تونس تسعى لإنعاش موسمها السياحي عبر استقطاب سياح أوروبيين

سوسة (تونس) - يحرس أيمن عبدالله شاطئا شبه خال في مدينة سوسة الساحلية شرق تونس مع بداية توافد بضعة سياح روس، على الرغم من خطورة الوضع الصحي بسبب جائحة كوفيد، لكن وفق أيمن "ضرورة العمل أقوى من الخوف من العدوى".
وتحاول تونس إنقاذ ما أمكن من موسمها السياحي الذي يواجه للعام الثاني على التوالي تراجعا كبيرا بسبب الجائحة.
ويقول أيمن الذي يعمل سباحا منقذا وقد وضع كمامة ونظارات شمسية، "إمّا العمل وإما الموت جوعا"، معربا عن ارتياحه لتمكنه من استئناف عمله إثر ثمانية أشهر من البطالة في قطاع السياحة الذي يواجه صعوبات متواصلة منذ نحو عشر سنوات.
وفي 29 أبريل فتحت البلاد مجالها أمام وكلاء السفر لجلب السيّاح من مختلف أنحاء العالم، بينما سجلت الوفيات جراء الوباء أرقاما قياسية خلال الأسابيع الفائتة وتشهد المستشفيات اكتظاظا ونقصا في الأكسجين، ما دفع السلطات الصحية إلى فرض إغلاق تام لأسبوع خلال فترة عيد الفطر.
ومنذ ذلك التاريخ تصل تونس نحو عشر رحلات أسبوعيا إلى مطار النفيضة شرق البلاد، ومن ثمة يُنقل السياح وغالبيتهم من الروس ومن أوروبا الشرقية إلى مناطق سياحية على غرار الحمامات وسوسة.
وبعد أن كانت أعدادهم قليلة مقارنة بالقادمين من غرب أوروبا، ساهم السياح من هذه الجنسيات منذ سنوات في إنقاذ المواسم السياحية في تونس، إثر الأزمات الأمنية التي مرت بها البلاد.
ففي العام 2015، وإثر هجوم مسلح استهدف سيّاحا في متحف باردو بالعاصمة ومنتجعا سياحيا في محافظة سوسة (قتل فيه 59 سائحا أجنبيا) شهد القطاع الذي يعد ركيزة للاقتصاد، أسوأ أزمة.
لكن التراجع الذي سببته الجائحة أعمق وأشد، فقد تراجعت المداخيل بنحو 54 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الفائت. ويصل التباين إلى أكثر من 60 في المئة مقارنة بعام 2019، إذ مثلت المداخيل 144 مليون يورو حتى تاريخ 10 مايو الحالي، مقابل 404 ملايين يورو قبل عامين.
يقول أيمن "عادة ما تكون الشواطئ ممتلئة بالسياح، لكنها اليوم مقفرة".
ووضعت السلطات الصحية بروتوكولا لا يسمح بإشغال يتجاوز 50 في المئة داخل الفنادق، ولكن غالبية المنشآت السياحية لا تتمكن من استقطاب هذه النسبة.
ويقول مساعد مدير أحد الفنادق في محافظة سوسة عادل مليح، "لا نحقق أرباحا بطاقة استيعاب في حدود 30 في المئة، يوظف هذا الفندق عادة بين 260 و270 عاملا، لكن هذا العام اقتصر على ما بين 110 و120".
وفي حين فرضت دول أوروبية قيودا مشددة على السفر، تحدى سيّاح من روسيا وأوكرانيا وتشيكيا وبولندا الوباء.
يقول السائح أندريه راديوكوف القادم من موسكو "لا يوجد الكثير من الدول التي يمكن أن نسافر إليها. أغلقت تركيا حدودها لذلك اخترنا تونس".
لم يتلق هذا السائح كما غالبية من وصلوا معه جرعتي اللقاح المضاد لكورونا، لأنه كما يقول "أصبنا بكوفيد قبل شهرين ولا نشعر بالخوف".
وانطلق الموسم السياحي في تونس وقد سجلت البلاد أكثر من 12 ألف وفاة بسبب الفايروس من مجموع سكان يناهز 12 مليونا، وعدد الذين تلقوا اللقاح لا يزال محدودا جدا.
ويؤكد مدير التسويق بفندق موفنبيك زياد المغربي "لا يكترث السياح من أوروبا الشرقية بمدى السيطرة على الجائحة... ركزنا العمل على هؤلاء السياح لأنهم لا يخشون السفر".
ويقول السائح البلغاري سيرافيم ستوينوفسكي، وهو طالب حقوق، "القيود ليست مشددة هنا مقارنة بدول أخرى... اخترنا تونس لهذه الأسباب. باستطاعتنا الخروج للتنزه وكذلك إلى المطعم وشرب قهوة حيثما أردنا".
ويشترط على السيّاح القادمين من الخارج استظهار نتائج تحليل سلبية للفايروس عند الوصول، في حين يُفرض على كل وافد من غير السيّاح أن يقضي فترة حجر صحيّ إلزامية تدوم من خمسة إلى سبعة أيّام على حسابه.
كما يخضع السيّاح القادمون إلى تونس ضمن رحلات منظمة لتحاليل فورية تشمل 10 في المئة من عدد ركاب الرحلة.
لكن خروج السياح من مكان الإقامة مقيّد، غير أنهم "باستطاعتهم المشاركة في رحلات تنزه تحت مراقبة وإشراف وكالات السفر لكي يتم تطبيق البروتوكول الصحي"، على ما يشدد المدير الجهوي للسياحة بسوسة توفيق القايد.
ولا أمل أمام البلاد كي يتم السماح للسياح بالتنقل بحرية أكبر سوى بتكثيف حملات التطعيم ضد الفايروس، في حين لم يتلق سوى 2 في المئة من التونسيين اللقاح.
ويضيف القايد "نتعلق بكل أمل" لتحقيق هدف استقبال مليون سائح هذا العام مقارنة بتسعة ملايين زاروا تونس في 2019.