جبل صبر.. متنفّس لسكان تعز المنهكين

تعز (اليمن) – يلجأ اليمنيون إلى المناطق الطبيعية الخلابة هربا من ضجيج المدن التي أنهكتها الحرب وتخفيفا من ضغوط الحياة اليومية، التي يزيد من حدتها المناخ القاسي ودرجات الحرارة المرتفعة.
ويعد جبل "صبر" المطل على مدينة تعز جنوب غربي اليمن، المدينة التي يحاصرها الحوثيون، واحدا من أهم الأماكن السياحية في البلاد التي تعاني من حرب مستمرة منذ 7 سنوات.
وبات هذا الجبل متنفسا فريدا يلجأ إليه السكان هربا من صخب المدينة وضجيجها، وبحثا عن الهدوء والهواء النقي.
ويعتبر جبل صبر ثاني أعلى الجبال في اليمن والجزيرة العربية، بعد جبل "النبي شعيب" بمحافظة عمران شمالي البلاد، إذ يبلغ ارتفاعه 3070 مترا عن سطح البحر، فيما يبلغ ارتفاعه من مدينة تعز إلى قمته في حصن العروس 1500 متر.
وحاز الجبل على مر التاريخ على قلوب اليمنيين، إذ تغنى به مطربون وأفردوا له مساحات غنائية، وتغزل فيه شعراء من محافظات عدة.
ويحرص اليمنيون على الصعود إلى جبل صبر للنزهة، حيث تتوافر استراحات مغلقة عبارة عن غرف صغيرة مطلة على المدينة، أو استراحات أخرى مكشوفة على الهواء الطلق.
وفي هذه الاستراحات يقضي الزائرون ساعات طويلة، والكثير منهم يمضغون القات، وهو نبات منشّط يحرص عليه معظم اليمنيين، ويتناولونه لساعات يوميا.
ويقول المواطن حسام أحمد إنه "بسبب انعدام المتنزهات بمدينة تعز، خصوصا في ظل استمرار الحرب والحصار المفروض على المدينة، بات الكثيرون يتخذون جبل صبر متنفسا لهم للاستراحة".
ويضيف "خرجت مع عائلتي إلى جبل صبر للتنزه واستنشاق هواء نقي، ولكي نخفف عنا الضغوط".
ويتابع "لم نعد نمتلك في تعز سوى هذه المساحات في جبل صبر التي ليست متنزها كما هو متعارف عليه، لكنها منطقة مفتوحة نخرج إليها مع عائلاتنا للجلوس والراحة".
ويردف "نحتاج أيضا إلى متنزهات في مدينة تعز، مثل الحدائق والأماكن المفتوحة للترويح عن المواطنين".
وتعد تعز أكبر المحافظات اليمنية سكانا، لكنها تعاني كثيرا من ارتفاع نسبة الفقر وغلاء المعيشة، إضافة إلى افتقارها لمتنزهات، ما يجعل السكان يذهبون إلى بعض الجبال أو المزارع للتنزه.
ويقول عبدالله العماري، وهو أحد سكان قمة جبل صبر، إن الجبل "يتميز بارتفاعه الكبير على مستوى سطح الأرض واعتدال الطقس فيه".
ويضيف العماري، الذي يعمل معلما في إحدى المدارس، أن "الجبل يُعرف أيضا بالزراعة المنتشرة في الكثير من مناطقه، حيث يزرع الفول والبطاطس والشعير والقمح".
ويلفت إلى أن "أبناء المنطقة يرحبون بأي سائح قادم إلى جبل صبر، ويحرصون على إكرام القادمين ويحترمونهم كثيرا"، كما أن لديهم "تقاليد مستمرة، فعندما نجني الثمار نقوم بتوزيع بعضها على السياح القادمين إلى جبل صبر كنوع من كرم أهالي المنطقة".
ومع الكثافة السكانية الكبيرة التي تتمتع بها مدينة تعز، بات ضجيج المركبات سمة سائدة، ما جعل الكثير من السكان يلجؤون إلى جبل صبر لأخذ قسط من الراحة والهدوء، إذ يحرص محمد علي، أحد سكان مدينة تعز، بشكل متكرر على الذهاب إلى الجبل في نزهة مع أصدقائه أو عائلته.
ويقول إن الجبل يتمتع بمميزات عدة جعلته متنفسا فريدا يجذب الآلاف من الزوار من تعز وخارجها.
ويضيف "يكثر زائرو الجبل في فصل الصيف، حيث تكون درجة الحرارة فيه منخفضة عن المدينة، والتي تشهد حينها ارتفاعا كبيرا يولد ضيقا لدى السكان، الذين لا يملكون أي مكيفات، بسبب انعدام التيار الكهربائي واعتماد الكثير منهم على الطاقة الشمسية".
ويتابع "نخرج من منزلنا بعد الغداء ونجلس في الجبل حتى المغرب، وأحيانا حتى وقت متأخر من الليل".
ويعتبر محمد علي "الجبل منطقة مهمة من حيث الهدوء الدائم والخضرة، إضافة إلى أنه مكان مناسب للبعد عن ضوضاء المدينة وصخبها".
ويلفت إلى أنه يفترض بالسلطات الحكومية أن تعمل على إنشاء متنزهات ومطاعم في الجبل، من أجل جذب المزيد من الزوار، سواء من تعز أو من خارجها.
ويشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، يزيد من تعقيداتها امتداداتها إقليمية، فمنذ مارس 2015 ينفذ تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.