تونسيون يزينون الأحذية البالية

الفريق يستلهم أفكاره من الثقافة التونسية والحضارات التي تعاقبت على البلاد، كما أنهم منفتحون على ثقافات العالم.
الجمعة 2025/01/10
فلسفة وفن التجديد

يعمل فريق من الشباب التونسيين على تجديد وتصميم الأحذية القديمة بشكل جديد ومتقن، مما يسمح بإعادة استخدامها بدلا من التخلص منها. ويهدف مشروعهم إلى تقديم حلول اقتصادية ومستدامة لزيادة عمر الأحذية، مع الحفاظ على الطابع الشخصي والابتكار في التصميمات.

تونس - في ضاحية حلق الوادي شمال العاصمة تونس، تدب الحركة في ورشة كبيرة لإصلاح الأحذية القديمة، حيث ينهمك الشباب في إعداد تصاميم جديدة لها بدلا من رميها في حاويات القمامة.

صاحب الفكرة الشريف الزروي، الذي وجدناه يتابع أعمال فريقه في الورشة بكل انتباه، تحدث عن مشروعه قائلا “جاءتني الفكرة أثناء دراستي الجامعية التي أنهيتها عام 2021، فقلت لم لا أفتح مشروعا في مجال تصميم الأحذية والجلود.”

الزروي مصمم منتجات والشريك المؤسس في شركة “كان أنت” (إلا أنت)، أوضح أن أصل الفكرة يعود إلى دراسته بالمرحلة الثانوية، خاصة بعد مشاركته في برنامج نظمته شركة موضة، حيث عمل على تزيين أحذية رياضية. وتابع “نال عملي رضا لجنة تقييم المشاريع المنجزة من الطلاب في البرنامج، وشجعتني اللجنة على خوض التجربة.”

قال “كانت فكرة الورشة مستوحاة من مشروع تخرجي، حيث قمت بتصميم حذاء رياضي.” وأضاف “لقد فوجئت بإعجاب اللجنة بتصميمي، خاصة أنني استلهمت العمل من التراث البربري الذي أعتز به، إذ أنني من مدينة مطماطة البربرية.”

وتابع قائلا “بما أنني غير قادر على تأسيس مشروع لصناعة الأحذية بسبب التكلفة العالية، قررت إعادة تصميم الأحذية القديمة لتناسب القدرة الشرائية للتونسي، وبالتالي بدلا من التخلص منها، أستطيع منحها حياة جديدة بشكل مبتكر.”

حح

وقال “طرحت فكرة المشروع على شريكي محمد أنور حسانة وناقشنا الموضوع وبدأنا العمل في المنزل.” وأضاف “أمام النجاح الذي تحقق بإقبال الشباب على منتوجنا الذي أشهرناه عبر صفحة فيسبوك، فتحنا فرعا للشركة في حلق الوادي.”

وأردف “مع تزايد الطلب على خدماتنا في تجديد الأحذية وتصميمها وإعادة تدويرها، توسع الفريق من شخصين إلى 10، بينهم طلبة ومختصون في الصباغة والتصميم وتجديد الأحذية والأقمشة، وشيئا فشيئا يتوسع فريقنا حسب طلبات السوق.”

وعن خدمات الشركة، قال الزروي “من بين الخدمات التي نقدمها إعادة تزيين الأحذية بالرسومات وتغيير الألوان.”

وأكمل “خدمة الرسم على الأحذية تنقسم إلى عدة مواضيع منها اختيار الحرفيين لموضوع معين عن الموسيقى أو الرياضة أو غيرهما، أو يطرحون موضوعا تفصيليا يتعلق بالفريق الرياضي المفضل أو قصة شعر.”

وبيّن الزروي أن بعض الحرفيين يطرحون قضية فلسفية أو تصميما بشأن قضية ثورية مثل القضية الفلسطينية. وتابع “عملنا على القضية الفلسطينية باعتبارها قضية تهز ضمير العالم أمام الانتهاكات الإسرائيلية، ورسمنا رقصة أصحاب الأرض في غزة، والثائر الهندي بالرقصة المعروفة.” واستطرد الشاب التونسي “كما عملنا على شخصيات رياضية وثقافية وأخرى عالمية.”

وعن المصادر التي يستلهمون منها أعمالهم، قال الزروي “نستلهم أفكارنا من الثقافة التونسية والحضارات التي تعاقبت على البلاد، ونحن منفتحون على ثقافات العالم أيضا.” وأضاف “هذا التنوع أفادنا كفريق وأفاد الحرفيين في اختيار تصاميم يجدون فيها ذاوتهم، ويعبرون عن أفكارهم من خلال المنتوجات.”

حح

وبخصوص دلالة اسم المشروع، قال الزروي إن الاسم “كان أنت” يدل على أن “المنتوج يخص مشتريا بذاته ولا يمكن أن تجده في مكان آخر، والحذاء لا يمكن أن يستعمله إلا أنت لأنه مصمم لك أنت فقط.”

وزاد “عبارة ‘كان أنت’ سهلة النطق في اللهجة التونسية ويمكن فهمها بسهولة في أي مكان، وتعبّر عن فكرة المشروع وهي إفراد منتوجات جلدية معينة لشخص واحد.”

وبشأن خلفية المشروع، قال الزروي “أنا وشريكي لم ننتظر أن تشغلنا الدولة، وعندما ناقشنا الفكرة لم نبحث عن وظيفة في الدولة، بل كنا مبادرين ذاتيين عولنا على أنفسنا فابتكرنا فكرة جديدة.” وأضاف “نجحنا أيضا بفضل الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي التي توفر لك إشهارا مجانيا وطرق تسويق مجانية.”

وقالت يسرا عاملة بشركة “كان أنت”، “عندما يُعرض عليّ حذاء وأراه أقول هذا الحذاء كان سيكون مكانه القمامة، وعندما أجدده أفرح كثيرا بما أنجزته يدي وأشكر نفسي ثم أشكر ‘كان أنت’ لأنها وفرت فرصة لي ولغيري لنقدم أشياء جميلة ونظهر مواهبنا، نقدم منتوجا جيدا وفريدا.”

وبذلك يقوم فريق العمل بإعادة تدوير الأحذية وإدخالها في السوق الاستهلاكية مجددا، مما يحول دون أن ينتهي بها الأمر في مكبات النفايات، وهو ما يمثل تهديدا كبيرا للبيئة.

وشجع الزروي شباب تونس على المبادرة الذاتية “فأي شاب له فكرة أو مختص في أي اختصاص تقني أو تجاري يمكن أن يبدأ مشروعه في منزله بأبسط الأدوات ويمكن أن يعمل بالهاتف الجوال.”

وأشار إلى أن عددا من الأشخاص في تونس والعالم بدأوا مشاريعهم الكبيرة بفكرة صغيرة نشروها على الفيسبوك.

حح

Thumbnail
18