تونس القديمة تتزين باحتفالية "ضوي المدينة"

أجواء رمضانية تبرز جمال المدينة القديمة في تونس.
الاثنين 2023/04/10
تاريخ عريق

تحاول احتفالية “ضوي المدينة” إظهار جمال المدينة القديمة في تونس، بجمع العروض الضوئية والموسيقى والرقص، وتنشيط الحركة التجارية والتعريف بمعالم المدينة الراسخة في وجدان كل التونسيين.

تونس - تلوّنت أزقة المدينة القديمة في تونس العاصمة، وتحول ليلها إلى نهار بأضواء عروض احتفالية “ضوي المدينة” الرمضانية في دورتها الثانية.

تلك الاحتفالية نُظمت بمبادرة من وزارة السياحة، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والوزارة الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، بين الحادي والثلاثين من مارس الماضي والثامن من أبريل الجاري.

وتحظى المدينة القديمة بمكانة حضارية مميزة، لتمتعها بتاريخ يعود إلى عام 698 ميلادي، وهي تقع فوق ربوة تطل على البحر المتوسط وتمتدّ على نحو ثلاثة كيلومترات.

لذلك تتواجد حركية لافتة طوال شهر رمضان، وتستثمر بلدية تونس والديوان الوطني للسياحة التوافد الكبير للمواطنين لإنجاح هذه التظاهرة.

والاحتفالية التنشيطية جمعت بين العروض الضوئية والموسيقى والرقص، وهدفت إلى تنشيط الحركة التجارية والتعريف بمعالم المدينة العتيقة.

مقاطع مصورة سلطت الأضواء على عراقة المعالم التاريخية والأثرية داخل "المدينة العربي" كما يسميها التونسيون

وبدأ العرض الضوئي على حائط قوس “باب بحر” أو “قوس النصر” و”الباب الكبير” الفاصل بين الجهة الجنوبية للمدينة العتيقة ونظيرتها الجديدة بالعاصمة، وتحول الخارج إلى شاشة عرض تجتذب الزوار والساهرين.

وفي تونس القديمة، يجب على كل من يأتي من “باب البحر” أن يمر من أمام جامع الزيتونة العريق، كما أن القادمين من “باب الجزيرة” أو “باب الصبّاغين” ستسوقهم أقدامهم حتما إلى جامع الزيتونة، وهذا النهج يعج بالمارة والمتسوقين والمصلين على مدار الساعة.

وتم عرض مقاطع مصورة سلطت الأضواء على عراقة المعالم التاريخية والأثرية داخل “المدينة العربي” كما يسميها التونسيون، وبينها مقاطع مصورة وصور لجامع الزيتونة وقصور البايات والمراكز الثقافية والمساجد الأثرية وغيرها من المعالم.

وعلى طول مسار الاحتفالية من الشارع الرئيس في العاصمة حتى جامع الزيتونة، مرورا بكنيسة الصليب المقدس (سانت كروا)، تجمع المئات من التونسيين والتونسيات لمشاهدة عرض “الإسطمبالي” الراقص، وهو يجمع بين عزف على آلات موسيقية وارتداء ملابس ورقص أفريقي. ورقصة “بوسعدية” على أنغام “الإسطمبالي” تروي قصة رجل تعرضت ابنته للسبي، فرحل يبحث عنها بإطلاق إنشاد موجع وهو متخف بقناع وملابس خاصة، وباتت فيما بعد موسيقى فولكلورية تسجل حضورها في مختلف المهرجانات التونسية.

و”سانت كروا” هي كنيسة كاثوليكية تم بناؤها عام 1662، وجرى ترميمها وتوسعتها في 1848 بأمر من أحمد باي بن مصطفى، قبل وصول الاستعمار الفرنسي إلى تونس (1881 - 1956).

ومرت الجولة الاحتفالية، خلال مسارها، بسوق الصناعات التقليدية والمقاهي القديمة وهي وجهة لسكان العاصمة وضواحيها والمئات من السائحين، خاصة خلال شهر رمضان المبارك الذي ترافقه حركة كبيرة في نحو أربعين سوقا لأنشطة تجارية مختلفة.

الجولة اكتملت في ساحة المحكمة القديمة (التريبينال باللغة الفرنسية) أمام قصر خيرالدين باشا، الذي شيّد بين 1860 و1870، حيث قدم المنظمون عرضا راقصا قصيرا لاقى استحسان المتابعين في جنبات الساحة.

وقال ممثل اللجنة المنظمة للاحتفالية كريم الرمادي للأناضول “للسنة الثانية اخترنا شهر رمضان لتنظيم التظاهرة الثقافية والفنية التي ساهمت في حركية تجارية وسياحية في أسواق المدينة العتيقة، وللتعريف بمعالم المدينة الحضارية والثقافية”.

وتابع الرمادي أن “وزارة السياحة حريصة على تقديم كل الدعم من خلال هذه التظاهرة وتظاهرات مشابهة لترسيخ العلاقة بين التونسيين وزوار البلاد مع الموروث الثقافي ببلدنا، فضلا عن خلق أجواء مميزة ترافق شهر رمضان الكريم كل سنة”.

وتكتسب المدينة القديمة في تونس مكانة خاصة لدى أبنائها، ويأتي الزوار من أنحاء تونس إليها ليطلعوا على تراث أجدادهم، فالجيل الجديد ليست لديه أدنى فكرة عن طريقة عيش آبائه وأجداده من قبل، ويحاول أهل المنطقة أن يعلموه ويعطوه فكرة عن طرق العيش في السابق.

ويقتصر النشاط في المدينة القديمة ليلا على شهر رمضان، حين يتوجه إليها التونسيون للسهر.

وقد أسهمت مشاريع أقيمت أخيرا، بينها دور ضيافة وفضاءات للعروض الفنية مع ورشات فنية بمشاركة مدارس، في كسر نسق الحياة الروتيني في المدينة.

وتحتوي المدينة على المئات من المعالم التاريخية ونحو 20 سوقا تقليدية لبيع سلع متعددة، بينها الذهب والقماش والحرف والجلد والعطورات. وأدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم “اليونسكو” على قائمتها للتراث العالمي سنة 1979.

18