تونس تحظر التداول الإعلامي في قضايا أمن الدولة لضمان سرية التحقيقات

تونس – قرر القضاء التونسي منع تغطية وسائل الإعلام السمعية والبصرية قضيتين متهم فيهما شخصيات معارضة بارزة متهمة بالتآمر على أمن الدولة في الأشهر الأخيرة، وذلك للحفاظ على سرية التحقيقات الجارية، بعد تسريب وثائق الأبحاث عبر المنصات الإعلامية.
وذكرت الناطقة الرسمية باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب حنان قداس لوكالة تونس أفريقيا للأنباء "أصدر قاضي التحقيق الأول بالمكتب 36 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قرارا يمنع بمقتضاه التداول الإعلامي في قضيتي التآمر على أمن الدولة المتعهد بهما".
ونقلت الوكالة عن قداس قولها إن الأمر يتعلق فقط "بوسائل إعلام سمعية بصرية وليس كلها ويرمي إلى الحفاظ على حسن سير الأبحاث وسرية التحقيق وحماية المعطيات الشخصية للأطراف موضوع البحث حسب نص القرار".
وجاء منع التداول الإعلامي في قضايا أمن الدولة بعد أن بات البعض يروج عبر تلك المنابر معطيات ومعلومات بهدف تشويه صورة القضاء التونسي وارباك سير التحقيقات الجارية، إلى جانب تسريب محاضر بعض جلسات التحقيق مع المتهمين دون معرفة حيثيات القضية.
ولطالما استضافت وسائل الإعلام في تونس أعضاء من هيئة الدفاع عن المتهمين في قضايا أمن الدولة، وشخصيات سياسية معارضة للرئيس قيس سعيد وكانت التصريحات تصبّ كلها في أن القضاء مسيّس وأن ملفات القضايا خالية من قرائن إدانة، وهي محاولات لتشكيك في استقلالية القضاء، من وراء ذلك اتهام سعيد بتصفية حساباته مع معارضيه.
ورغم أن قرار منع التداول الإعلامي من شأنه أن يعزز قلق الصحافة في تونس من التضييق على حرية تداول المعلومات، حيث تواجه السلطات انتقادات متكررة بمنع انسياب المعلومات من مؤسسات الدولة إلى وسائل الإعلام، إلا أنه يضمن محاكمة عادلة للمتهمين بعيدا عن التأثيرات الخارجية.
وأمر قضاة تونسيون بسجن أو فتح تحقيقات مع أكثر من 20 شخصية سياسية وقضائية وإعلامية وتجارية تربطها علاقات مع المعارضة خلال الأشهر القليلة الماضية، متهمين بعضهم بالتآمر ضد أمن الدولة.
ومن بين المتهمين الموقوفين حاليا في هذه القضية زعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي الذي صدرت في شأنه مذكرة إيداع بالسجن الأسبوع الماضي في قضية الجهاز السري التي قدمتها ضده هيئة الدفاع عن المعارضين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، الذين تم اغتيالهما في عام 2013.
ونددت أحزاب المعارضة الرئيسية بإلقاء القبض على تلك الشخصيات ووصفتها بأنها ذات دوافع سياسية، بينما طلبت جماعات حقوقية من السلطات التونسية إطلاق سراح المحتجزين.
ولم تعلق وزارتا الداخلية والعدل على حالات الاحتجاز حتى الآن.
ويصف الرئيس سعيد الموقوفين بأنهم إرهابيون ومجرمون وخونة، وقال إن القضاة الذين يطلقون سراحهم سيتم اعتبارهم متواطئين معهم.
مدد القضاء التونسي، السبت، الحبس الاحتياطي لرئيس الوزراء السابق علي العريض، لمدة أربعة أشهر في قضية التسفير إلى بؤر التوتر، وفق هيئة الدفاع عن العريض.
ويشغل العريض منصب نائب رئيس حركة النهضة، وسبق أن تولى رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية.
وفي ديسمبر الماضي، أصدر قاضي التحقيق قرارا بسجن العريض بعد عدة جلسات تحقيق حول تسفير شباب تونسيين إلى بؤر التوتر.
وقالت هيئة الدفاع إن ملف القضية لا يتوفر على أي إدانة للعريض، وإن قاضي التحقيق اكتفى بسؤاله عن تصريحات أدلى بها، ومواقف سياسية عبر عنها، وقرارات إدارية اتخذها عندما كان وزيرا للداخلية سنة 2013.
وقرّر قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب، الجمعة ، الابقاء على رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي بحالة سراح في إطار التحقيقات الجارية في قضيّة "التآمر على أمن الدولة".
وقال المحامي سمير ديلو في تصريحات إعلامية إن استنطاق الشابي دام قرابة الدقيقة ونصف وتمحورت الأسئلة أساسا حول لقاء مع السفير الايطالي والسفير التركي ومراسلات مع الموقوف خيام التركي.
وبيّن ديلو أن الشابي امتنع عن الاجابة عن أسئلة قاضي التحقيق مكتفيا بكلمة حول الاطار السياسي للقضية والنضال المدني السلمي.
وأشار ديلو إلى أن جلسة التحقيق جدت بها طرفة تتمثل في أن الشابي الذي يمثل بصفة متهم في القضية يطالب في آخر الجلسة بالإفراج عن بقية الموقوفين في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة.
وقال الشابي (78 عاما) للصحافيين قبل مثوله أمام قاضي التحقيق إنّ تهمة العمل على تغيير هيئة الدولة التي وجهت لعدد من السياسيين الموقوفين بالسجون هي ''تهمة واهية'' مادام العمل يتم بشكل سياسي مدني لا عنف أو سلاح فيه.
وتتهم المعارضة سعيد بتنفيذ انقلاب لحله البرلمان في 2021 وممارسة الحكم بمراسيم وصياغة دستور جديد تم إقراره العام الماضي بنسبة مشاركة منخفضة بهدف الاستئثار بسلطات شبه مطلقة.
ويقول المعارضون إنه فكك النظام الديمقراطي الذي جرى تدشينه بعد ثورة عام 2011 التي صاحبتها كذلك حريات إعلامية لا مثيل لها في أي بلد عربي اعتادت خلالها الصحافة على بث انتقادات للحكومة.
ونفى سعيد قيامه بانقلاب قائلا إن كل الإجراءات التي اتخذها قانونية وكانت ضرورية لإنقاذ تونس من الفوضى والفساد.