تنسيق صناعي عالمي لإنتاج أجهزة التنفس

أرغمت جائحة كورونا عالم الصناعة على توحيد الجهود وتوجيه خطوط الإنتاج نحو مكافحة الوباء، حيث تم إعلان حالة تأهب قصوى على مستوى أغلب أقطاب الصناعة لتخفيف الأعباء على القطاع الصحي والمساعدة في إنتاج الأجهزة الطبية.
باريس - تتسابق الشركات الصناعية الكبرى لتسخير جهودها لتصنيع أجهزة الطبية والأقنعة الواقية لتساهم في معركة وباء كورونا الذي بات يهدد مستقبل وجودها وجميع أركان الاقتصاد العالمي.
وتحاول شركات التصنيع في أنحاء العالم جاهدة تحوير خطوط الإنتاج لتلبية الطلب غير المسبوق على أجهزة التنفس الاصطناعية، في ظل عدم قدرة المستشفيات على التعامل مع الأعداد الهائلة من المصابين.
وإلى جانب النقص في الأقنعة والقفازات، أبرز انتشار كوفيد-19 في كل زاوية من زوايا العالم تقريبا، الحاجة الماسة إلى أجهزة متخصصة تساعد المصابين على البقاء على قيد الحياة.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى كيران ميرفي رئيس جنرال إلكتريك هيلث كير، قوله “مع تفشّي الوباء في العالم، ثمّة طلب غير مسبوق على المعدّات الطبية، بما في ذلك أجهزة التنفس الاصطناعي”.
وقد وظّفت المجموعة المزيد من العمال وهي تعمل الآن على مدار الساعة. وتخطط الشركة الفرنسية أير ليكيد في أبريل لزيادة إنتاج تلك الأجهزة من 500 إلى 1100 شهريا.
وقالت مجموعة غيتينغي السويدية في بيان إنها تعمل على زيادة الإنتاج لتلبية النموّ الهائل في الطلب على هذه المعدّات في أنحاء العالم، وأن كل المعدّات التي تستخدم عادة للتدريب أو في المعارض، ستوفّر للزبائن بشكل فوري.
وأعلنت شركة دراغر، عملاق التكنولوجيا الطبية الألماني أنها ضاعفت إنتاج أجهزة التنفس الصناعي، في حين حصلت لوفنشتاين على طلبية حكومية تشمل 6500 وحدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وكانت لوفنشتاين قد ضاعفت أيضا إنتاجها منذ فبراير بسبب الطلب الكبير على هذه الأجهزة من الصين بالتزامن مع ذروة انتشار الفايروس.
وزاد انتشار الوباء من الحاجة إلى عمالة إضافية لمواجهة تزايد الطلب، حيث تبحث الشركات تشغيل عدد كبير من الموظفين لتلبية الحاجيات جرّاء حالة الطوارئ الصحية.
وقال مسؤولون فرنسيون إن جائحة كوفيد-19، ألقت بثقلها على المستشفيات حيث أصبحت بعض وحدات العناية المركزة مليئة بالمرضى، محذّرين من أنها معرّضة لخطر نفاد المعدّات الأساسية.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، بحثت الجمعية الإيطالية لأطباء التخدير وموظفي وحدة العناية المركزة في سنّ، متشددة لقبول المصابين.
وقد لجأ قادة العالم إلى المجموعات الصناعية التي لديها الدراية اللازمة والقدرة على مساعدة المستشفيات.
وغرّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تويتر، معطيا الضوء الأخضر لشركات فورد وجنرال موتورز وتسلا للمساعدة في تعزيز إنتاج أجهزة التنفس الاصطناعي.
وقام ترامب بتفعيل قانون الإنتاج الدفاعي الصادر عام 1950 خلال الحرب الكورية، والذي يتيح للإدارة الأميركية تسخير القطاع الخاص وكبرى الشركات لتصنيع وإنتاج كل ما تطلبه الدولة بما في ذلك الحاجات المدنية. وأمر شركة جنرال موتورز بتصنيع ما يقارب 100 ألف جهاز تنفس في أسابيع قليلة.
وقالت مجموعة بيجو سيتروين الفرنسية إنها تبحث “بجدية كبرى في إمكان” الانضمام إلى الشركات التي تصنع تلك الأجهزة الطبية.
وقد تكون الابتكارات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد مفيدة أيضا، حيث وضعت شركة أولتيمايكر الهولندية مراكز الطباعة والخبراء والمصممين تحت تصرّف المستشفيات.
وفي شرق فرنسا المتضرّر بشدة جراء فايروس كورونا، يعمل مشغل في جامعة بلفور مونبلييه على أساس التعاون المفتوح، لإنتاج نموذج أولي لجهاز تنفس اصطناعي.
وقال مدير مختبر “كرانتش لاب” أوليفييه لاموت إنه “في حال الأزمات، أي مساهمة يمكن أن تساعد كثيرا”.
وأضاف “خلال الأيام القليلة الماضية، قال المتخصصون في أنحاء العالم إننا في حاجة إلى طباعة أجزاء لأجهزة التنفس الاصطناعي والأقنعة الواقية، ودورنا هو اختبارها والتأكد من أنها تعمل”.
وأشار أوليفييه دو كوك الرئيس السابق للاتحاد الفرنسي لأطباء التخدير وموظفي وحدة العناية إلى وجود حاجة ماسّة إلى الموظفين ومعدّات الحماية أكثر من الأجهزة.
وأوضح أنه في وحدة العناية المركزة، من الشائع وضع المصابين بفايروس كورونا على بطونهم، وهو أمر يتطلب خمسة أشخاص.
ولفت إلى أن المستشفيات تحتاج “إلى موظفين ومستلزمات لحماية هؤلاء العاملين”، خصوصا أقنعة ونظارات واقية”.
ودفع انفجار الطلب على أجهزة التنفس الدول المتضررة من الفايروس إلى البحث عن حلول مبتكرة لمواجهة تضاعف الحاجة للخدمات الصحية ما يدفع بمصنعي التجهيزات الطبية على تطوير عملهم.