تونس تستعد لإدراج مقدمة ابن خلدون باليونسكو

تستعد تونس لتقديم الملف المتعلق بـ"مقدّمة" العلّامة التونسي عبدالرحمن بن خلدون لليونسكو قصد تسجيله على لائحة ذاكرة العالم لدى المنظمة، وفي إطار ذلك نظمت اللجنة الدولية المكلفة بالملف جولة على "خطى ابن خلدون" زارت خلالها عددا من المعالم التاريخية في قلب المدينة العتيقة بالعاصمة التونسية.
تونس - تمهيدا لتسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة ذاكرة العالم لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، نظّمت اللجنة الدولية الداعمة لذلك جولة في قلب المدينة العتيقة بتونس العاصمة تحت عنوان “جولة على خطى ابن خلدون”.
وشملت الجولة التي قامت بها اللجنة الداعمة لتسجيل مقدمة العلّامة التونسي ابن خلدون (1332م - 1406م) في سجل “ذاكرة العالم” لدى اليونسكو، عددا من المعالم التاريخية بينها مكتبة مدينة تونس “دار بن عاشور” ومكتبة الخلدونية، إلى جانب زيارة المنزل الذي وُلد فيه ابن خلدون وترعرع والمدرسة القرآنية التي تلقى فيها العلّامة تعليمه في طفولته.
وقال عبدالحميد الأرقش، وهو المنسق العام للجنة الدولية لدعم تسجيل المقدمة في سجل “ذاكرة العالم” لليونسكو، “بدأنا أولى الخطوات لتسجيل مقدمة ابن خلدون على لائحة التراث العالمي لليونسكو كتراث إنساني مشترك لكلّ البلدان التي ساهمت في إعادة التعريف بابن خلدون بما فيها بعض الدول الغربية نذكر من ضمنها المدرسة الاستشراقية الفرنسية والإنجليزية”.
وكشف الأرقش في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات) أن ابن خلدون كتب “المقدّمة” على مراحل خلال رحلاته بين تونس حيث وُلد ونشأ والجزائر والمغرب ومصر، وأهدى منها نُسخا لأمراء هذه الدول، لذلك ظلّت آثار المقدّمة في عدة أماكن. وأضاف “عندما وقع الإقرار بأن ابن خلدون هو الأب العلمي والعقلي لعلم الاجتماع، تفطّن العرب أنهم يمتلكون في تراثهم منابع نهضتهم العلمية”.
وعن تأخّر تقديم هذا الملف رغم أن العمل عليه كان انطلق سنة 2017، قال الأرقش إن “الملف قُبِرَ من بعد تقاعده موفى 2017، ثم أعاد اليوم إحياء الملف”، مبينا أن تكوين ملف مشترك يندرج في سياق أن أفكار ابن خلدون موزعة ومتداولة في العالم وهي مدروسة أيضا ومترجمة، “لذلك أردناه تراثا عالميا مشتركا وعنوانا من عناوين نقد الواقع الأليم للعولمة العنيفة التي فرّقت الشعوب”. وبحسب عبدالحميد الأرقش، فإن أقدم مخطوط لمقدّمة ابن خلدون يوجد حاليا في تركيا التي استحوذت عليه أثناء التوسع العثماني في مصر.
وقصّ المؤرّخ عبدالستار عمامو الذي رافق الزوّار في جولتهم “على خطى ابن خلدون”، بعضا من الأحداث التي عاشها عبدالرحمن ابن خلدون، حيث ذكر بالخصوص أن ابن خلدون قدم أهله من الأندلس إلى تونس في العهد الحفصي أي فترة حكم مؤسس الدولة الحفصية أبوزكرياء يحيى الحفصي الذي كان حاكما على إحدى مناطق إشبيلية في الأندلس قبل قدومه إلى تونس وتأسيس الدولة الحفصية.
وأشار عمامو إلى أن عائلة ابن خلدون لم تجد صعوبة في الاندماج بتونس وأصبحت من الأعيان والمقرّبين من السلطان الحفصي أبوزكرياء يحيى الحفصي، فقد كان من أفرادها قضاة في بلاد الأندلس ومقرّبون من هذا السلطان منذ أن كان حاكما في إشبيلية قبل القدوم إلى تونس وتأسيس الدولة الحفصية. وذكر عمامو أيضا أن عائلة ابن خلدون استقرّت بالقرب من جامع الزيتونة وكانت مقرّبة من السلطان الحفصي.
ويروي المؤرّخ التونسي أن ابن خلدون وُلد في اليوم الأول من شهر رمضان سنة 732 هجري الموافق لـ27 مايو سنة 1332 ميلادي، وقد تلقّى تعليما في طفولته من قبل والدته ثم التحق في سنّ صغيرة بالمدرسة القرآنية المحاذية لمنزله. وأكد أن هذا العلّامة استوفى جميع الدراسات والعلوم التي تلقاها في تلك الفترة وهو في سنّ السابعة عشرة من عمره ممّا أهله للعمل في الديوان الأميري للدولة الحفصية.
وعن لقب العلّامة، لاحظ عمامو أن هذا المصطلح الذي لُقّب به ابن خلدون يعود إلى كونه كان يضع العلامات والخواتيم على القوانين بعد أن كلّفه بها أمير الدولة الحفصية، لذلك جاءت كلمة “العلّامة” من وظيفته التي يقوم بها في الديوان الأميري للدولة وهي وضع العلامات والخواتيم على النصوص القانونية.