تونسيون يتعلمون تقنيات تسلق الجبال في القاعات

"قاعة كليمبين" تعد أول قاعة لتدريب هواة رياضة التسلق في تونس.
الأربعاء 2022/06/01
ضبط النفس والمزاج

تونس – رغم صعوبتها ومخاطرها باتت رياضة تسلق الجبال المستحدثة في تونس تستهوي الكثير من محبي المغامرات وتحدي الصعاب في هذا البلد العربي، مثلما الحال في عدد من دول العالم التي عرفتها منذ عقود.

تلك الرياضة التي قطعت أشواطا كبيرة في عدة بلدان، وأصبحت لها تقاليد ورواد، تعد حديثة العهد في تونس، ويعود تاريخ انتشارها فيها إلى بضع سنوات، كما أن هواتها كانوا يتدربون بشكل منفرد في السابق قبل أن يفكروا في إحداث فضاء يسمح لهم بذلك.

“قاعة كليمبين” تعد أول قاعة لتدريب هواة رياضة تسلق الجبال في تونس، إذ تم تأسيسها منذ عامين، ويمكن من خلالها معرفة أسس تلك الرياضة والطريقة المثلى لممارستها.

تسلق الجبال رياضة تتطلب القوة والمرونة في آن واحد إضافة إلى تركيز عال لمعرفة الطريق الأكثر سهولة بدقة

وعن تلك القاعة قال أنطوان تيسيا مساعد مديرها إن “فكرة إنشاء قاعة لهذه الرياضة كانت نابعة منذ سنوات من قبل مجموعة من هواة تسلق الجبال في تونس ومن كانوا يمارسون هذه الهواية في الجبال المجاورة للعاصمة على غرار جبل الرصاص بولاية بن عروس وجبل زغوان (وسط)”.

يذكر أن رياضة تسلق الجبال ظهرت في منتصف القرن الثامن عشر ومع مع بداية عقد الستينات من القرن العشرين شهدت كثيرا من التغيرات شكلت تحدياً أكبر للمُتسلقين، كما تم إدخال استخدام المُساعدات الاصطناعية المُتمثلة بالأدوات الحديثة لتسلُق الجبال، وظهرت فيها أنماط عديدة تتمثل في المشي على المُنحدرات الصخرية الحادة والخطِرة بالإضافة إلى السير على طول التلال المُرتفعة التي تحتوي على العديد من النتوءات الصخرية.

ويستخدم المُتسلقون في طريقهم إلى القمم الجبلية مجموعةً من التقنيات الحركية المُصممة لمُساعدتهم أثناء التسلُق؛ حيث يتوجب عليهم تعزيز مهاراتهم وأسلوبهم الحركي وتحسينه من خلال تعلُم مبادئ الحركة والتوازن.

واشتهر العديد من متسلقي الجبال التونسيين منهم الشابة أروى مراد التي تمكنت من من صعود قمة جبل كليمنجارو، التي تعتبر أعلى قمة في القارة الأفريقية.

كما وصلت أميمة طراد، أصغر وأول تونسية وعربية إلى قمة جبل أرارات، وهو أعلى جبل في تركيا بارتفاع يصل إلى 5137 مترا عن سطح الأرض.

وقبلهم وفي سنة 2016 نجح الطاهر المناعي في تسلق قمة إيفرست وتثبيت علم تونس ليكون الثاني بعد المئة الذي يصل إلى هذه القمة التي تبلغ نحو تسعة آلاف متر.

رغم صعوبتها باتت هذه الرياضة تستهوي الكثير من محبي المغامرات
رغم صعوبتها باتت هذه الرياضة تستهوي الكثير من محبي المغامرات

هؤلاء ومعهم الشاب نضال جابر الذي تسلق أعلى القمم الجبلية الأربع في تونس لفائدة مرضى السرطان وصلوا إلى مبتغاهم بالتدريبات الفردية التي تعتمد على إمكانيات بسيطة قبل أن يكون هناك اهتمام بتقنيات هذه الرياضة في القاعات.

وقال تيسيا إن “البداية كانت بإحداث قاعة صغيرة لا تتجاوز مساحتها بضعة أمتار وكانت مجهزة بالأدوات والأجهزة التي ستساعدهم في نشاطهم الرياضي”.

وتابع “القاعة تضم فضاءين، الأول مخصص للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و13 عاما، وفضاء ثان لمن هم بين 16 و50 عاما”.

ولفت إلى أن “رياضة التسلق بدأت في العالم منذ خمسينات وستينات القرن الماضي، حينها كان المتسابقون يعتمدون على بعض الصخور والمرتفعات الأقل علوا قبل التوجه إلى الجبال الشاهقة التي يصل ارتفاعها إلى 20 و30 مترا وكان ذلك بالاستعانة بحبال تمنعهم من السقوط”.

وزاد أن “أسبابا مناخية كانت تمنعهم في عدة مناسبات من الاستمتاع برياضتهم الخطيرة التي كانت تحول دون تمكنهم من التدرّب وهو ما أدى بهم إلى التوجه إلى قاعات مجهزة ومخصصة للتدريب”.

من الممكن أن تكون تونس وجهة سياحية جاذبة للمولعين بمغامرات تسلق الجبال واكتشاف المغاور لتنوع تضاريسها من الجبال إلى الصحراء والبحر

وأردف “هكذا كانت نشأة هذه الرياضة بالخارج إلى أن اعتمدت كمسابقة في الألعاب الأولمبية التي أقيمت في طوكيو 2021”.

وأكد أنّ “التسلق رياضة تتطلب القوة والمرونة في آن واحد إضافة إلى تركيز عال لمعرفة الطريق الأكثر سهولة بدقة، بهدف الوصول إلى قمة الجبل”.

ووفق تيسيا، فإن “تونس تضم طاقات شابة تهوى الصعود إلى القمة”.

وتنطوي ممارسة رياضة تسلق الجبال على عددٍ من الفوائد الصحية والنفسية، حيث قال نادر التونسي وهو مهندس إن “التسلق رياضة تمكن الأطفال من تخفيف الضغط خاصة مع فترة الامتحانات”.

وأضاف أنه “بالنسبة إلى كثير منا يعتبر التسلق نشاطا جديدا لم نكن معتادين عليه كما أن الفضاء هنا ملائم لممارسة هوايتنا”.

وتابع “نعتبر هذا التدريب تسلقا نحو القمة وتحديا يوميا للذات يتمكن من خلاله الطفل أو الشاب من اكتشاف قدرته واكتساب ثقة بأنه قادر على الصعود رغم كل العقبات التي تعترضه وهو ما يساعده في حياته اليومية لاسيما في دراسته”.

من جانبه قال راغب ورغلي وهو مدرس موسيقى “نحن مجموعة من الأصدقاء جئنا إلى هذا النادي رغبة منا في القيام بتجربة ونشاط رياضي جديد بدلا من قضاء أغلب الوقت في المقاهي”.

وأضاف “شاركنا في هذه القاعة وتمكنا من عبور مستويين وما زالت أمامنا تحديات أخرى فهي رياضة تتطلب تركيزا كبيرا”.

ومن الممكن أن تكون تونس وجهة سياحية جاذبة للمولعين بمغامرات تسلق الجبال واكتشاف المغاور لتنوع تضاريسها من الجبال إلى الصحراء والبحر ولا تحتاج إلا إلى حملات تسويقية للشباب المحبين للسياحة البيئية.

18