي كجزء من هذه الرؤية لجذب العائدات السياحية.
وعندما وصل الزوار إلى جدة لحضور سباق الفورمولا 1، أعجبوا بالهدوء الذي يميز المنطقة التاريخية، التي خضعت لمشروع شامل لترميم وتجديد مبانيها. وقال سامي نوار، مدير منطقة جدة التاريخية، “نعم، لدينا أعداد كبيرة من الزوار، والسعودية أصبحت الآن وجهة سياحية مفتوحة. كما ذكرتُ سابقًا، المملكة تمتلك تراثًا معماريًا متنوعًا وثريًا.”
وتتميز “جدة البلد” بطابع معماري يعود إلى قرون مضت، حيث المباني الخشبية ذات الطراز العربي بألوانها البنية والزرقاء، التي تعكس موقع المدينة بين رمال الصحراء العربية والبحر. وقالت روسيلا، الزائرة من ميلانو الإيطالية، “جئتُ إلى السعودية لحضور سباق الفورمولا 1. أمضينا يومين في الحلبة، واليوم وصلنا إلى جدة التاريخية، وهي مدينة رائعة الجمال بألوانها الدافئة والترابية. الجو حار جدًا، لكننا متشوقون لاكتشاف المزيد عن تاريخ المدينة، فهناك الكثير لنراه، لكنها جميلة جدًا.”
وتم إدراج “جدة البلد” على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 2014. ومنذ ذلك الحين، تسارعت الحكومة في تنفيذ خطط ترميم نحو 650 مبنى، مع إحياء القطاع التجاري في المنطقة.
ووُلد فضل زاهر، البالغ من العمر 57 عامًا، في “جدة البلد”، حيث يعمل في تقديم مشروبات القهوة. وقال زاهر “السياح، الزوار، والناس يزورون منطقة البلد بكثرة، والحمد لله. ورغم أن الصيف في ذروته، فإن هناك انتعاشًا ملحوظًا.” وأضاف “البلد تشهد تطورًا عظيمًا منذ تولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المسؤولية. الآن، يتم تجهيز المباني، وقد تسلمتها الدولة بالتعاون مع اليونسكو.”
ووصفت اليونسكو جدة التاريخية بأنها “المجموعة الحضرية الوحيدة الباقية على ساحل البحر الأحمر،” حيث تقع المنازل ذات الأبراج الحجرية المرجانية، المزخرفة بشرفات الروشان الخشبية، إلى جانب المساجد التي تعود إلى بدايات العصر الإسلامي، عندما أعلن الخليفة الثالث عثمان بن عفان المدينة ميناءً رسميًا لمكة المكرمة.
وأبدى نجوم سباقات الفورمولا 1 إعجابهم الكبير بحلبة كورنيش جدة، التي تُعد أسرع حلبة شوارع في العالم. ووصف بطل العالم الهولندي ماكس فيرستابن، سائق فريق ريد بول والفائز مرتين في جدة في عامي 2022 و2024، الحلبة بأنها “رائعة”، مشيرًا إلى سرعتها العالية ومنعطفاتها المثيرة. أما البريطاني لويس هاميلتون، بطل العالم سبع مرات والفائز بأول نسخة من السباق في جدة عام 2021، فقال “هي بلا شك حلبة سريعة ومذهلة، وإذا تمكّن المتسابق من إيجاد الإيقاع الصحيح، تصبح واحدة من أفضل الحلبات المفضلة له في القيادة.”
من جانبه، قال زميله في فريق فيراري، الشاب تشارلز لوكلير، من موناكو “أحب هذه الحلبة، فهي حلبة شوارع سريعة، مليئة بالتحديات والمنعطفات الحادة. ولا شك أن الإيقاع المناسب في هذه الحلبة هو سر التفوق فيها، حيث يتعين على المتسابق التوصل إلى التوقيت المثالي في كل منعطف لتحقيق أفضل أداء.”
واتفق الإسباني كارلوس ساينز، سائق فريق وليامز، مع لوكلير وأضاف “إنها حلبة غير عادية بخصائصها الفريدة، وتحتاج إلى توازن دقيق لتحقيق الأداء المثالي، بالإضافة إلى ضرورة التركيز الشديد في كل مسار لتحقيق أهداف المتسابق.”
وأعرب البريطاني جورج راسل من فريق مرسيدس عن سعادته بعودته إلى الحلبة قائلاً “إنه لأمر ممتع جدًا العودة إلى هذه الحلبة الاستثنائية، فهي تجمع بين السرعة العالية والتجربة الممتعة لكل من يشارك فيها.”
واختتم زوار الفورمولا 1 رحلتهم في جدة بذكريات استثنائية، محمّلين بالإعجاب بما شاهدوه من تطور حضاري وتنظيم رفيع المستوى، مؤكدين أن المدينة قدّمت تجربة عالمية بمعايير سعودية، جمعت بين جمال المكان وتفرد الحدث وروعة الضيافة وثراء التجربة.